/ فلوريدا [email protected] تحلق بي الطائرة العملآقة الي الجنوب السوداني وأقصد هنا الدولة الحديثة النشاة .هذة المرة تختلف عن سابقتها في 2010م وهنا تاتي الخصوصية من كوني ازور دولة ذات سيادة قد حققت إستقلآلها واصبحت ذات سيادة كاملة واليوم في صدد صياغة دستورها وقوانينها مما يؤهلها لآ ن تكون بمعني اخر عضو كامل العضوية في المنظمات الدولية وعلي راسها ألأمم المتحدة . 8 اشهر من إلأستقلآل , لقد أعددت لرحلتي وانا في كامل الفرحة والسرور أزور بلدي ووطني , بلد - ملآنيين الشهداء- والذين قضو نحبهم من اجل الدفاع عن الهوية وخصوصية الوطن: كل أسرة من الجنوب فقدت شقيقا او حبيب... ألأمهات التكالآ وألأبناء ألآيتام والمقابر تتناثر هنا وهناك . لم نسمع سوى صوت الرصاص ولم نحي إلآ من اجل إلأستقلآل . ها قد طوينا المرحلة القاتمة من الحرب وتوجهنا لبناء المستقبل . إن معركة بناء الوطن هي أشد وأشرس من معركة التحرير , ستبدا حرب اخرى ضد إلأنتهازية والقهر والفساد... وفي المقابل نطمح لتعليم افضل وتطبيب لكل مواطن... الجنوب اليوم يعيش المرحلة اخرى من التاريخ . بالنسبة لنا نحن الجنوبيين , فبعد اشهر من إلآستقلآل أصبح الجنوب يتخبط في صراع طاحن حول إلأراضي وحول بناء المؤسسات نفسها وكذلك تصفية الحسابات بين الفرقاء المتخاصمين . وانا قادم من الولاياتالمتحدة كان املي ان أجد كل ألأشياء قد اصبحت علي مارام وان الكل قد انخرط في بناء البلد بعد حرب أسنفزاف طويلة . المدارس والمستفشيفات والطرق والجسور والمصانع وجيش موحد علي الحدود واسلحة بيد الدولة وحدها وهيي الكفيلة بالامن وحماية المواطن . عكس ما توقعت لم يتحقق شئ من كل ما حلمت به .فهناك بوادر حرب أهلية ستبدد الأخضر واليابس. خير مثال علي هذاالخلاف الحاد الحاصل بين الحكومة الأستوائية والمركزية حول من له حق التصرف في الأراضي المحيطة بالعاصمة جوبا . هناك بؤرة اخرى قد اندلعت بالفعل الحرب ألأهلية فيها وهي منطقة كميرو ( منطقة كميرو وهي مساحة صغيرة في شمال العاصمة جوبا وتسكنها قبائل الباري التي تتعاطف مع الشمال .وايضا, لها إرتباط معنوي بالدولة المهدية إلإسلآمية الشمالية السودانية ) . إلأ ان المشكلة في الجنوب ليست بهذة البساطة فقط لكن تتشعب وتاخذ صيغا معقدة يصعب حلها بين عشية وضحاها. ان البحث عن الحقيقة في جنوب السودان صعب للغاية فلآ صحافة ولآ قوة امنية متمرسة ووطنية. فالولآء للرشوة والمحسوبية والزبونية وكل أشكال الفساد مما يجعل الأشياء تلتبس مع بعضها ويصبح المتتبع للمواقف السياسية في حيرة من أمره, فكيف تصاغ القرارات السياسية في الجنوب السودان ؟ وما هي العناصر المتحكمة في تشكيليها ؟ لعل هذه ألأسئلة مطروحة علي طاولة البحث السوسيولوجي من لدن الباحثين الجنوبين وخصوصا اننا بصدد مرحلة إنتقالية عويصة. فقد قمت بزيارة تفقدية لمكتب المجلس الشعبي إلأنتقالي للولأية ألأستوائية الوسطى وهو يعتبر من اكبر مجالس الحكم الذاتي ابان حكم الريئس جعفر محمد النميري . وقد وجدت في إلأسعلأمات فتاة وهي في عمر متوسط . إبتسمت في وجهها , ولكن للاسف فقد رفصت دخولي بدعوي إنني لست من الولآية إلأستوائية , وهي مسألة بسيطة تخفي وراءها إشكاليات ضخمة وعميقة. فعن اي وطن نتحدث؟ من المجلس الشعب إلأستوائي دخلت سوق جوبا العمومي وهو اكبر سوق في العاصمة الجنوبية وهو عبارة عن هياكل مهجورة اغلب التجار سودانيين واوغندين وصومالين وكنيين واثيوبين واغلب التعامل هي تبادل الآموال إلأقليمية بالدولآر، وتجارة المواد الفلاحية . وفي هذا السوق يقبع الآف من الجنوبين الشباب المكونين من مختلف التخصصات تحت البطالة والتهميش من بينهم صحفين وكتاب واساتذة جامعات ومعلمين واطباء ومهندسين و قضاة وإدارين . دون ان انسى الشركات الوهمية التي تسنزف إلأقتصاد المحلي المنهار اصلا. فجنوب السودان محكوم بقوى مختلفة من بينهم الكنائس والمساجد والأمم المتحدة والمنظمات الدولية والحكومة المركزية بالأضافة الي القوى إلأقتصادية وللوبيات المسيطرة باضافة الي إلأشكالية المطروحة علي بلد حديث النشاة تظهر الي السطح إلأشكالية الثقافية من خللال التلاقح الثقافي مابين الشمال المسلم والجنوب المسيحي ومن ثم ثقافة اللباس والأغنية والمسرح وحتي كل اشكال التعبير الجسدي بما فيها الرقص نفسه . هناك مشكلة يطرح نفسه بحدة ألآ وهو إزدواجية اللغة: مابين اللغات الرسمية( ا اللغة إلأنجليزية والعربية ) من جهة وللهجات المحلية. مثل البارية والنويراوية والشلكاوية . فقد فرضت اللغة العربية نفسها في الشارع الجنوبي من خلال التجارة وحتي الهجرات و الترابط الثقافية مابين الشمال والجنوب قبل إلأستقلال . ومن المسئالة الثقافية نجد إلأذاعة والتلفزيون الجنوب السوداني اللذان يعيشان حالة فقر مدقع من البنايات التحتية وعلي مستوى التجهيزات ألأساسية مما يؤثر علي الخدمة المقدمة للمواطن بشكل اساسي . اننا اليوم وبعد كل النقاشات الدائرة من اجل ان نتحول الي مفهوم الدولة ظظا علي القبلية و التعصبات الأثينة والتحالفات السياسية الطيقة . فقد حققنا إلآستقلال المريرة وبضريبة فظيعة من إلأرواح ومن المتملكات وحتي ان الحرب قد تركت جروحات عميقة في اجساد الجنوبين وفي ذاكرتهم . كذلك فليس من المعقول اليوم ان نقبل ان نعود لحرب أهلية اخرى ويصبح جنوب جنوب السودان مسقط عن دولتة وان المعركة اليوم باتت اشرس من معركة السلاح التي كانت بالآمس.