قراءة تانية التحرير الرياضي .. التشجيع والتوزيع السر قدور يدور الحديث هذه الأيام عن التشجيع المثالي في الميدان الرياضي . وللصحافة الرياضية دور مؤثر على سلوك الجماهير وتهذيب وترشيد هذا السلوك وصولا الى التشجيع المثالي .. والصحافة الرياضية هنا أمام أمرين: الأول أن ( تهدئ اللعب ) فيفتر حماس القراء ويتراجع حجم التوزيع والثاني أن تتبع أسلوب ( التسخين ) والإثارة والمساجلات فيزيد الإقبال ويرتفع حجم التوزيع ولابد من الوصول الى طريق وسط بين الطريقين . ولا شك ان الموضوعات والأخبار الرياضية ( المثيرة ) من أهم عناصر الجذب لقراء الصحف وأذكر تجربة في جريدة ( الناس ) عمرها يقترب من نصف قرن وكان سيد صالح الشهلابي محرر صفحة الرياضة قد انقطع لمدة أسبوعين وفي الأسبوع الثالث قرر مرسي صالح سراج محرر صفحة الأدب أن يقوم بتحرير الصفحة الرياضية وقرر ان يسير عكس ( حيادية ) الشهلابي وان يجعلها صفحة ( مريخية ) وبرر ذلك بأن جميع الصفحات الرياضية تنحاز للهلال وتظلم المريخ وان المسئولين عن الرياضة كلهم من أنصار الهلال الوزير طلعت فريد والوكيل محمد عامر بشير فوراوي ورئيس مصلحة الرياضة حسين كمال وسكرتير اتحاد كرة القدم عبد الله رابح . وقرر مرسي ان يبدأ عهده في التحرير الرياضي بحوار ساخن ومثير مع سكرتير نادي المريخ الكابتن حسن ابو العايلة مع تعليقات وأخبار لا تقل سخونة وإثارة وعند صدور الصحيفة يوم ( الاحد ) كان رد الفعل عند القراء أكثر مما هو متوقع فقد اختفت الجريدة من أكشاك البيع بعد ساعات ولأول مرة منذ شهور يتم توزيع الكمية المطبوعة وبلا مرتجع . وجاء طلب الموزعين لزيادة الكمية المطبوعة التي ارتفعت خلال أربعة أسابيع من اربعة آلاف نسخة الى عشرة آلاف وقد ساعد على هذا النجاح والرواج فوز المريخ على الهلال في مباريات متتالية كانت الاولى مباراة الاحتفال بإضاءة استاد الخرطوم فأقيمت أول مباراة تحت الأضواء الكاشفة . وكان غريبا مع كل هذا النجاح ان رئيس التحرير ( محمد مكي محمد ) الذي كان في إجازة خارج القطر جمع أسرة التحرير بعد عودته وأبدى غضبه الشديد لرفع كمية الأعداد المطبوعة وقال اننا نبيع الجريدة ( بقرشين ) وما يصلنا لا يزيد عن قرش واحد بعد عمولة الموزع والديون الهالكة والمرتجع بينما يكلفنا العدد اربعة قروش أي ان الجريدة تدفع ثلاثة قروش لكل قارئ يشتري الجريدة وهذا الفرق تتم تغطيته من حصيلة الاعلانات . ولأننا نجهل العمل الصحفي فقد رفعنا الكمية المطبوعة دون الحصول على اعلانات جديدة مما سبب خسائر كبيرة للجريدة وانه سيخفض الكمية الى الرقم القديم الا اذا وفرنا اعلانات تساعد على تغطية نفقات الطباعة .. ولكن هذه المشكلة تم التغلب عليها بجهود بعض المسئولين وأقطاب المريخ وحصلت الجريدة على عدد لا بأس به من الاعلانات. والمهم في هذا الأمر ان التحرير الرياضي ( المنحاز ) في ذلك الوقت لم يكن يساهم في رفع درجات التعصب لأنه في الغالب كان يعتمد على أساليب الفكاهة التي لا تجرح وانتشرت القصائد ( الحلمنتيشية ) بين شعراء الهلال والمريخ وكانت تحوي الطرائف دون الهجوم او الإساءة كما ان هناك مساجلات أدبية رائعة بين الطرفين أشهرها بين قطب الهلال مصطفى كمال راشد ( كيشو ) وقطب المريخ حاج حسن عثمان ولم تكن مقالات رياضية بل قطعا أدبية رفيعة المستوى . ويمكن للتحرير الرياضي أن يحافظ على انحيازه عن طريق اللعب النظيف لا عن طريق الضغط الذي يؤدي الى رفع الكارت الأحمر. الرأي العام