[email protected] ببساطة السودانيين.. سأل بلدياتنا خواجة: (Khawaja, do you drink cigarette??).. (ياخواجة.. هل تشرب السيجار).. أجاب الخواجة بفهم من مرّ عليه مثل هذا الخلط (Yes, and I smoke water).. (نعم.. وكذلك أدخن الماء). وأنت.. هل تشرب أم تدخن؟؟.. كم سيجارة تُدخِّن في اليوم؟؟.. علبة من ذوات العشر سيجارات؟؟.. علبتان.. إذن عشرون سيجارة!!؟؟.. سنتفق على علبتين.. على عشرين سيجارة في اليوم. تعال للحساب الولد: طول السيجارة ستة سنتمترات (ثمانية بإضافة الفلتر).. أنت تُدخن علبتان؟؟.. عشرون سيجارة؟؟.. إذن أنت تستهلك مائة وعشرون سنتمتراً من التبغ في اليوم الواحد (بالتقريب متر وربع). إذن.. في الشهر الواحد أنت تحتاج الى 36 متراً من التبغ.. وفي العام تحتاج الى 438 متراً (وبالطريقة السودانية في جبر الأرقام.. قول خمسمائة).. أنت وحدك تستهلك نصف كيلو متر من التبغ في العام.. في عشرين عاماً سوف تدخن عشرة كليومترات.. و(لو منحوك الذهب) لن تستطيع سفلتة عشرة كليومترات. قضية صناعة السيجار وأشكال التبغ الأخرى من القضايا التي اثارت جدلاً كبيراً حينما عكف علماء الإدارة على صياغة قواعد لأخلاقيات مهنة الإدارة.. وبرز وقتها تساؤل كبير اُسمى (قضية مارلبورو Marlboro Question).. وهي شركة السيجار الأضخم في العالم وقتذاك.. وربّما حتى الآن. تساءل علماء الإدارة من منطلق أخلاقيات المهنة: لو انّ مدير مصنع مارلبورو حقق ارباحاً عالية لشركته.. هل يُثاب على ذلك؟؟.. أم يُقدّم للمحاكمة؟؟.. فلو أنّه حقق ارباحاً عالية.. فهي على حساب صحة المدخنين.. فزيادة الارباح تأتي من زيادة المبيعات.. بإدخال مزيد من المدخنين.. أو زيادة استهلاك الفرد الواحد من التبغ. ومازال سؤال مارلبورو يقف شاخصاً بلا إجابة قاطعة.. حيثُ تتوه الإجابات بين مؤيدي (أخلاقيات المهنة).. ومؤيدي (الارباح).. الذين يقولون أنّ مهمة المدير هي فقط (تحقيق الربح لمؤسسته) وليس إصلاح المجتمع. وفي السودان.. ظلّت شركات السجائر (إمبراطوريات مغلقة).. بعيدة عن الإعلام.. لا يعرف أحدٌ ما يدور بداخلها.. ولا مساهماتها في علاج الأمراض الناتجة من التدخين.. تلك المساهمة التي أصبحت فرض عين على الشركات التبغ الأمريكية بموجب قرار صادر من الكونغرس يحمل توقيع الرئيس الأمريكي. أمّا شركات التبغ السودانية فهي تعمل في الظلام.. لا يعلم أحدٌ تعاملها مع الحكومة بقطاعاتها المختلفة (جمارك – ضرائب – محليات – وزارة الصحة). ليس هذا فحسب.. بل هنالك (شبه إتفاق) بين وسائل الإعلام أن لا تتعرّض لشركات السجائر.. لا من قريب ولا من بعيد.. هل قرأتم تحقيقاً أو تقريراً عن شركات التبغ السودانية في إحدى الصحف.. او شاهدتموه في إحدى القنوات الفضائية؟؟؟؟. وأخيراً.. نسرق المثل الإنجليزي الذي تقول ترجمته (افضل من ينصحك بالإقلاع عن الخمر هو مدمن عاجز عن الإقلاع عنه) لأنّه من يشقى بمضارِّه.. لنتتبع أثره بالقول (افضل من ينصحك بترك التدخين هو رجل عاجز عن الإقلاع عنه). أقلع اليوم.. ولا تكن مثل المسطول الذي قيل له (يااا راجل.. التدخين يؤدي للموت البطيئ).. فأجاب (أنا ذاتي ما مستعجل).