إلى متى !! جنوب كردفان ... تداعيات المرحلة !! الصَّالح مُحمَّد الصَّالح [email protected] منذ إندلاع الأزمة السارية اليوم بولاية جنوب كردفان إبَّان تأجيج الحركة الشعبية قطاع الشمال للوضع السياسي هناك؛ بغرض خلق واقع سياسي مغاير لما كان جارٍ وقتها بالولاية، ومحاولة الإلتفاف على التقدم الذي كان يحرزه المؤتمر الوطني على الحلبة السياسية للولاية والإستقرار الذي كان يسودها، بذلت الحركة آنذاك كل جهدها بغرض قلقلة الوضع وتعويمه بالولاية الأمر الذي أدركه المؤتمر الوطني بالمركز وفطن له فقرر حينها الدفع بمولانا احمد هارون والي الولاية الحالي لميدان الصراع السياسي بجنوب كردفان لعدة أسباب؛ كان أبرزها (حسب عقلية المؤتمر الوطني بالمركز وقتها) انتشاله للحركة الشعبية قطاع الشمال من الحركة الشعبية الأم بجوبا، وخلق علاقة تنسيقية استراتيجية بينه وبين الحركة الشعبية قطاع الشمال بسلسلة العلاقات الخاصة والحميمية التي تربطه بقياداتها بغرض العبور بالولاية وقتها من بؤر التوتر التي سعت الحركة الشعبية الأم الزج بالولاية إليها، كميدان كانت تهدف لنقل الصراع إليه بعد خروجها من الميدان الرئيسي بالشمال، الأمر الذي نستطيع أن نقول بادئ ذي بدء أن هارون لم يخفق فيه فحسب، بل أنه تجرع فيه كأساً حنظلاً مر المذاق لم يسلم المركز والسودان كله منه. وليس الإخفاق تنحصر نتائجه فقط في انقلاب رفيقه الفريق عبدالعزيز الحلو عليه وعلى كل التفاهمات المشتركة التي كان يوهم هارون المركز بها، وبأنه استطاع عقدها وترتيبها مع الحلو وحركته، ولكن الإخفاق تفاقم وزادت سوءاته عن كل ذلك بعد أن جر هارون الدولة كلها لمستنقع الحرب الذي كانت تخطط له الحركة منذ أمد بعيد، عبر سيناريو كان يتم الإعداد له بليل، ولكن وللأسف الشديد ليس هذا وحده فحوى الحديث، ولكن الحديث تظهر غرابته وفجاعته في نجاح الحركة الشعبية إيكال أمر إلهاء المركز عن مخططها للحرب، واستغفاله بغرض تفجير الأوضاع فجأة لقلب الطاولة في وجهه لمولانا احمد هارون !! ونعم فللأسف ابتلع هارون الطعم ونجح في أن يكون المغفل النافع الذي تؤكل الكتف منه، فكان ما كان وانتهينا بفعله بعدها إلى ما آلت إليه الأمور اليوم. وبالعودة لإستراتيجية المركز ورؤيته التي بنى عليها قرار إرسال هارون لجنوب كردفان واستجلابه من المركز، نجد اليوم أن كل أسبابها قد انتفت، وأن كل أسباب الدفع به لم يعد لها وجود في راهن البلاد والولاية السياسي اليوم، حيث انقلبت الأوضاع رأساً على عقب من توترات سياسية بسيطة تم الدفع باحمد هارون لإخمادها، إلى حرب سؤدد تستعمل فيها كل أنواع السلاح والعتاد والمخططات، الأمر الذي يعزز الدعوات والأصوات التي تطالب بإقالة هارون واستبداله بحاكم عسكري يفتح الباب أمام تسوية سياسية يستطيع المركز من خلالها إعادة الإستقرار للولاية بعيداً عن الصراعات التي خلقها وجود هارون في الولاية طوال الفترة السابقة، والتي اندلعت من كافة مستويات القيادة بدءاً بقيادات المؤتمر الوطني والأحزاب بجنوب كردفان، وانتهاءاً بقيادات المؤتمر الوطني أنفسهم بالمركز الذين أعدوا من قبل مذكرة ضافية بغرض تسليمها للمركز يطالبون فيها بإقالة هارون كونه محور الأزمة كلها وجوهرها اليوم، فضلاً عن قيادات الدولة والولاية القومية من حاكم كردفان الأسبق عبدالرسول النور الذي طالب بإقالة هارون كونه صار- حسب قوله- جزءاً من الأزمة، وانتهاءاً بالفريق الركن مهدي بابو نمر الذي طالب كذلك بإقالة هارون تقسيم الولاية واستحداث ولاية للنوبة يحكمونها بأنفسهم قفلاً لباب التهميش والظلم الذي تنطلق منه دعوات حاملي السلاح هناك، فهل يستمع المركز ويعيد قراءة أوراقه، أم تزيد الأمور سوءاً ببقاء هارون وأهل الولاية من طرفي الصراع ينبذونه !! ونواصل.