الإنقاذ . البدايات الخاطئة . المآلات الفاجعة م/محمد حسن عبد الله [email protected] إن غايتنا من إقامة الدولة هي السعادة القصوى للجميع وليس لأيه طبقة معينة أفلاطون الدين، العدالة، المشورة والمالية هي الأعمدة الأربعة التي تقوم عليها كل الحكومات. اقلب أو زعزع احد هذه الأعمدة يسقط كل شي في الاضطراب والفوضى ، وعندها ينبغي أللجوء إلى الله والفزع إليه لإعادة الهدوء فرانسيس بيكون الأزمة الاقتصادية:- موازنة 2012 م مرثية وداع الأمل :- لقد وصف الخبير الاقتصادي د/التجاني الطيب في حوار مع الصحافة موازنة 2012 م بأنها مرثية وداع لأمل العودة إلي الاستقرار الاقتصادي إن الأزمة الاقتصادية التي تخيم على البلاد إنما هي المحصلة النهائية لسوء إدارة المال العام بصورة عامة وعائدات البترول بصورة خاصة في عهد الإنقاذ الذي امتد لما يفوق العقدين من الزمان يقول الخبير الاقتصادي د/التجانى الطيب في حوار مع صحيفة التيار العددين 807و811 .إن اقتصاد الإنقاذ بدأ بالجاهلية ومر بالإصلاح ويعيش اليوم النكسة ونحن مقبلون علي الاستمرار في النكسة في ظل السياسات الاقتصادية الحالية وهو ما يقودنا إلى الانهيار الاقتصادي وان البترول ادى إلى موارد ضخمة للأسف الشديد استغلت بزيادة حجم الإنفاق الجاري وليس الاستثماري وهذا ما فاقم المشكلة الاقتصادية .إما الخبير لاقتصادي محمد الناير فيقول: اعتقد ان القائمين على أمر الاقتصاد عندما كانت هنالك وفرة في الموارد قبل الأزمة المالية لم يحسنوا إدارتها ولم يحتاطوا لما هو قادم ولم يوجهوا عائدات النفط للنهوض الاقتصادي الحقيقي بقطاعاته المختلفة لذا يرى إن الذين أداروا الاقتصاد وقت الوفرة لم ينجحوا في إدارة لاقتصاد وألان في مرحلة إدارة الندرة في الموارد المالية د/ خالد التجانى .الصحافة العدد 5773 .يورد قائلا لقد بح صوت الخبراء والمختصين وهم ينبهون منذ أن اطل فجر عصر النفط على البلاد من مغبة الخضوع لإغرائه والركون إليه دون اهتمام بقطاعات الإنتاج الحقيقية في بلد يذخر بموارد طبيعية هائلة في الزراعة بشقيها وكان محتما ان يصاب الاقتصاد السوداني بالمرض الهولندي لان من بيدهم أمر إدارة الاقتصاد تجاهلوا تلك النصائح ليس لعدم معرفة ذلك فمن بينهم خبراء اقتصاديون مرموقون ، ولكن لان مشكلة الاقتصاد السوداني في عهد الحكم الحالي لم يكن يدار بأولويات وحسابات اقتصادية، بل غلبت عليها الأجندة السياسية وحسابات الربح ألسياسي القصير الأمد، واستخدامه في إطالة عمر الحكم علي حسابات المعالجات الاقتصادية العلمية طويلة الأثر، وقد رأينا ذلك فيما عرف بالنقرة الزراعية التي حققت فشلا ذريعا في تحقيق اى من أهدافها لتستبدل لاحقا بالنهضة الزراعية التي لاقت نفس المصير، ذلك لان العقليات والآليات والأدوات هي نفسها التي أفشلت النفرة الزراعية . ان عائدات البترول بلغت حوالي 70 مليار دولار حتى العام 2010 م ولو وظف في قطاعي الزراعة والصناعة لتغير وجه الحياة في البلاد ولكن عائدات البترول الضخمة التي هبطت علي البلاد أسكرت العقول وزاغت الإبصار وضاعت المقاصد والأهداف والاستراتيجيات المؤدية إلي نهضة البلاد ورفاهية العباد يعدد د/ التجاني الطيب علل الاقتصاد السوداني في عهد الإنقاذ في عجز الموازنة العامة ، سلبيات الإدارة المالية ، زيادة معدلات المديونية الداخلية والخارجية ، ارتفاع معدلات التضخم ، تدهور هائل في البنية التحتية خاصة في مجال التعليم والصحة مما ادى إلى إضعاف الكوادر البشرية ، البطالة وسط الشباب ، وقف التشابكات القطاعية خاصة القطاع الزراعي مع القطاعات الأخرى، تهميش دور القطاع الخاص، استشراء ظاهرة الفساد المالي والإداري والسياسي علي كافة المستويات السياسية والإدارية وخصخصة مشاريع القطاع العام دون إستراتيجية اقتصادية واضحة . لقد ورد في موازنة 2011 م ان إجمالي الإيرادات الحكومية مقدرة بحوالي 22 مليار جنية والإنفاق الحكومي 24 مليار كما تنامي الدين الخارجي للدولة بازدياد حجم خدمة الدين وفوائده حيث يقدر البعض المديونية الخارجية بما يقارب ثمانية وثلاثين مليار دولار . كما ادى التدهور في البنية التحتية خاصة في مجال التعليم إلى الدعوة إلى مؤتمر التعليم القومي لمناقشة التدهور في مجال التعليم خلال حكم الإنقاذ وانعكاس نتائجه السلبية علي مسار التعليم وعلي المجتمع فالخريجون الجدد في كل المجلات يعكسون الخلل الذي حدث ولايزال يحدث في مجال التعليم بينما كشف تقرير البنك الدولي 2009 -2010 م ان المؤشرات التعليمية في السودان هي الأضعف بين كل دول جنوب الصحراء كما أكد الأمين العام للمنتدى التربوي، مبارك يحي ، الصحافة العدد6666 .ان التعليم ياتى في المرتبة 50 من الأسبقيات في إستراتيجية الحكومة بينما تأتي الصحة في المرتبة 49. في مجال الصحة فها هي وزارة الصحة تقر بصعوبات في علاج السرطان نتيجة للنقص في الأجهزة والعلاج الكيميائي وهجرة الأطباء كما ان اغلب القادرين يفضلون العلاج بالخارج نسبة لتدنى مستوى الخدمات الطبية بالداخل . إما في المجال الزراعي فلقد حذر برنامج الغذاء العالمي من ان إنتاج الحبوب في السودان سينخفض إلي دون المتوسط للموسم الزراعي 2011 -2012 م مما سيؤدي علي الأرجح إلي تهديد الأمن الغذائي في كل أنحاء البلاد ورجح ان ينفذ المخزون الغذائي الكافي لمعيشة الأسر في وقت أبكر بكثير من المعتاد. وحثت المنظمة الدول المانحة والوكالات الإنسانية وحكومة السودان علي العمل معا لمنع وقوع أزمة غذائية محتملة في البلاد . نتيجة لارتفاع أسعار الدولار مقابل الجنيه السوداني فقد حذر الأمين العام لاتحاد الغرف الصناعية د/ عباس السيد – التيار العدد 884 .من انهيار القطاع الصناعي وتوقف الصناعة خلال الشهرين المقبلين حال اسمرار التدهور في أسعار صرف الدولار وتوقع معاناة المصارف من إفلاس لجهة أنها ليست لديها موارد لتغطية نشاطها ،وأكد ان السودان يسير اتجاه انهيار اقتصادي شامل نتيجة لعدم جدية الحكومة في مخاطبة القضية بصورة جادة لجهة أنها تعتبر نفسها حكومة بترولية كما ان هنالك مشكلة في الاعتراف بواقع اقتصادنا ولا يوجد تجاوب وتناغم بين الحكومة من ناحية والمواطنين من ناحية أخرى. منتقدا استمرار إهدار المال العام لعدم اتخاذ إجراءات تقشفية تحد من الإنفاق ، مشيرا لاستمرار الإنفاق علي الاحتفالات والكرنفالات .في مقاله وقائع (موت معلن) للإصلاح الاقتصادي الصحافة العدد 6761 يكتب خالد التيجانى قائلاً ومن دلائل حالة العجز الرسمي عن الإمساك بخيوط الأزمة ، إن كبار المسئولين في وزارة المالية والبنك المركزي أدلوا بتصريحات يبشرون فيها بتدفق موارد خارجية ضخمة على البلاد وأن زيادة المعروض منها سيودى إلى تراجع قيمة الدولار بخمسين بالمائة ، ولكن للمفارقة ،لم تمض أقل من ثماني وأربعين ساعة على تلك التصريحات حتى كان البنك المركزي هو نفسه من خفض قيمة العملة الوطنية بنسبة مائة بالمائة . كانت الزراعة تمثل 60% من الناتج المحلي قبل اكتشاف البترول إما اليوم فلا تتعدى 30% فقط ، إما الصناعة انخفضت مساهمتها من حوالي 35% في بداية عهد البترول إلي 20% في 2010م والي ما يشبه التوقف التام في نهاية 2011م . عن الفساد المالي والإداري والسياسي فقد كشفت الوثائق التي نشرتها تباعا جريدة التيار عن شركة الأقطان عن مدى الفساد وتشابك المصالح بين النافذين في النظام القائمين على أمر العباد والبلاد وهو ما ظهر من جبل الفساد وما خفي أعظم في سياستها الاقتصادية طبقت الإنقاذ سياسة الانفتاح وتحرير الأسعار وكانت الخصخصة واحدة من أهداف تلك السياسة وفي غياب الضوابط التي يجب أن تلازمها ، كانت النتيجة هي سيادة قيم عبادة المال وانتشار الجشع والرشوة والفساد وازدياد الرأسمالية الطفيلية على حساب الفئة الغالبة من الفقراء والمحتاجين . ترنيمة إلي فجر جديد هذا المخاض وتنقضي السنوات كم منها مضين علي اصطبارك في إنتظارات الجنين هذا الجنين لو كان أسرج صهوة البطء العنيد أو كان مشلول المدى، وتقهقر الزمن الجموح يدب في الوهم البديد وكبا به في كل ثانية سنين لبدا لنا هذا الجنين يوشح الفجر الوليد عالم عباس