إليكم الطاهر ساتي [email protected] ( جارنا دخل بصرفتين )....!! ** ربما للزاوية أصدقاء لم يبلغوا سن الرشد بعد، ولذلك نحكي حكايتنا التالية بتصرف..رومانسياً عقد قرانه على فتاة مادية، وسافر بها الى مدينة تقدس الحياة الرومانسية..وهناك، أراد الزوج تعليم زوجته علوم الرومانسية (على أصولها)، فاقترح لها ذات يوم عمل صندوق توفير بحيث يضع فيه سيادته جنيها مقابل قُبلة تضعها زوجته على خده، ونجحت الفكرة.. (جنيه مقابل قُبلة ) قبل الخروج الى العمل.. وتواصل الحال يوماً تلو الآخر حتى تعودت الزوجة المادية على وداع الزوج - يوميا - بقُبلة يانعة..بعد شهر من التجرية، سألها ذات مساء ( صندوقك فيهو كم جنيه؟)، فأجابت بمنتهى السعادة ( تسعين جنيه)، فسألها بمنتهى الدهشة ( كيف الكلام دا؟، تجربتنا دي ليها شهر، والمفروض تكوني وفرتي تلاتين جنيه )، فبررت تلك الزيادة بمنتهى البراءة : ( والله لقيت التجربة ناجحة ومشيت عرضتها على جارنا العزابي ، طوالي دخل معانا بصرفتين )...!! ** تذكرت الحكاية وسر تضاعف قيمة صندوق توفير تلك الزوجة عندما صدرت صحف البارحة.. إذ يقول المانشيت الرئيسي لبعض الصحف : (ملايين الدولارت تدخل خزينة الدولة).. خبر ممتاز، خير وبركة، ولكن فلنقرأ تفاصيل الخبر : ( كشف بنك السودان المركزي عن دخول موارد كبيرة من النقد الأجنبي الى خزينة الدولة، ولم يكشف البنك عن الرقم ولا عن الجهات المانحة )، هكذا تفاصيل الخبر..في تقديري، شفافية تلك الزوجة كانت عالية، بل صارخة، بحيث صارحت زوجها بالمصدر الذي ضاعف مبلغ التوفير من ثلاثين جنيه الى تسعين جنيها، وقالت بمنتهى الوضوح ( جارنا العزابي دخل بصرفتين)، هكذا كانت شفافيتها صاخبة رغم أن الأمر يقتضي الكتمان، لأنه( قلة أدب)..ولكن بنك السودان لايريد أن يصارح الناس بحجم الأموال الأجنبية اتي دخلت الى خزينة الدولة ( فجأة كدة) ، وكذلك لايريد أن يصارح الصحف بمصدر تلك الأموال، ولاندري لماذا؟.. موارد الحكومة معروفة للقاصي والداني، برسومها وجباياتها وأتاواتها، وهي موارد بالكاد تطعمنا قوت يوم أو نصف يوم، بحيث لاتوفر فائضاً من النقد الأجنبي، فمن أين جاءت الأموال الأجنبية الضخمة المشار إليها في مانشيتات الصحف؟.. شيخ حمد دخل بصرفتين، ولا بتاع الصين داك ؟..وأياً كان الداخل - بصرفتين أو ثلاثة - ليس هناك ما يبرر لأية جهة حكومية إخفاء أموال الناس على الناس، وكذلك ليس هناك ما يبرر لأية جهة حكومية إخفاء المصادر التي تمول حياة الناس في بلدي، ( بالديون أو هبات)..فالأموال الأجنبية الضخمة التي دخلت الى الخرينة العامة - فجأة كدة - هي في الأصل جزء من المال العام، ولو لم يكن كذلك لدخلت الى أي خزينة خاصة بأحد البدريين، وليست الى خزينة الدولة العامة.. وعليه، من حق العامة أن تعرف ( حجمها ومصدرها).. هذا إن كان الحدث - من أساسو - صحيحاً ..!! ** على كل حال، فلندع ذاك الخبر الأجوف ونحكي حكاية أخرى من واقع حياة الناس في أرياف بلادي.. ذات عام، غادر عم خير الله شواطئ قريتنا وقرر الزرع في واد غير ذي زرع، وزرع ونجح زرعه وإمتلأت السنابل بالخيرات، ولكن جمعت تلك السنابل كل طيور الوادي بحيث لم يكن هناك أي زرع آخر بالوادي يجذب بعض الطيور، فقرر عم خير الله ترهيب الطيور وطردها بواسطة ( خيال مآتة)، وهو عبارة عن هيكل خشبي يرتدي جلباباً وعمامة ويقف في وسط الزرع باسطاً ذراعيه ..صباح اليوم التالي، ذهب عم خير الله الي زرعه وتفاجأ بأن طيور الوادي تأكل وتستريح فوق (خيال المآتة)، لقد إختبرت الطيور الهيكل الخشبي وإكتشفت بأنه ليس بإنسان قادر على الترهيب والطرد..وهكذا تعلم عم خير الله بأن خيال المآتة لايمكن أن يؤدي مهام الإنسان، مهما كان طول الخشب أو عرض الجلباب.. وعليه، على البنك المركزي - وكل صناع القرار - التفكير في إيجاد وسائل علمية وعملية توفر الدولار بحيث لايكون عزيزاً كما الحال الراهن، وكذلك على صناع القرار التفكير في وسائل علمية وعملية تجعل الدولار رخيصاً بحيث لايكون سلعة جاذبة لتجار العملة..نعم طرائق تفكير علمية وعملية وراشدة أفضل من صناعة أخبار فارغة من شاكلة ( لقينا دولارات ضخمة).. انتجوا وكافحوا فسادكم، لترتفع قيمة الجنيه.. وأعلموا بأن آثار هذا الخبر الفارغ في حياة الناس والبلد لا تختلف كثيراً عن آثار ( خيال مآتة عم خير الله )..!!