د. آدم مهدي ** ينظر القطاع العام للفائدة الاقتصادية في إطار أوسع يهدف لتحقيق المصلحة العامة وتقليل حجم العطالة وتوفير العيش لأكبر عدد من المواطنين آثار الخصخصة علي الاقتصاد الكلي الدخل والعجز في ميزانية الدولة يرى المدافعون عن الخصخصة أنها ستؤدى إلي تقليص العجز في الموازنات الحكومية، الناتج عن ملكية وإدارة مؤسسات خاسرة ، ثم إلي تقليل الحاجة للاقتراض وذلك نتيجة لارتفاع دخل الحكومة من بيع مؤسسات القطاع العام وقد عزا البعض استمرار حكومة مارجريت تاتشر في فترتها الثانية في الخصخصة إلي العائدات الكبيرة التي جنتها من عمليات البيع (راجع الدخل البريطاني من الخصخصة فيما سبق).ويرى البعض أن الخصخصة ستساعد الدولة في الاستخدام الأمثل للموارد إذ ستحرر موارد حكومية كانت تذهب للمؤسسات لتذهب لقطاعات أخرى ذات أولوية أو لدعم وتطوير خدمات ضرورية. ولكن تجربة البلدان النامية وحتي الأوربية أثبتت خطأ هذه الإدعاءات فالعجز الكبير في موازناتها بات مهدداً للنظام الرأسمالي برمته . التضخم ومع أن نقل الملكية من القطاع العام الي القطاع الخاص لا يعني بالضرورة الكفاءة في الإنتاج كما تصور البعض،إلا أن الكفاءة وتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد،هما العنصران الأساسيان لإحداث أي أثار إيجابية في الاقتصاد الوطني.إذ أن زيادة الكفاءة يمكن أن تؤدى الي تقليل الضغوط التضخمية والي انخفاض الأسعار.وقد حاولت الحكومة البريطانية حفز المؤسسات التي تمت خصصتها لتحقيق المزيد من الكفاءة.ويرى الان والترز(23) ويتوقع أن يكون القطاع الخاص أكثر حرصا علي الكفاءة في الدول التي تتوفر بها لهذا القطاع قدرات وتراث وخبرة طويلة في إدارة عمليات الإنتاج والتوزيع.ومن غير السليم التطلع للخصخصة كحل لمشاكل الحكومة المالية.إذ أن ذلك سيكون حلا مؤقتا وإنما يتم النظر للخصخصة في إطار العائد الاقتصادي الحقيقي للمجتمع وسيكون الاتجاه لوضع الخصخصة في الإطار المحاسبي الضيق فيه الكثير من سوء التقدير والسطحية.ومن الضرورى النظر للخصخصة من خلال مراعاة ظروف ونوعية وصيغة أنشطة لدولة الاقتصادية والاجتماعية بدون الميل إلي النقل المباشر لتجارب الآخرين . خيارات التنمية تؤدى الخصخصة بصورة موسعة الي ربط خيارات التنمية بالقطاع الخاص وتطلعاته علي أساس أولويات تختلف عن أولويات القطاع العام والتي ظلت تهيمن بصورة مباشرة علي توجه حركة التنمية. الممارسات الاحتكارية يمكن للخصخصة للمؤسسات الكبيرة أن تؤدى الي تكريس الاحتكار،وسيكون الضرر كبيرا علي المستهلك في حالة زيادة الاحتكار أو تحويل الاحتكار من احتكار للقطاع العام الي احتكار للقطاع الخاص.ولذلك فإن يجب إعطاء اعتبار لألية حيازة الأسهم وألية خلق المنافسة.وقد عمدت بريطانية الي تفتيت الاحتكار المتوقع الاتصالات ووضعت ضوابط وأسس تحمي المستهلك وأسس لعملية اندماج الشركات. تحسين التقنيات وإغراء رأس المال الأجنبي في حالة فتح الباب لمساهمة الشركات الأجنبية والذى يمكن أن يحدث لعدة أسباب منها مايتعلق بالسياسات الاقتصادية في الانفتاح والعولمة ومنها مايتعلق بجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية الي قطاعات تجد الدولة صعوبة في توفير التمويل لها من الموازنة الإنمائية " سلطنة عمان" أو بسببب اتجاه الدولة وغالبا مايتم تحديد حجم للمساهمة الأجنبية لاعتبارات عديدة،وقد تتم المشاركة الأجنبية في المشروعات المخصخصة لأسباب تتعلق بكون الماكينات والمعدات الموجودة قد شارفت عمرها الافتراضي،وتكلفة الشراء كبيرة،خاصة إذا كانت هنالك رغبة استخدام تقنيات استحدثت قريبا ومشهود لها بالكفاءة. العمالة يعتبر أثر الخصخصة علي العمالة من أكثر ماتم تناوله في الجانب السلبي للخصخصة إذ أن المؤسسات العامة عادة ما توظف أعداداً كبيرة من العاملين مما يجعل هنالك فائض في العمالة.وبمجرد انتهاء الخصخصة يحرص القطاع الخاص للتخلص من الفائض والتركيز علي الاستخدام الأمثل للعمالة وكل توظيف جديد سيكون محسوباً بدقة.وجوهر الأمر هو الاختلاف دوافع الدولة من دوافع الشركات الخاصة فبينما يسعي القطاع الخاص لتحقيق أكبر قدر من الربح،ينظر القطاع العام للفائدة الاقتصادية في إطار أوسع يهدف لتحقيق المصلحة العامة وتقليل حجم العطالة وتوفير العيش لأكبر عدد من المواطنين مما جعل الوظائف في بعض مؤسسات الدولة للإعاشة ولقد قاومت اتحادات العمال الخصخصة في بلدان كثيرة باعتبار أنها ستؤدى لتشريدهم،وقد عمدت بعض الدول لارضاء العمال بأن فتحت الباب لهم لامتلاك الأسهم بنسبة محددة وبأسعار مخفضة وبالدفع بالتقسيط . ويعتبر البعض أن التخلص من الفائض الحقيقي للعمالة هو شرط أساسي لصحة أى منشاة حكومية أو خاصة.ولذا ينادون بالتخلص من فائض العمالة.ومحاربة العطالة المقنعة في أجهزة الدولة (البنك الدولي).وعلي أساس التوزيع المهني (occupational distribution) يتضح أن التخفيض في العمالة إنما يقع علي العمالة غير المهارة. وعلي قطاع الإداريين وقد رحبت بعض المؤسسات التي تمت خصخصتها والتي تخطط لتوسيع سريع أن تتخذ أساليب تسريح العمالة لفترة محددة منتظرة فرصة إعادة استيعابهم،في توسيعها المقبلة للاستفادة من خبراتهم وتعتبر دولة الإمارات من المناطق التي فيها ندرة في العمالة المواطنة.مما استدعي استجلاب عمالة وافدة. وبذلك فإن تخفيض العمالة الذى يتبع الخصخصة سوف لن يؤثر سلباً علي المجتمع،إذ لن حجم العطالة.بل يعتبر اتجاهاً إيجابياً في إطار سياسات تقليل حجم العمالة الوافدة وتتمتع العمالة المواطنة بنوع من الحماية في الجانب الاجتماعي.إلا أنه سيكون عليها الالتزام برفع إنتاجيتها وكفاءتها. وتعمل الكثير من الدول التي اتجهت للخصخصة لإعداد خطط متكاملة لهيكل العمالة.يشمل برامج وتوجهات عديدة مثل إعادة تدريب العمالة الفائضة لتوجيهها لوظائف جديدة أو منح العمال الذين سيضررون من الخصخصة مكافات مجرية أو استغلال جزء من العائد من الخصخصة في إنشاءات ومشاريع جديدة تفتح منافذ للتوظيف. الأثار الاجتماعية لقد حرص المدافعون عن الخصخصة الي تبيان ماأحدثته من مزايا،ففي بريطانيا يشيرون الي أن الخصخصة أدت الي زيادة الإنتاج ورفع الكفاءة،فقد زادت الخطوط الجوية البريطانية نشاطها 40% بعد الخصخصة.وحققت شركة الاتصالات البريطانية زيادة في خطوط التليفونات 30% بعد الخصخصة . إلا أن الأثار الاجتماعية للخصخصة لم يتم التطرف إليها كثيراً وهي أكثر ظهوراً في بلدان المعسكر الشرقي سابقاً وفي الدول النامية منها في الدول الأوربية. وتلصق بالخصخصة كل المؤشرات السلبية التي تنتج عن السوق المفتوح وترتكز الثروة في أيدى القلة ويعتبر أثر الخصخصة أكبر في تغيير نمط الحياة للعاملين في المؤسسات الحكومية التي خصخصت إذ عليهم المواكبة بتبني عادات جديدة ومواجهة واقع جديد هم وأسرهم إذ أن الكثير منهم عانوا انخفاضاً في الامتيازات أو المرتبات وتحول دوائر حكومية الي مؤسسات تجارية يؤثر علي ترتيب الموظفين وسلطاتهم الإدارية ونظم الهرم الإدارى. إذ يعتبر تغيراً جذرياً في مفاهيم العمل حتي أن البعض يعتبر من الضرورى إعادة تهيئة العاملين في المؤسسات التي يراد خصختها بإعدادهم لفترة ما بعد الخصخصة فقد تحدث الخصخصة تفتيتاً للأشكال الهرمية للإدارة وتغيرا في خطوط السلطة والمسؤوليات وتعديلاً في أسس الترقيات والتعيين والصلاحيات ومن الناحية الاجتماعية فإن الخصخصة ينظر إليها بارتياب شديد من مجموعات المجتمع والمجموعات صاحبة المنفعة وتثير شكوك كما يحدث مع كل جديد. . الميدان