حديث المدينة على أعتاب التدويل..!! عثمان ميرغني بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الاعتصام أمام مقر حكومة ولاية نهر النيل بمدينة الدامر.. باتت قضية المناصير على بعد شبر واحد من التدويل الكامل.. وحتى اللحظة أصدقكم القول أنني شخصياً فشلت في فهم القضية.. تابعت الحوار الذي أجرت قناة النيل الأزرق مع والي نهر النيل الفريق الهادي عبدالله.. وسمعته كفاحاً يقول إنه يتفق مع كل مطالب المناصير (المشار إليهم بأصحاب الخيار المحلي).. وأن المطلوبات التي تليه في الولاية هو جاهز لتنفيذها.. أما الأخرى المرتبطة ب(المركز!!).. فهو –أي الوالي- مستعد لمصاحبة وفد من المناصير لمقابلة السيد رئيس الجمهورية بشأنها.. وتلاحظون أني وضعت كلمة (المركز!!) بين قوسين لأن والي نهر النيل استخدمها مراراً في حديثه بصورة أوحت لى أنه محرج جداً من الإشارة إلى الجهة الحقيقية التي يجدر الحوار معها حول هذه المطالب فاستعاض عنها بكلمة (المركز). إذا كان للمناصير مطالب محددة ومشروعة ومعلومة للجميع.. وإذا كانت الحكومة تتفق معهم على عدالة مطالبهم لدرجة أن والي نهر النيل جاهز للسفر مع وفد من المعتصمين لمقابلة رئيس الجمهورية.. إذن أين المشكلة؟؟ صدقوني هنا تكمن المشكلة!! سأكشف لكم سر المشكلة.. !! المشكلة تتلخص في محورين.. الأول.. الحكومة تعتقد أن الاستجابة للمناصير- حتى ولو كان معهم كل الحق- يفتح عملياً (باب الحقوق).. وهو باب يخفي قوم يأجوج ومأجوج خلفه.. فهناك كثيرون مغبونون.. ينظرون بكل حسد للمناصير وهم يسحبون الأضواء لقضيتهم ويشكلون ضغطاً متزايداً على الحكومة.. وهؤلاء الآخرون ينتظرون نتيجة مباراة (المناصير– الحكومة) ليلعبوا هم في الدور الثاني إذا نجح المناصير في كسب المباراة.. وتعتقد الحكومة (ويا لخطورة هذا الاعتقاد) أنه حتى ولو كان ما من الاستجابة لمطالب المناصير بدّ.. فالأفضل أن تأتي الاستجابة بأقصى وأقسى ثمن.. بعد أن يدرك الآخرون أن كل من يفكر في اعتصام آخر.. عليه الاستعداد بموؤنة شهور.. بعيداً عن عمله وأسرته.. الثاني .. واحدة من أعتى المفاهيم التي تسببت في حالة ال(لا) استقرار السياسي في السودان.. إيمان حزب المؤتمر الوطني بمبدأ (وما نيل المطالب بالتمني.. ولكن تؤخذ الدنيا غلابا..).. فدارفور مشتعلة منذ سنين عدد، بينما كان حلها من أول يوم اشتعلت فيه لا يكلف حفنة ملايين من الجنيهات.. وغيرها. الاعتقاد الرسمي السائد أن إرادة الحكم يجب أن تعلو على إرادة المحكوم.. وإلا اعتلت الدولة وتلاشت.. ولهذا يعز على الحكومة أن تمنح إلا بطريقين لا ثالث لهما.. الأول طريق (المن والأذى) أن تبادر الحكومة بالعمل وتظل تردد في كل منصات الخطب (نحن عملنا ليكم..) والثاني أن يقتلع المحكوم حقه بفوهة البندقية.. ودونكم الشواهد كثيرة لا تحصى.. احسبوا كم مساعد وكبير مساعدين.. وكم مستشار أو وزير نال كرسيه فقط ثمناً لبندقيته التي على كتفه.. لا تسندهم مؤهلات ولا مبررات غير القوة ونصاب الدماء التي أسالوها. المناصير سينالون حقوقهم كاملة.. لكن الثمن سيكون باهظاً.. وربما خطيراً.. التيار