ظل في البادية حبيب فضل المولي [email protected] لا حوله ولا قوة الا بالله..( نص ربع).!! في منتصف ليلة ساكنة انصرف الجميع فيها الي سكناتهم هدأت فيها حركة السير بعد ان انخفضت اضواء السيارات التي يكتظ بها ذاك الطريق الذي يؤدي الي أحياء شرق النيل كنت لوحدي أنتظر مقدم سيارة أجرة تقلني الي منزلي . انخفاض اضواء السيارات يتضاءل معه املي في الحصول علي وسيلة نقل او سيارة ، بعد امتد بي لقاء شبابي مليئ بالاشجان جعلني اعود متاخرا علي غير العاده . وبينما ألحظ قادم السيارات والتي بدت قليلة معظمها ملاكي مترقبا امجاد اذا بضوء في آخر الطريق تسير عربتة بطيئة لكأنما تعاني عطبا ما . اقترب مني فرفعت يدي في اشارة عالية فدني علي جانب الطريق في فتور فاوضتة علي ثمن المشوار فوافق وقال علي بركة الله .وسرنا قبالة المدينة النائية والتي تقع في اقاصي شرق النيل ولان الطريق طويل لابد من حديث مع الرفيق يكسر رتابة بعد المسافة والرجل الخمسيني الذي يقود الامجاد يهمهم منذ ان تحركنا بكلمات لم تبدو واضحة فقط تصلني منها الشهادة في خواتيمها ..فنفد مع همهمته صبري وقلت له ماذا يجري يا (عمنا) هل من مصيبة ؟ .. يزداد همهمة ويربط همهمته بالصحفيين المدينة التي اقصدها في شرق النيلالوادي الاخضر ( هو البلد دي فيها صحفيين يأبني و ساكنين حته وآحده كمان) سؤال اطلقة الرجل صاحب الامجاد بطريقة يائسة ومشمئزه قلت له يا حاج أنت مالك مع الصحفيين .! فرد غاضبا مالذي تكتبونه بأقلامكم والشعب يئن ويقاسي من الحياة وارتفاع اسعار السوق . وطفق يحكي بعد ان تنسمنا رياح الشمال التي غسلتها مياه الترع قبل ان تصل الي طريقنا الممتد امام مزارع الكاهلي والدستوريين وغيرهم من الزوات الذين تفننوا في انشأ المزارع بطرق جاذبة في غمرة معاناه اهل الفاقهٍ والفقراء الرجل حكي لي قصة آثرت ان اشرك في معرفتها الجميع ليتبين لنا الخيط الابيض من الخيط الاسود من حزمة حلول الأخ وزير المالية في كبح جماح الاسعار حتي نستطيع ان نرسل الي حلوقنا لقمة طعام ونحن مملؤين بعزتنا وكرامتنا وشهامتنا كشعب سوداني لا تزلزلة الصعاب ولا تحني رأسه العواصف ولا سقطات الدهر .القصة تلك التي جعلت عمنا صاحب الامجاد يهمهم كثيرا تتخلل همهمته الشهادة حتي يلطف الله بالعباد . يقول لي تصور يا أبني رجل سوداني في كامل هندامة وهيبتة طاويا عمامته متوشحا عزة هذه البلد يقف أمام الجزارة في انكسار ليطلب من الجزار ان يزن له (نص ربع) من اللحمة بالله تخيل كيف بلغ بنا الحال ..! نص ربع ، نص ربع رددها عمنا لاكثر من مرة وكأنه يربط بتوصيفه لكمية اللحمة مابين الواقع وحياة المواطن السوداني ويزيد متسائلا ..كيف يصل كيلو اللحم عندنا ما قيمته 35 جنيها ونحن الذين نصدرة للعالم وننتجه بل اكبر بلد حباها الله بالثروة الحيوانية بقطاعاتها المختلفة . هل من الطبيعي يا ابني ان ننزل لشراء نص ربع (لا حولا ولا قوة الا بالله) قاطعته يا حاج هذه ظروف اقتصادية طبيعية تمر بالناس ولا غرابة في الأمر . ولما اوشكنا علي الوصول حاول الاستفادة من الزمن لسردعدد من أسعار المواد الغذائية علي ضوء حديثي له ان الامر طبيعي قائلا هل طبيعي ان يصل رطل الزيت 7 جنيهات وكيلو السكر 5 جنيهات والجنية لا يتجاوز ال4 رقيفات واللحم 35 جنيعا والذرة 200 جنيها فما فوق كل هذا طبيعي ارجوك بني أما ان تكون صحفكم هذه مع المواطن او ضده ويحلف الرجل قسما غليظا بعد ان خلع نظارتة أن المهندس الطيب مصطفي جارة وهو صاحب الانتباهه لم يتوقف يوما لاقاء نظرة علي جيرانهم بالحي والذين تحسبهم اغنياء من التعفف لا يسألون الناس الحافا ويخرج ابنائهم من الدراسة جراء الظروف المعيشية . ترجلت من عربتة بعد ان شاهدت فلما وثائقيا عرضه علي بسرده لتلك القصة فكان الفلم قصة من الواقع عميقة ومؤثره كذلك في ان تنحني قامة الرجل السوداني أمام نص ربع من اللحم..وهو صاحب الكرم وأبو الكرم. فقدمت له ماء بارد عله يثلج صدره المليئ بهموم ابناء وطنه وهو كادح يكسب من عرقة يهينة ما يهين الآخرين ويحزنه ما يحزن الناس من حوله فودعني وانصرف وطلب مني اما ان نصدق فيما نكتب أو نكف عنها ...