طارق عبدالرحيم قولي [email protected] طالت الشمس أم الغصن الذي استظللته مالت به الريحْ فأفضى سره الزمن المفرق بيننا فظاً فحظا؟! عهدي بك الأيام سوف تعود ذاكرة الليالي وينقضي عنا زمان الغائبين أتُرى نغيرُ ما بداخلنا للحظة؟ (عثمان بشرى) (شوارعية) شباب يصنع ريشه من الغناء و الشعر و التمثيل يُحَلِقون في طرقات الخرطوم، ينثرون الضوء في عتمات النفوس .. مسرحهم الشارع (شوارعية) يزرعون سنابل الأمل في أروح العشرات الذين يتحلقون حولهم .. ما أجملهم من شباب ..و ما أحوجنا لمثلهم لزراعة الخير في نفوسنا و إزالة (الغباش) من على عيوننا حتى نرى الحقيقة و الخير و الجمال من زاوية أكثر و ضوحاً و إفتضاحاً .. علمت أن نشاطهم مساء الجمعة ( يوم الخميس 19/04/2011) خرجت أبحث عنهم بعد أن دلني إليهم صديق حبيب إلي و هو واحد منهم .. لم أتكلف الكثير من العناء للوصول إليهم .. فهم من البساطة أن يصلهم كل إنسان بسيط و من الجمال و الإبداع ما يجعل العشرات يتحلقون حولهم في دائرة كبيرة على رصيف ( شارع النيل ) مسرحهم هذه الدائرة من البشر و داخلها دائرة أخرى صنعوها من الشموع .. و صلت إليهم بعد إنطفاء الشموع بقليل .. فججتُ الحضور و حضرت ففاجؤني من الوهلة الأولى بفيض من الإبداع .. مسرح على الهواء و مسرحية يفعل الظل فيها ما يأمره صاحبه .. و أنا أصفق لهم لأنهم إخترقوا دواخلى و زرعوا فيها بزور الخير و الحب و قنديل من النور سوف يشع .. غنوا للوطن و مثلوا للمواطن كيف يعيش ( ففي مسرحيتهم الساخرة و الساخطة إحتضان قدر الفول ، كان التمسك بالحق في الحياة ) علموا الحضور أن يشعلوا الضوء لمن يلعلن الظلام .. أما أنا فلعنت حظي العاثر لأنني عثرت عليهم متأخراً .. غنوا صدقاً فكان إحساسهم يصل إلى القلب مباشرة يقولون للذين يتحلقون حولهم نحن منكم يا أهل الوطن السمح سماحة يوسف .. كم كنت فخور بهم لأنهم شباب يعرف الطريق إلى الصحيح وصحة أن يكون هنالك إنسان يستمتع بكل إنسانيته .. ( شوارعية ) كلمة كان يقولها الأهل للإبناء الذين جعلوا الشوارع مكاناً لنشاطاتهم الغير حميدة .. و لكن هؤلاء الشباب إستطاعوا أن يغيروا هذه المفردة من معناها السالب إلى مفهوم إيجابي يعمل على صنع أفكار سوية جداً لترسيخ مفاهيم الخير و الجمال و الحق و قبل كل ذلك جعل الجمال كما الخبز يمنحونه لكل من جاءهم يسعى و هم يتخذون شعارهم كلمات عميقة ل(عثمان بشرى ) :- نحن لا نغير ما على الأرض ولكنا نصورها بما يُرضي العصافير وآراء الصغار ببساطتهم العملاقةً غيروا الكثير من أرائي عن جيل الشباب اليوم من جيل عاجز عن صنع نفسه و جعلوني أقتنع تماماً أن هنالك شباب قادر على صنع إنسان متطور فكرياً و مُدرك تماماً لما له من حقوق و ما عليه من و اجبات .. فهم في إعتقادي يمثلون الشباب المدرك لهموم و طنه و إنسانية المواطن .. ( شوارعية ) الطريق أماهم طويل و الليل أحلك و لكني واثق تماماً انهم قادرون على التوقد و الإشتعال لإنارة ( الشوارع ) بافكارهم الجميلة و الأنيقة .. أؤمن بذلك طالما ظلوا متماسكين و ممسكين بحبال أفكارهم التي ليس بينها وبين الشارع أي حجاب .. يخرجون للناس في الطرقات و الأرصفة يمنحونهم ماء إبداعهم من شعر و غناء و مسرح و بعض لوحات تشكيلية يعرضونها في الهواء الطلق و يطلقون عصافير المحبة و السلام .. إنتهى عرضهم الإبداعي في ذلك المساء، مضوا و مضيت أنا و في رأسي خيال لهم و هم ينبتون كما السنابل في كل مدينة في هذا الوطن سبع سنابل و في كل سنبلة مائه ( شوارعي ) يوقدون الأمل في النفوس .. حقاً إستحقوا كل صفقة و جعلوني أعقد العزم على مطاردتهم في ( الشوارع ) كل خميس لأقتبس من إبداعهم بعض الضوء .. جريدة الجريدة