زمان مثل هذا الوقت المناسب الصادق الشريف وزراء القطاع الاقتصادي يُصرِّحون للإعلام بأنّ ما حدث في هجليج لن يُضارَّ منه السودان.. وأنّ الحال عال العال.. وكلو في السليم. وتمضي التصريحات لتقول: إنّ ما يوجد من احتياطي محروقات يكفي لسدّ حاجة البلاد لمدة ستة أشهر.. وأنّ البلاد تستورد الغاز كلّ خمسة أيام. وفجأة ينسى أحد الوزراء ما قيل ويُقال.. فيطالب بزيادة أسعار المحروقات.. ويسعى الخبر بين التجار ومنتجي الخضر والفاكهة فتزداد أسعار البضائع وهي عاكفة على أرففها.. ويسمع المنتجون بالخبر فيوقفون ضخ المنتجات الزراعية والخضروات إلى الخرطوم لحين ظهور السعر الجديد. رئيس البرلمان له نصيب الأسد من الذي يحدث في الأسواق.. فهو الذي منح التجار سبباً لزيادة أسعار السلع التي زاد بعضها واختفى بعضها احتكاراً وابتساراً. معالجة الوضع الاقتصادي يحتاجُ إلى خطة سياسية قبل الخطة الاقتصادية، وأن يمسك الوزراء المختصون و(غير المختصين) عليهم لسانهم ويُترك أمر المعالجة لأناسٍ أقلّ رغبة في الظهور الإعلامي. الدولار يصعد ويهبط.. وهو في صعوده وهبوطه يمثل ثيرمومتراً لما يُقالُ في الصحف.. وما تتناقله من تصريحات يمسك بعضها بخناق بعض. أعضاءٌ بالبرلمان قالوا : هذا ليس هو (الوقت المناسب) للإعلان عن زيادة المحروقات.. وهم أفضل حالاً ممن يعلن أن الزيادة على بعد قرار فقط من التنفيذ.. رغم أنّ حديثهم يعني أنّهم موافقون من حيثُ المبدأ على الزيادة ولكن يختلفون في التوقيت. العقلاء من أهل البرلمان طالبوا بإرجاع موازنة العام 2012م إليهم.. وهو القرار الأصوب بدلاً من الجدل على صفحات الصحف. على أقلّ تقدير فإنّ الجدل داخل البرلمان سيجعل وزير المالية يُقدِّم خياراته وبدائله لزيادة الوقود.. وسيعرق وهو يحاول أن يقنع النواب بالزيادة.. ومن الأفضل أن يكون التصويت على قرار الزيادة وقتذاك سرياً حتى لا يُحرج النواب الذين يرفضون قرار الزيادة. الاقتراع السري خيرٌ من الاقتراع المباشر.. يمكن معه للنائب أن (يأكل تورهُ.. ويدي زولهُ).. والحال معروف داخل البرلمان حين يكونُ التصويت برفع الأيدي.. فهنالك من يحصون الأيادي التي لا تُرفع للتأييد. الموازنة تحتاجُ للمراجعة.. بعد أن خرج 30% من البترول الذي بُنيت عليه قبل أحداث هجليج.. وهو يمثل 35% من البترول الذي كانت عليه الموازنة قبل التاسع من يوليو.. والذي ذهب 65% منه جنوباً ثمّ توقف. الموازنة تحتاجُ لمراجعة حتى يعود الدكتور التيجاني السيسي من أديس أبابا التي ذهب إليها مغاضباً بعد أن توقف الدعم الذي كان يذهب للسلطة الانتقالية.. والتي تعذر عليها أن تبدأ أعمالها وهي في حالة فقرٍ مدقع. مراجعة الموازنة فيما يختص بمستحقات سلطة دارفور الإنتقالية (نسخة الدوحة) أمر لا يقلُّ حيوية عن دعم المجهود الحربي في المناطق المشتعلة.. فالأجواء التي تسود دارفور الآن هي أجواء أقرب للسلم إلا من بعض أعمال السلب والنهب كما قال بذلك ممثل الاتحاد الأفريقي.. وليس من المصلحة أن تتأجج نتيجة المزيد من إهمال المركز. د.سيسي خرج إلى أديس أبابا.. قد ينبري قائلٌ ليقول إنّه ليس (الوقت المناسب) ليفتح باب المطالبات.. ولكن بالنسبة للظروف الحربية المستمرة التي يعيشها السودان.. ما هو التوقيت المناسب؟؟. التيار