عبدالله مكاوي [email protected] الرجوع الي الحق فضيلة جملة جميلة تنم عن سلوكٍ راقيٍ و عقلية متفتحة متجاوزة لعثراتها ومتجاوبة مع الصحيح والأكثر صحة وبالتالي فهي قادرة علي إخصاب الحياة في نهر الحياة المتدفق بالعكس من عقلية العناد والمكابرة التي تعترض نهر الحياة وتعيق مسيرته وتهدد انسيابه بسلاسة ولكنها لا تستطيع إيقافه علي كل حال، فالعناد والمكابرة هي بعض من الثمرات المرة لشجرة الاستبداد الشوكية السامة التي تحول الأرض الخضراء الي صحراء جرداء تناسب فقرها وخواءها وغلظة طبعها وفعلها، لذلك نجد أكثر ما يميز المستبدون هو الاستجابة لصوتهم الداخلي الذي يعبر عن مخاوفهم وإلباسه لباس الحق والحكمة وبالتالي العناد والمكابرة لكل الناصحين والمخلصين الذين يرون بعينٍ واضحة سوءات وعري المستبد الذي يتدثر بالأكاذيب والمغالطات وإنكار الواقع بل يثير سخرية واستهزاء العالم من حوله من شدة سذاجته وغروره ويصدق بوعي طفولي المنافقين وحارقي البخور والمستفيدين الذين يسرفون في مدح جمال ملابسه(أوهامه/عريه ) وهم يوظفون في ذلك كل مواهبهم وإمكاناتهم وما تحصلوا عليه من كسب في هذه الحياة لمواصلة هذه اللعبة القذرة غير مبالين بوعورة الطريق الذي يسلكونه والنهايات الفاجعة التي يقودون البلاد إليها. والمتابع لمسيرة الإنقاذ القاصدة والمباركة!! يجد أن دينها وديدنها في حلها وترحالها في غدوها ورواحها العناد والمكابرة وإنكار الواقع وإيجاد واقع بديل متوهم يتلاءم مع رغباتهم في الاستمرار في السلطة والتحكم في مصائر البلاد والعباد الي ابد الآبدين، والأمثلة علي ذلك كثيرة ولكننا سنختار بعض منها للتدليل علي طريقة تفكير هذه النماذج التي تحكمنا وتبشرنا كل صباح بالتنمية والرخاء والخطط العشرية والربع قرنية! وتحَجْيّنا قبل النوم عن سيادتنا للعالم اجمع(وامريكا وروسيا اليشوفوا ليهم كوكب آخر اذا حاولوا مجرد المساس بعزتنا وكرامتنا!!!) ومبدأهم في ذلك الثورة لا ترجع ولا تتراجع ولا تسمع ولا تري ولا تعرف الخطأ الذي يجبرها للرجوع الي الصواب. فمثلاً نظرية البكور التي أنتجتها عبقرية الدكتور عصام صديق(غير متخصص في علم الفلك) لزيادة زمن العمل ساعة إضافية في الصباح الباكر حيث النشاط والناس يتوجهون من الجوامع الي أماكن عملهم لزيادة الإنتاج!! أي إنتاج يرجي من نظام حطم كل مشاريع الإنتاج(زراعية صناعية حرفية) بالإضافة الي تحطيم السكة حديد والنقل النهري والمواني البحرية وشرد معظم العمالة المدربة، ومن يتجول اليوم في عطبرة وبورتسودان والجزيرة والابيض التي كانت في الماضي مواقع للإنتاج والحركة والنشاط والتواصل الاجتماعي والثقافي والرياضي يصاب بالذهول والإحباط وهو يري كل مشاريع الإنتاج قد تحولت الي إطلال والعمال والموظفون الي معاشيين وعطالة يمتهنون مهناً هامشية عطلة طاقاتهم وأصابتهم بالفاقة والإحباط وتري الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الإنقاذ لشديد كما عبر احد الكتاب، بالعودة لموضوع البكور نجد الدكتور عصام عاند خطوط الطول المتفق عليها عالميا لتنظيم الحركة والحياة في الكرة الأرضية قاطبة لنتحول بقدرة قادر الي خط الطول الذي يمر بالسعودية لنشاركها في زمنها ومواقيتها غصبا عن الجغرافيا و مع ذلك لا إنتاج زاد و لا وضع طبيعي عدنا إليه و ما زال هذا الوضع الشاذ قائم بالرغم من الاحتجاجات والنصائح التي بذلت لهذا النظام من أصحاب الشأن. من المواضيع التي يستبين فيها التمسك الشديد بالرأي والمكابرة حتي ولو كانت النصيحة صادرة من خبراء مختصون في مجالهم وليست لديهم دوافع سياسية وإنما تحركهم المصلحة العامة وخوفهم علي مستقبل أبناء بلادهم، موضوع السلم التعليمي وكلمة السلم هنا استخدمها مجازاً لأنه يرمز للصعود والترقي أما السلم التعليمي الإنقاذي فيصح أن نطلق عليه الهاوية التعليمية او النفق التعليمي او درب التيه التعليمي وحقيقة مهما حاولت ان اصف هذا المسخ فانه يعجز عن التعبير عن واقع التعليم في بلادي المنكوبة ويمكن ان نطلق عليه الوصف البليغ للشهيد محمود انه أسوأ من سوء الظن العريض، وقد يري البعض أن هذه الأوصاف هوائية تحتاج لأدلة لإثباتها وأنا بدوري أحيلهم لمنهج القرآن الكريم الذي يتضمنه هذا السلم التعليمي ومقارنة حجم المادة مع أعمار الطلاب ومراحلهم الدراسية و نسبته الي بقية المواد هل تحمل أي شئ من التوازن وأيضا هنالك عدم وضوح أو فصل منهجي لمواد الجغرافيا والأحياء والبيئة والعلوم بصفة عامة أما الرياضيات فهي نوعا ما مقبولة مقارنة ببقية المواد و لا اعرف رأي خبراء الرياضيات بالضبط لكنه رأي شخصي، ومن الأشياء التي أثارت كثير من الجدل هي أعمار الطلاب المتباينة (الفصول الدنيا والعليا) في نفس المرحلة الدراسية علي الرغم من اختلاف احتياجاتهم النفسية و التربوية و ميولهم العلمية ومقدراتهم الإبداعية، والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو الهدف من هذا النظام التعليمي الذي يعبر عن خلطة عجيبة و مريبة من الأيدولوجية والغموض والأوهام والتجريب غير المتبصر والخلط الاعمي بين الحاجة التعليمية و الحوجة التربوية! وكل ذلك كان متوقعا منذ استبعاد أصحاب الشأن التعليمي وخبراء وضع المناهج وترك الأمر للموالين والمؤدلجين وأهل الحظوة وأصحاب التبريرات الفطيرة الذين يعبرون عن الجهات التي اختارتهم لهذا الأمر الحيوي و الخطير. المهم بعد كل هذه الفترة من العناد ما هي المكاسب التي تم جنيها من هذا السلم التعليمي هل المراد تخريج طلبة من حفظة القرآن الكريم أو إخراج الطلبة من الحياة والمستقبل وتسليمهم للضياع و الديماغوجية وروح القطيع وكراهة الحياة لتسهل قيادتهم و توجيههم وتوفير مورد لا ينضب لقوات الدفاع الشعبي، ولكنهم في النهاية و بعد خراب مالطة حاولوا ترقيع وجه سلمهم القبيح ببعض المساحيق كمؤتمر التعليم الأخير وإضافة سنة أخري و كان المرجو منهم الاعتراف الصريح بفشل وقصور هذا السلم التعليمي العجيب وإعادة النظر فيه وتسليمه لأهل الاختصاص وكفانا الله شر المعاندة والمكابرة والمكاجرة. ولم تسلم الرياضة بدورها من داء الاستبداد بالرأي والمكابرة خاصة أيام تولي البروف كمال حامد شداد رئاسة الاتحاد العام، وينتمي البروف بدوره لجماعة المؤتمر الوطني وهو شأن يخصه ولكن المفارقة تكمن في أن البروف متخصص في الفلسفة والتي تشير الي الحكمة والمؤتمر الوطني من خلال الواقع والتجربة العملية اثبت بما لا يدع مجال للشك انه ينتمي و يشير الي القوة المجردة وحوار العضلات والسكاكين والأسلحة(والزارعنا غير الله اليجي يقلعنا) ولكني أظن وبعض الظن ليس بإثم خاصة في الكيزان انهما مشتركان في صفة العناد التي اشتهر بها البروف كثيرا مثل تمسكه بالمدرب وازريك الذي أطلق عليه الإعلام الرياضي تهكما لقب هزائميك وإصراره المرضي علي بقاء المدرب الفاشل عديم الخبرة والمرونة قسطنطين الذي زاد الطين بلة والهزائم فضائح ولكن البدعة ألكبري والإصرار عليها تمثلت في برمجة الدوري المحلي الذي يبدأ في فبراير وينتهي في ديسمبر عكس الدوريات في كل أنحاء العالم والتي تستجيب لبرمجة الفيفا(الجهة الدولية المسئولة عن اللعبة) لبطولاته الدولية والقارية بتناسق وتنظيم محير عكس دورينا الذي يلعب دور الأطرش في الزفة بامتياز لذلك عندما تبدأ فرقنا المحلية مشاركاتها الخارجية يتزامن ذلك مع فترة إعدادها وعدم دخولها مرحلة الانسجام التام الذي يُمكنها من إخراج كل ما عندها لتنافس فرق دول أخري قطعت شوطاً كبيراً داخل بلادها من الانسجام والاستعداد البدني والفني مما يؤدي للخروج المحزن لفرقنا علي أيدي فرق مغمورة لا تملك عُشر الإمكانات المتاحة لفرقنا خاصة المريخ الذي يفتقر لاعبيه لحساسية اللعب الدولي مقارنة بنده الهلال و لكن بالطبع هنالك استثناءات فلتت من هذا المصير ووصلت لمراحل متقدمة ولكنها في النهاية لم تحقق لقب يتناسب مع صرفها الخرافي ولا بطولة تروي ظمأ القاعدة الرياضية التي جف حلقها من كثرة الهتاف والانتظار، وحتي عندما اتي اتحاد معتصم جعفر الذي وعد بالتغيير لم يقدر علي تغيير هذا الوضع المعكوس ولا نعلم الحكمة من ذلك هل هو سلطان العادة والتعود أم العناد والمكابرة، علي العموم هذا الوضع يذكرنا بموقف حكومة السيد الصادق المهدي من قوانين سبتمبر التي انتقدها أمر الانتقاد واستخسر عليها ثمن الحبر الذي كتبت به ولكنه لم يستطع تجميدها أو تغييرها خوفا من تيارات الإسلام السياسي التي تجيد الاصطياد في المياه العكرة . والخلاصة أن نظام الإنقاذ بعناده ومكابرته يسير في الاتجاه المعاكس علي طريق الاتجاه الواحد الذي يمثل مخرج للبلاد من أزماتها ومحنها وهو طريق الديمقراطية ودولة القانون والرعاية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وليؤدي مسلكه هذا للاصطدام بالمعارضة والمجتمع الدولي والمصالح العليا للبلاد مما أدي لمزيد من الكوارث علي كل الأصعدة وخلف تاريخ مشبع بالفقر والحرمان واليأس و الدموع والدماء وإنهاك العباد وإهدار مقدرات البلاد وكل ذلك بسبب إدمان العناد والغفلة وغشاوة البصر والبصيرة وصم آذانه عن سماع صوت الحكمة والتاريخ الذي يدون في أول صفحاته وبالخط العريض أن الرحيل واقع حتمي إن طال الزمن أو قصر ولكن للأسف لا يسمع ولا يقرأ المستبدون هذه الحقيقة الأزلية، ليقتلعهم قانون البقاء للأصلح من عروشهم حاسري السلطة والصولجان بعد أن تحيط بهم الجماهير المغبونة وهي تهتف بصوت واحد وثقة بالنفس وتحدي للخوف الشعب يريد إسقاط النظام! مأساة المستبد انه يمثل الخطأ والعائق وليس الصواب والحكمة وهو المشكلة التي يستحيل أن تنتج حلاً إلا حل من شاكلة دخول الثور مستودع الخزف!! نختم بمقطع شعري للراحل المقيم حميد ما تدري مارقِة .. من البيوت.. الحلِّة ولاّ من التراب!؟ الناس تقول مدقُوقَة طالعِة علي الحُقاب مفلوقَة بي حجر الصعاب المُرَّة نازلِة علي البحر مشروقة بي موية السراب الفرَّ مشنوقة عقاب؟ .. يا الحُرَّة كيف بقت الرقاب مسْيوقة بي قيد السلاب وإنتشرَّ من نشر الحجاب في عروقة اشكدي الخراب؟! من بعد ما انبلج الفرج من ضيقتا خدعوها بي حيلة كتاب رفعوها فوق سِنَّ الحراب ودهت الهزائم خِلْقَتا