[email protected] ظل السودان يعاني كثيرا في كيفية حكم الدولة السودانية، حيث تم اعتماد النهج الاسلاموعروبية منذ استقلال السودان ،لكن لم تكتب لها البقاء (كما تحدثنا عنها في المقال السابق) ،وكذلك سلكها الحكومة العسكرية الثانية بقيادة جعفر محمد نميري وتطرف باصدار قوانين سبتمبر 1983م التي ادت لاسقاط النظام المايوي بالانتفاضة الشعبية في 6 ابريل 1985م، وحتي جاء الانقاذ بما يسمي بالمشروع الحضاري الاسلامي كرؤية جديدة تحكم بها السودان ،لكن لم تجد تربة خصبة حتي تنبت شجرة هذا المشروع، رغم علمنا بان هذه الشجرة الاقصائية لن تنبت في الدولة السودانية في الماضي ولا في المستقبل ، نتيجة تعدد الثقافات والاعراق والاديان، وبعد تصاعد الصراع المسلح في جنوب السودان والانتصارات المتتالية التي حققتها قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان التي ادت لضعف موقف الحكومة السودانية، بالاضافة الي الضغوطات الدولية لاحلال السلام ووضع نهاية لاطول حرب اهلية في القارة السمراء، ولجأ الطرفين لطاولة المفاوضات التي اثمرت عنها اتفاقية السلام الشامل 2005م ،وبموجبها تم صياغة دستور جمهورية السودان الانتقالي 2005م، حيث اعاد هذا الدستور حرية وكرامة الانسان السوداني كما جاء في الباب الاول : الفصل الاول: الدستور والدولة: (1) (أ) جمهورية السودان دولة مستقلة ذات سيادة وهي دولة ديمقراطية لامركزية تعدد فيها الثقافات واللغات وتتعايش فيها العناصر والاعراق والاديان. (ب) تلتزم الدولة باحترام وترقية الكرامة الانسانية ،وتوسس علي العدالة والمساواة والارتقاء بحقوق الانسان وحرياته الاساسية وتتيح التعددية الحزبية. لكن نتيجة عدم أيمان جماعة المؤتمر الوطني بالحرية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة لم تلتزم بهذا الدستور التي تضمن وثيقة الحقوق في (الباب الثاني )، ولم تلتزم باتفاقية السلام الشامل، لادراكها بان وحدة السودان يعني ان يعيش الانسان السوداني في حرية وكرامة، وهذا ما لا يريده المؤتمر الوطني وبالتالي سوف تموت شجرة المشروع الحضاري الاقصائي ،لذلك اتخذ منبرالسلام العادل (العنصري) لافراز سموم العنصرية في قلوب السودانيين الجنوبين حتي يصوتوا للانفصال وهذا ما اكده الرئيس السوداني عمر البشير في خطابه امام جماهير ولاية القضارف قبل انفصال جنوب السودان قائلا : (اذا انفصل جنوب السودان سنطبق الشريعة الشريعة الاسلامية في السودان) ،وبهذا نفذ البشير اجندته بانفصال الجنوب ، وظل في السلطة بلا منازع لاستمرار اضطهاد الشعب السوداني والاحزاب السياسية المعارضة، بان ليس هنالك عملية للتداول السلمي للسلطة.