إليكم الطاهر ساتي [email protected] قضية عابدين.. (تأملات ساكت ) ..!! ** الأسبوع الفائت، بيان غريب بالصحافة، يحمل اسم تجمع قرى شرق سنار ومذيل بتوقيع (17مواطن)، يمدح الدكتور عابدين محمد علي مدير شركة الأقطان ويعدد فضائله على الناس والبلد وتلك القرى..وكما تعلمون بأن الدكتور عابدين هذا موقوف بأمر السلطات في شبهة فساد بالشركة، حسب وثائق إطلع عليها الرأى العام..نعم المتهم برئ حتى تثبت إدانته، أوهكذا القاعدة الفقهية والقانونية..ولكن لسان حال بيان من أسموا أنفسهم بتجمع قرى شرق سنار يكاد أن يقول للناس والسلطات : عابدين برئ حتى لو أثبت القانون إدانته..وهذا تأثير سلبي في مجرى المسماة - مجازا - بالعدالة، رغم أن الذين وقعوا على هذا البيان ليسوا بمؤثرين حتى على مجتمع قراهم، ناهيك بأن يكونوا من ذوي التأثير على النيابات والمحاكم والرأي العام بالسودان.. راجعت الأسماء، اسما تلو اسم، طولا وعرضا، قمة وقاعا، ولم تحدث ذاكرتي ذاتها بان اسما من هذه الأسماء قد مر بها من قبل..أي ليسوا بساسة ولا رموزا في مناحي الحياة الأخرى، ولم تتشرف صحف السودان ولا مجالس المدائن والأرياف بترديد اسم أحدهم قبل هذا البيان الغريب، ولذلك مدى تأثيرهم في مجتمع تلك القرى - ناهيك على الرأي العام بالسودان - لن يتجاوز تأثير ( بعوضة في أضان فيل)..ومع ذلك، ما كان لهم أن يسبقوا القانون ويحكموا للرجل بالبراءة ..!! ** ثم ثانيا، إن كان لعابدين فضائلا على تلك القرى أو على الذين أصدروا البيان دون علم أهل تلك القرى، فلماذا لم يشكروه على فضائله - إن وجدت - قبل أن يُحبس على ذمة التحقيق في قضية فساد شركة الأقطان؟..فالبيان يعكس قبحا ألم بالسودان في السنوات الأخيرة، وهو إعلاء العنصرية والقبلية على مصالح البلاد العامة، بل حتى على كل مكارم الأخلاق التي يجب تسود في حياة الناس.. فالدفاع عن ابن المنطقة والقبيلة بالباطل، ثم التستر على كبائره، لم يكن عرفا سودانيا، ولكن جاء به هذا النهج الحاكم.. نعم آفة القبلية والعنصرية والمحسوبية التي تظلل سوح العمل العام، هي التي ترسخ هذه المفاهيم الخاطئة في المجتمع، بحيث تصدر بيانات الدفاع ومذكرات التضامن بغير وعي أو إدراك..يجب ألا نلوم فقط الموقعين على بيان تجمع قرى شرق سنار، ولكن نلوم (اللى كان السبب)، أي النهج الحاكم الذي جاء بالمناخ العام، فما بيان هؤلاء هذا إلا جزء من (المناخ العام )..وبالمناسبة، هذا البيان ليس هو الأول من نوعه في قضايا كهذه، إذ قبل عام ونيف تدخل وزير العدل السابق في قضية جنائية خاصة برجلين، أحدهما رجل أعمال والآخر عضو مجلس شورى قبيلة، فأصدرت طريقة صوفية بيانا ناصرت فيه رجل الأعمال، لتصدر القبيلة بيانا مضادا ناصرت فيها عضو مجلس شوراها..وهذا لايحدث إلا في السودان، ولم يكن يحدث حتى في قديم الزمان، أي قبل زمان المسماة بثورة التعليم العالي ..أية ثورة تعليم هذه التي لا تعلم المجتمع غير المزيد التوغل في العنصرية والقبلية ..؟؟ ** ثالثا، وهذا هو المهم ..الجدير بالتأمل في قضية عابدين ورفيقه محي الدين ، لم تتدخل أية جهة بحظر النشر في هذه القضية..هذه سابقة جديرة بالتوقف عندها، والبحث عن مغزاها والسؤال عن أسبابها..إذ كل القضايا التي أثارتها الصحف لم تكتمل فصولها بسبب (حظر النشر)، وآخرها قضية المستشار مدحت التى إجتهد في أمر حظر نشرها صديقه المستشار محمد فريد، ولكن لم يفلح.. وكذلك قضية التقاوى الفاسدة، ثم أخريات..أنا من المتضررين من قرارات حظر النشر، وكثيرة هي قضايا الفساد التي شرعت في نشرها ولكن منعتني النيابات والمحاكم عن التواصل في النشر، وذلك باصدار سئ الذكر المسمى (حظر النشر)..فالسؤال المريب : لماذا صار حلالا ومباحا ومستباحا نشر قضية عابدين بالصورة والقلم، وحراما وممنوعا نشر القضايا التي سبقتها ولو بالتلميح، رغم أن الأخيرة هذه هي الأقرب الي سوح المحاكم، بيد أن الأخريات المحظورات كانت ولاتزال بعيدة جدا عن سوح النيابات، ناهيك عن المحاكم؟..سؤال مرده إستفساري فقط لاغير، وليس تأييدا لحظر النشر أو لإصدار حظر النشر في القضية.. يبدوا أن قضية عابدين (ماعندها ضهر)، ولذلك تجلدها الصحف يوميا على بطنها، بيد أن الأخريات المحظورات من النشر ( عندها ضهر، وكمان عضلات)..وعليه، أعدلوا في الباطل المسمى بحظر النشر، أي ليس من المنطق ألا تعدلوا في الحق والباطل معا ..!! ............. نقلا عن السوداني