[email protected] مخاض عسير تعايش فصولة منظومة الاحزاب التقليدية حيث تتفاعل وتتحرك المكونات الداخلية لهذه الاحزاب في محاولات جادة للبحث عن مخارج تقود الي انعتاقها او انفكاكها من سلطان الطائفة والاسرة اوالقبيلة بحثا عن مسارات جديدة بعيدا عن زعامة الرجل الواحد والفكرة الواحدة والبرنامج الواحد للحزب الواحد ..فتولدت من بين هذا الحراك افكار وتوجهات جديدة عبرت عنها معظم الكيانات الحزبية القائمة او بالاحري المجموعات والتيارات المناهضة في شكل مذكرات تتحرك بين هذه القوي تعلو ثم تهبط تختفي ثم تطل باعلي راسها علي واقع حزبي اقل ما يمكن ان يقال عنه بات كمالمرجل الذي يغلي تحت نيران هذه المذكرات والتيارات الضاغطة والباحثة عن بدائل ..ولكن يبقي السؤال ما هو الرابط بين شكل وطبيعة المذكرات الحزبية ومقاصدها الاساسية وبين قضية الشوري عند الاسلاميين والديمقراطية والشفافيىة لدي الاحزاب والتنظيمات الفكرية والعقائدىة ؟ وما هي اذن القوي الحقيقية الدافعة لاصحاب المذكرات اليس ازمة التعبير والتداول السلمي للراي والراي الاخر داخل مكونات القوي السياسية من الدوافع الاساسية وجوهر الازمة التي عجلت بظهور هذه المذكرات حتي انها اصبحت ادبا سياسيا جديدا يضرب اوصال الاحزاب ويفتك بقواها ويهدد عروشها ويبدو ان الذين هندسوا المذكرات \"الربيعية\" ورسموا خارطة مساراتها ترسخت لديهم القناعات بان احزابهم ما عادت تلبي طموحاتهم بسبب غياب الاليات والمواعين الشورية فضلا عن انعدام المرجعية الفكرية والسياسية ولهذا يعتقدون ان الوقت قد ازف وان الانقلاب ات لا محال وان الذين بيدهم مقود القيادة قد استنفدوا اغراضهم كاملة وما عاد هناك احدا يرغب في خدماتهم ..كم من الزمن الذي اضاعته القوي الحزبية جمعاء فيما لاطائل منه لصالح الدولة السودانية ..منظومة افسدت كل شي هدر في المال والجهد والفكر واضطراب في البرامج والسياسات بالرغم من ان القوي السياسية الحزبية تعتبر من اهم الادوات والوسائل المشروعة في انتقال السلطة وتداولها بين المكونات السياسية السودانية ولكن ردة الفعل التي واجهتها المذكرات كانت متباينة ومتضاربة وفي حدها الاقصي التجريد ثم المحاسبة وهي الدرجة التي وصل اليها قادة الموتمر الوطني فيما كانت هناك رؤية اخري مهادنة تنظر الي مثل هذه المذكرات برؤية كلية تري انه من الضروري التعاطي معها وقراءتها في سياق المهددات الكلية وعدم عزلها من المحيط الدولي والاقليمي علي ان يتم الجلوس مع اصحابها ومحاولة التفاهم معهم عبر الحوار . ولان حزب المؤتمر الوطني ربما هو المعني بالدرجة الاولي في مثل هذه المذكرات او بالاحري هو صاحب مذكرة \"الالف اخ\" او التصحيحية وحتي الان لم يعلن صناعها بشكل رسمي ولكن قطعا ان من بين قادتها من هم قيادات بارزة وربما من الصف الاول في الحزب الحاكم ولهذا عرفت فيما بعد باليتيمة ثم \"المذكرة الشبح\" ورغم الزخم الكبير والغبار الكثيف الذي اثارته هذه المذكرة داخل اسوار الوطني وصفوف الحركة الاسلامية \"الحاكمة والمعارضة\" الا انها اصبحت نسيا منسيا كما يقول القيادي حاج ماجد سوار .ولازالت مذكرة الوطني تلقي بظلال كثيفة علي الواقع السياسي والحزبي فان الاخرين يتهمون الوطني بانه يحاول تعميم ادب المذكرات او بمعني تصدير الفكرة ودفعها الي مسرح الاحزاب ويبدو ان هذه المحاولة اصابت اقوي خصوم الوطني في حزبي \"الشعبي والامة \" فعلي صعيد الشعبي يعتقد الدكتور حسن الترابي ان المؤتمر الوطني هو الذي صنع مذكرة شباب الشعبي وانه ليست هناك اي مذكرة تصحيحية بالشعبي حسب تاكيدات الدكتور بشير ادم رحمة امين العلاقات الخارجية بالشعبي في الوقت الذي تشير فيه بعض التسريبات بان مجموعات شبابية مقدرة تتحرك داخل الحزب في اتجاه احداث شكل من اشكال الانقلاب الابيض او احداث قدر من التحولات المطلوبة في البناء القيادي والهيكلي واعادة رسم جديد لمواقف الحزب ومرجعيته وتفكيره السياسي ازاء مجمل ما يجري في الساحة السياسية خصوصا ان الفترة السابقة كانت قد شهدت ظاهرة تقارب وتواصل مستمر بين المؤتمر الشعبي والحزب الشيوعي الامر الذي اثار ردود فعل غاضبة ضد توجهات الشعبي الاخيرة خاصة فيما يلي قضايا المشروع الاسلامي في السودان .وعلي جبهة السيد الصادق المهدي انتقلت حمي المذكرات من حوش المؤتمر الوطني الي دار الامة حيث شهدت الايام الفائتة ميلاد مذكرة شبابية انكرتها زعامة المهدي ورفضه للجلوس مع اصحابها بحجة ان المذكرة دخلت عبر البوابة الخطأ اي انها ذهبت للاعلام قبل ان توضع في يد قيادة الحزب .وعلي جبهات اخري تتحدث الاوساط السياسة والتقارير الاعلامية عن مذكرات اخري بعض منها داخل حركة \"حق\" التي تتزعمها القيادية الشيوعية هالة عبد الرحيم كما ان جبهة الاتحاديين لم تسلم جرثومة المذكرات فهناك مجموعة مناهضة لخط المشاركة في الحكومة يقودها ابو الحسن فرح تتحدث الان عن ميثاق سياسي يسعي للاطاحة بفكرة المشاركة ويطالب في ذات الوقت بالوحدة الاتحادية وضخ دماء شبابية جديدة علي مستوي القيادة وتاسيسا علي كل هذه المعطيات في مذكرة الوطني ربما تصبح مرشدا وهاديا للقوي الحزبية الاخري لتنحو ذات الاتجاه ولكن يبقي التحدي هل سينتهي مصير كل هذه المذكرات الي لا شي بمثل ما انتهت اليه المذكرة اليتيمة ..؟!