هجليج : داحس وغبراء الحدود .. مجدي الجزولي كفى بك داءً احتفت حكومة جنوب السودان بسيطرة جيشها على هجليج أيما احتفاء بزعم أن المنطقة بالأساس جنوب سودانية استولى عليها السودان (شمال) قوة عين لا غير، وزاد قيليب أقوير، المتحدث باسم الجيش الشعبي، بالأمس أن القوات الجنوب سودانية تتقدم نحو خرسانة الواقعة شمالي هجليج، وقال أيضا بتبعيتها لجنوب السودان مثلها وكافيا كنجي وحفرة النحاس والمقينص. من جهته أكد الصوارمي خالد سعد، الناطق باسم الجيش السوداني، أن القوات المسلحة على مشارف هجليج ستستعيدها لا بد في غضون ساعات، هذا بينما قصفت طائرات مقاتلة سودانية مدينة بانتيو، عاصمة ولاية الوحدة ومركز إنتاج البترول في جنوب السودان. عرف أقوير المواجهة مع السودان لمراسل نيويورك تايمز بأنها "حرب محدودة" قائلاً "هذا النوع من الصراع لن يتوقف"، الأمر الذي أكده مسؤول حكومي في جوبا لم يرغب في ذكر اسمه. "إننا نتجه نحو الحرب"، بنبرة "كئيبة" كما نقل عنه المراسل. حق لمسؤول جوبا "العاقل" وحق للسودانيين والجنوب سودانيين والسودانيين "بدون" الاكتئاب فالحرب التي نحن في أتونها، حرب بين دولتين، توقعها المرحوم جون قرنق أن تكون أشد فتكا من الحربين السابقتين، حرب الحكومة المركزية ضد الانانيا ثم ضد الجيش الشعبي لتحرير السودان. صدق كذلك من توقع أن تسري على السودان وجنوب السودان سنة اريتريا واثيوبيا في الصراع على المناطق الحدودية خاصة والتي بين السودان وجنوب السودان أطول تغلب المساح وإن حسنت النية. كذلك يصعب رد حجة من يلقى باللائمة على عرج اتفاقية السلام الشامل أول الأمر، ثم محركة طرفيها في التنفيذ، وتهافت تفاوضهما حول القضايا العالقة. بهذا المنظور لم تكن مهلة الفترة الانتقالية، الست أعوام بين 2005 و2011، سوى استراحة محارب. لكن أليس في ذلك مغزى، فالسلام الذي كان بين جوباوالخرطوم ما تحقق إلا باتفاق الطرفين على القسمة، قسمة دخل البترول قبل كل شئ. عاقل الخرطوم، الحزب الشيوعي، أصدر بيانا قال فيه أن الحرب لا تخدم قضية أيا من دولتي السودان وتضر بمصالح شعبيهما معا. رفض الحزب احتلال هجليج وكذلك توسيع نطاق الحرب إلى بانتيو. دون أن يسميها قال البيان بوجود تيارات متشددة ومهيمنة في الجانبين لا ترغب أصلا في السلام، ربطت بقاءها في السلطة وتأمين مصالحها بالأجندة الحربية وما يصاحبها من استنفار وإرهاب يصادر صوت العقل ولا يترك مجالا إلا للإدانة والشجب ودق طبول الحرب وإثارة الكراهية والنزعات العنصرية بين الشعبين والتضييق على الحريات العامة بفرية الطابور الخامس. العقدة، إذن، ليست في الذي بين الخرطوموجوبا وإنما في الذي داخل الخرطوموجوبا، وخط الصراع ليس حدود 1956 وإنما باطني بين قوى الحرب وقوي السلام في دولتي السودان، والمفتاح ليس هجليج، وإنما في الذين قامت هجليج البترول في أرضهم، السودانيون في دولتي السودان الذين بوسعهم الانتصار للسلام وكبت الحرب بتغيير ما بالخرطوموجوبا من لوثة مشتركة. [email protected]