يقول الكاتب الصحفي مصطفى أمين في كتابه «ال200 فكرة» تحت عنوان «ذل السيجارة» ما يلي: «أقلعت عن التدخين ألف مرة، وعدت إليه ألف مرة ومرة، وكنت أدخن مائة وعشرين سيجارة في اليوم، ولم أكن استعمل عود الكبريت إلا مرة أو مرتين في اليوم....إلى أن دخلت السجن... وفي السجن كانوا يضايقونني بالتحكم في عدد سجائري... مرة يسمحون لي بعشر سجائر في اليوم، وفي اليوم التالي يجعلونها سيجارة واحدة، ثم خمس سجائر ثم لا سجائر، وشعرت بإذلال عجيب لم أعرفه طول حياتي، وأمسكت سيجارة ودستها في قدمي ولم أدخن سيجارة واحدة بعد ذلك». وأضاف: «ولم يكن الأمر سهلاً، كان يجب أن أجد شيئاً تلعب به أصابعي بدل السيجارة مثل وردة أو سلسلة مفاتيح! وكنت في كل صباح أزأر وأنا أسعل.... كنت أشعر أنني عبداً للسيجارة، وعندما امتنعت عن التدخين أحسست أنني أصبحت حراً. ما ألذ طعم الحرية! وأصبحت أشعر أنني أصغر باثنتي عشرة سنة! أي عن كل عشر سجائر سنة! ليس هذا قوة إرادة، إنما هو حب الحياة»... وصورة شخصية مارلبورو الإعلانية الشهيرة «ديفيد مكلين» راسخة في أذهان كثير من المدخنين وهو يوقد سيجارته من جذوة أو هو ممتط صهوة جواد وتحته عبارة «تعال إلى حيث النكهة» فلقد بلغ من شهرته أن أطلق عليه لقب رجل مارلبورو. ورجل مارلبورو سقط ضحية التدخين بسرطان الرئة وأمضى بقية أيامه تحت جهاز التنفس إلى أن وافاه الأجل، وقد لازمه أخوه في أيامة الأخيرة، وعانى كثيراً من تردي حالة أخيه ومعاناته مع المرض فقرر أن يبذل كل جهد في القضاء على ظاهرة التدخين لكي لا تتكرر مأساة أخيه...التحقيق ادناه يزيح بعضًا من دخان السجائر... ليظهر ما خفي: سريان قانون مكافحة التبغ ومأساتنا في السودان أعلن عنها البرنامج القومي لمكافحة التبغ، عندما كشفت احصاءاته أن المعدل الكلي لانتشار التبغ فى السودان بلغ «14%» بمعدل انتشار يومي «12%»، فيما بلغت نسبة انتشار التبغ وسط المجتمع الصحي، وفقاً لآخر عينة «51%»، بينما بلغت نسبة أطباء الامتياز الذين يتعاطون السجائر «14%» ونسبة المدخنات من الطبيبات «3,5%». واعلن وزير الصحة بولاية الخرطوم البروفسير مامون حميدة عن سريان قانون منع تداول التبغ في المؤسسات الصحية العامة والخاصة بولاية الخرطوم، واشار حميدة الى ان ولاية الخرطوم تستهلك «450» مليون علبة سجائر. واشار الى ان القانون ينص على عقوبات تطول مخالفيه تصل الى السجن ثلاثة اشهر او الغرامة «300» جنيه، او العقوبتين معًا. أمراض الصدر يقول مصطفى الترابى عن التدخين وعلاقته بأمراض الصدر وسرطان الرئة: السعال في الحالات غير العادية «المرضية» له فائدة عظيمة هو طرد جميع الأجسام الموجودة داخل القصبات، ومن هذه المواد القيح، والإفرازات المخاطية، التي تتشكل عادة نتيجة الالتهابات القصبية بسبب وجود مواد مهيجة، ومن ضمنها التبغ. وحول أثر التدخين في السيدات الحوامل بين الدكتور مصطفى الترابى أن الأم الحامل المدخنة بنفسها أو باستنشاق مخلفات تدخين زوجها تقدم لجنينها نسبة أكسجين أقل «سيجارة واحدة تنقص الأكسجين المتاح له بقدر الثلث» ونسبة من أول أكسيد الكربون «وهو كما نعلم غاز قاتل» وهذه النسبة تؤثر في نموه وتطوره وفي جاهزية أعضائه كالقلب والغدة الدرقية والجهاز المناعي.. إلخ، فالمرأة الحامل عندما تدخن فهي تدخن لاثنين، هي وجنينها. وحول العلاقة بين التدخين وأمراض القلب وأمراض الشريان التاجي يقول الترابى:وُجد أن التدخين يسبب الذبحة الصدرية المبكرة والموت المفاجئ، وكذلك تصلب الشرايين وضيق الأوعية الدموية الطرفية، وجلطة الساقين... وأثبتت الدراسات ارتفاع معدل الوفيات بسبب الذبحة الصدرية وأمراض القلب إلى نحو «70 %» من المدخنين من غير المدخنين. أقر كمرض ويقول استاذ علم النفس بجامعة النيلين اشرف قرشى ان من المفاهيم الجديدة أن التدخين هو مرض في حد ذاته وليس مجرد عامل من العوامل المسببة للأمراض، وذلك حسب التصنيف العالمي للأمراض الذي أقرته منظمة الصحة العالمية. كما أن الدخان المستنشق من السجائر عقار كيميائي وليس مجرد دخان عادي له أعراضه المباشرة وأعراضه الجانبية وله مضاعفاته القريبة والبعيدة الأجل، كما هو الحال مع أي عقار آخر.ما يزيد من الخطورة أن هذا الدخان «أو العقار» لا يمثل خطورة على صحة المدخن نفسه وحسب وإنما يتعداه الى كل من هم حوله. من المفاهيم المطلوب تصحيحها أيضاً النظر إلى التدخين لا باعتباره مجرد عادة، ولكنه نوع من «الإدمان» الذي ينبغي معالجته جديًا، حيث أن إدمان النيكوتين هو أيضًا مرض قائم بحد ذاته. إضافة إلى أن إدمان التدخين يؤدي إلى أنواع أخرى من الإدمان مثل الكحوليات والمخدرات. ويبن قرشى ان هذا الإدمان هو ما يفسر صعوبة إقلاع الكثيرين عن التدخين وقد أثبتت الإحصاءات أن أكثر من ثلثي المدخنين يرغبون في الإقلاع عن التدخين، ولكن الكثير منهم لا يقدرون على ذلك إلا بعد محاولات عدة، أو يقلعون لفترة ثم يعودون للتدخين مرة أخرى وبشراهة أكبر من السابق... وقلة هم الذين ينجحون في الإقلاع عن التدخين من أول محاولة ودون مساعدة خارجية..لماذا؟ لأن التدخين هو إدمان. وهو مرض يصعب علاجه أحيانًا. واشار الى أن صعوبة التخلص من التدخين دفعت بعض البلدان الى تطبيق قرار منع التدخين في الأماكن العامة «المقاهي والمطاعم والفنادق» ومواصلة تقديم النصائح التوعوية التي تساعد المدخنين على ترك السيجارة، وإن كان بعضهم يرى انه قرار صعب خصوصًا بالنسبة للمدمنين، وهؤلاء يشكلون نصف عدد المدخنين تقريباً. مستوى الارتباط وتقول المعالجة النفسية بالمركز الطبى الحديث الدكتورة سعاد موسى انه كان يظن أن تدخين النساء أقل ضرراً منه عند الرجال ومازال هذا الوهم يجد رواجاً بين النساء حتى صار التدخين لدى النساء أقبح وأفدح، باسم الموضة والوجاهة الاجتماعية وبدأت بعض الفتيات والسيدات في الإقبال الشديد على أنواع جديدة من السجائر والشيشة المحمولة التي يمكن حملها في حقيبة اليد الحريمي.واضافت أن هناك تزايداً مستمراً في الإصابة بسرطان الجهاز التنفسي عند النساء وسرطان عنق الرحم بنسبة أعلى من غير المدخنات وأيضاً يؤثر سلباً على وظيفة الإنجاب عند المرأة، كذلك يزيد من خطر حدوث اليأس المبكر والإجهاض والولادة بأجنة ذات وزن منخفض، كما أنه يؤثر أيضاً على مظهر المرأة وجمالها وأيضاً حالتها النفسية فتعاني المدخنات من الظهور المبكر لتجاعيد البشرة وأمراض اللثة وتسوس الأسنان وروائح الفم الكريهة كما أثبتت الدراسات أن نسبة الاكتئاب والتوتر النفسي كثيرة، وكثير من المدخنات يعتقدن أن التدخين يهدئ الأعصاب غير أن ما أثبتته الدراسات يؤكد أن التدخين يزيد الضغط العصبي وليس العكس ولا ينكر مساوئ ذلك خصوصاً في الدول النامية ومع ذلك ترتفع نسبة المدخنات لذا يجب تطوير برامج توعية ضد التدخين من الناحية الدينية والثقافية والاجتماعية والتوعية الصحية وعلى مختلف الأصعدة وبشكل يتناسب مع المستويات الثقافية المتفاوته جداً.