[email protected] أفلحت جمعية حماية المستهلك ذات مرة في إقناعنا للوقوف خلفها ومقاطعة شراء اللحوم حين قفزت أسعارها لسقف بعيد المنال جعلنا نهرش رؤوسنا بعنف اندهاشاً وحيرة في بلد لا تجد الأنعام فيه موطئ قدم من كثرتها0 وقد لعبت تلك المقاطعة دوراً في إحداث بعض التخفيضات النسبية التي أرضت غرورنا وأعادتنا للاصطفاف شوقاً لرائحة الشواء، الشيء الذي مكّن أصحاب الجزارات من استعادة ما خسروه أيام المقاطعة بالإيقاع البطيء إلى أن تجاوز السقف السابق الذي كان سبباً للمقاطعة0 ولا أدري ما إذا كانت جمعية حماية المستهلك على دراية بالقفزات التي طرأت مؤخراً وفاقت مرحلة غضبتها الأول بمراحل في مختلف أسعار السلع وليس اللحوم وحدها، أم أنها اكتفت بتنويرنا حول سبل محاربة الغلاء وتركتنا وحدنا (نأكل نارنا) بين يافطتي (يفتح الله) و(يستر الله)0 يجب أن تعاود هذه الجمعية دعوتها لتوحيدنا خلفها وغرس أدب الامتناع في نفوسنا لنمتنع عن كل ما يفوت حده لأطول مدة ممكنة مع قيادة حرب شرسة ضد التلاعب في الأسعار تحتاج إلى جهود السلطات الرقابية والجزائية الفورية إن دعا الحال0 صحيح أن صوتها ارتفع هذه الأيام بالتركيز على ضمور الخبز الذي لجأ إليه البعض متحججين بارتفاع أسعار الخميرة التي أراد أهل المخابز تحويلها إلى (خميرة عكننة) بإنقاص الوزن الذي لا يدركه المشتري أو تقليل عدد أصابع الخبز المباعة إن لم تتم السيطرة0 وحتى لا تنصرف جهود جمعية حماية المستهلك في جزئية وزن الخبز دون غيره، فقد لاحظت ارتفاعاً في مختلف أسعار الخضر والفاكهة والألبان والبقول وحتى المناديل الورقية عند باعة الإشارات وكذلك زيادة ملحوظة على ثلاث دفعات ثنائية في أسعار اللحوم خلال أسبوعين أوصلت سعر العجالي إلى ستة وعشرين جنيهاً والضأني إلى ستة وثلاثين علماً بأن الأسعار قبل أيام المقاطعة لم تزد عن العشرين بالنسبة للعجالي والثمانية والعشرين بالنسبة للضأني0 ويبدو أن أصحاب السلع انتهزوا فرصة انشغال الحكومة في دوامة هجليج وما بعدها وتأكد لهم بأن رقابة الأسعار لن تكون من الأولويات كما أنهم يتوقعون زيادات بدأت بشائرها تلوح في الأفق لخلو الماعون المالي من الموارد فصاروا يتابعون تصاعد أسعار الدولار ويربطون ذلك بأسعار الأنعام وطيباتها خاصة وإنها سوف تفقد حنان الأمومة ويقل التوالد إذ ستجد إناث الأنعام طريقها ممهداً للاغتراب من خلال بوابة الصادر وتلك قضية أخرى لها عواقبها في المستقبل البعيد0 لقد أرادت السلطات المحلية بإنشاء مجمعات بيع السلع الاستهلاكية بالسعر المخفض أن تكون عوناً للبعض ونجحت في نشرها رغم فارق السعر البسيط، ولكن ما أن توطنت وعرف بعض الناس طريقهم إليها حتى بدأت المجمعات تتعامل بذات الأسعار التي يتعامل بها التجار في السوق العام بالنسبة لأغلب السلع الضرورية اعتماداً على ضعف ذاكرة المشتري الذي لا يحفظ أسعار جميع السلع، بل إنني في الأسبوع الفائت وجدت سلعة تباع في أحد هذه المجمعات بأعلى من سعرها في سوبر ماركت حديث المظهر كنت أظن أن الناس يتحاشون دخوله خوفاً من ارتفاع أسعاره0 وإذا استمرت هذه المجمعات في إيهام الناس بأنها الأقل أسعاراً لن تفلح في ذلك طويلاً لأن غطاءها قد انكشف لي وربما لغيري وبالتالي لم تعد ضرورية لنا بل من الخير تفاديها لعدم مصداقيتها ولمحدودية خيارات بضائعها أيضاً0 وما لم تتم الرقابة عليها ذاتها بواسطة السلطات، لا احتجاجات الجمعية وحدها، بجدية فاعلة في كل منافذ الأسواق، لن يتم الضبط المنشود لصالح المشتري المغلوب على أمره0