تعليقات في السياسية الداخلية سليمان حامد الحاج نقبل تحدي وزير المالية (2-3) في المقال السابق ضحدنا أكذوبة رفع الدعم عن البترول وبرهنا بالأرقام المستخلصة من ميزانية 2012 أنه لم يكن هنالك دعم أصلاً. ولهذا فالحديث عن رفع لدعم مزعوم يعني الزيادة في أسعار المحروقات وفي حالة الزيادة على السلع الإستراتيجية تزداد أسعار معظم السلع الأخرى. في هذا المقال نحاول توضيح البدائل التي كان من الممكن أن يلجأ إليها السيد وزير المالية ووزارته، وهي بدائل موجودة داخل الميزانية نفسها. في اجتماع الهيئة البرلمانية للتجمع الوطني الديمقراطي المجلس الوطني السابق مع السيد وزير المالية الأسبق وقتها د/ عوض الجاز في مكتبة بالوزارة، ذكر أن الاجتماع للتشاور حول الميزانية ورأينا في مشروعها الذي سيقدم للمجلس الوطني. قدمنا رأي الحزب الشيوعي في الموازنة في المقترحات الآتية كبدائل للضرائب والجبايات والاستدانة من النظام المصرفي الخ.. أولاً: هذه الموازنة لا تختلف كثيراً في توجهها عن الموازنات السابقة التي كرست الفقر ووسعت من دائرة المعدمين وعمقت من حدة التفاوت بين شرائح المجتمع المختلفة وطبقاته. ذلك لأن الأهداف التي تنشدها الموازنة وهي ( تحقيق معدل نمو قدرة 10% وتخفيض التضخم..الخ) ينسفها تضاؤل الإيرادات وتضخم الإنفاق العام. ثانياً : زيادة الأجور المقترحة في الموازنة ( إذا حدثت) ستبتلعها الزيادات في الأسعار والضرائب المباشرة وغير المباشرة الواردة في الموازنة. ثالثاً: ما هو مريب وغريب حقاً أن هنالك إيرادات لم ترد في الميزانية مثل: - إيرادات الذهب والمعادن الأخرى وهي تبلغ أكثر من 50 مليون دولار في العام. - إيرادات المؤسسات التي تشارك الحكومة برأس مال مثل ( مشروع سندس، البنك الإسلامي للتنمية..الخ). - إيرادات الشركات والمؤسسات التابعة للأجهزة الأمنية مثل( مجموعة قادرة للاستثمار – شاكرين – بشائر للبترول...الخ). - عائد صادرات المشتقات البترولية و(تبلغ أكثر من 114 مليون دولار) -إيرادات ديوان الزكاة رغم ضخامة تحصيلها (240 مليار دينار في عام 2004 ويتوقع أن ترتفع الى أكثر من 302 مليار دينار في الأعوام القادمة) . أما فيما يتعلق بالإنفاق العام فإننا نجد أشياءاً أكثر غرابة مثلاً: - معظم الفصل الأول ( الأجور والمرتبات) مخصصة للأمن والدفاع 260.5مليار دينار من جملة 408 مليار( دينار). - المخصص في الموازنة من مصروفات التسيير للأمن والدفاع يعادل 73.1مليار دينار من جملة 127/مليار دينار. بينما نجد أن الإنفاق على التنمية لا يتجاوز 17.5% من الإنفاق العام. ولا توجد ميزانيات تنمية اتحادية لقطاعي الصحة والتعليم. - وفي الوقت الذي تصرف في الحكومة – دون حياء- من أموال الشعب على منظماتها الحزبية كما هو مبين في الموازنة مثل منظمة الشهيد، وهيئة الذكر والذاكرين، وغيرهما) فإنها لا تدعم أي سلعة أخرى, ويؤكد ذلك بنك السودان عن عائدات البترول . - الحكومة لم ترصد في الموازنة أي اعتماد لمقابلة إعادة المفصولين ورفع الضرر وإنصاف المعاشيين . -لم تضع الموازنة أي اعتماد للتنمية في جنوب البلاد وفي تقديرنا أن هذا التوجه يكرس لانفصال الجنوب اذا سارت السياسة الاقتصادية بهذه الصورة القاتمة. - الموازنة لم تعط أي اعتبار لأهل دارفور الذين دمرت قراهم وحرقت مزارعهم وسلبت مقتنياتهم على ضآلتها. ويفوق عدد المتضررين أكثر من 2 مليون نسمة معظمهم من النساء والأطفال والعجزة. ولم تشر الموازنة الى تعمير قراهم أو الشروع في وضع الأساس للمؤسسات الخدمية التي تعين على عودتهم الى ديارهم الأصلية. إننا في الحزب الشيوعي ومنذ وقت مبكر يفوق الستة أعوام نبهنا الى فشل سياسة تحرير الاقتصاد وحرية السوق، ومخاطر الخصخصة ، والفساد وغيرها من السياسات الاقتصادية التي انتهجها نظام الرأسمالية الطفيلية منذ استيلائه القسري على السلطة. وكنا نقرأ ونستصحب الواقع السياسي للبلاد والتجارب المريرة التي مرت بها. ولهذا كان نقدنا أمام السيد وزير المالية د/ عوض الجاز واقعياً وموضوعياً. وكنا جد جادين في نقدنا للسياسات المالية للنظام. ولم نكتف بالنقد السالب. بل كنا في كل نقطة ننتقدها نقدم البديل الذي يراه حزبنا هو الأنسب والأفضل لجماهير شعبنا ولبلادنا. ما عرضناه في المقال الأول وضح مصداقية ما ذهبنا إليه وما تنبأنا بحدوثه . وفي المقال الثالث والأخير القادم سنقدم البدائل التي تمثل التحدي للسيد وزير المالية الذي قبلناه ولا نتوقع أن يقبل وزير المالية بالخيارات التي سنتعرض لها. - نواصل. الميدان