[email protected] ضغوط هذه الأيام على (محمد أحمد السوداني) كان ما وقفت شوية أكيد سوف تتغير الكثير من مفاهيمه وأولها جنس كلمات الشاعر الراحل (إسماعين حسن) والتي يغنيها بكل تجرد فنانونا..... تأمل عزيزي تلك الكلمات التي خرجت صادقة من الفنان والتي تفهم منها أنه لا يمكن أن يبدل جنسيته السودانية ولا حتى يجعلها مزدوجة... فهل يا ترى سوف يستمر الحال كثيرا ما ظنيت.... فما الذي جعله واثقا لذلك الحد....ربما دا كان أيام جوز الحمام كان تلاتة واللحمة بالوقة فأين نحن من هذا.... عموما لم أجرب أن أكون “ما سوداني" و لكن ما أراه وأسمع عنه كل يوم أرى أنها تجربة ولابد ناجحة... فالذي يدفع “دم قلبو" في محاولات متصله لكي يفوز باللوتري ويصير أمريكيا لا بد وأن هناك فائدة سوف يجنيها من وراء ذلك وسوف يكون في مخيلته المواطن الأمريكي الذي يدافع عنه رئيسه في أي مكان وزمان محققا قول الخليفة “لو أن بغلة عترت في العراق لكان مسئولا عنها" وسوف يكون في مقدوره أن يدخل ويخرج من الدول “زي السلام عليكم" فحسبه أن “يجدع" الباسبورت الأمريكي بتاعو في كاونتر الجوازات في أي نقطة وصول وفي أي مطار فيتلقفه الضابط ويختمه دون قيد أو شرط .... والبيقدر يعرس واحده تشبه ما يراه في الأفلام الأمريكية ويهديها وردة في عيد ميلادها دون أن “تشنف" تلك الهدية قائلة... “و سوق الدهب دا انت عميان منه" والذي يمكن أن يصير أبا لأبناء وبنات ولكل غرفتة يمر عليهم بالليل ... “تصبح على خير بيبي سويت دريمز... والعجب عندما يأتي الى السودان يذهب الى جهاز تسجيل الأجانب لأكمال اجراءات اقامته في السودان. تخيلت بمن يدفع نفسه للتهلكة ويضعها بين نيران العدو الاسرائيلي وجدار العبور الى اسرائيل ليحظى بالعيش فيها... لا بد وأنه قد سمع ان اسرائيل برغم عمايلها تتمتع بأقوى وأحسن نظام ديمقراطي في العالم ... يسائل المسئولين لتجاوزاتهم وبكل شفافية ويبلغ معدل الصرف على البحوث اضعاف ما يصرف في بقية الدول... تسائلت بمن يركب في قارب متهالك غير مضمون ليمخر به عباب البحر ليصير الى شواطئ ايطاليا .. وغيرها من التجارب عمرة وزوغة وان كانت غير مضمونة العواقب فلا شغلا سيجد ولا تابعية.... وهكذا تفرق السودانين في كل الاتجاهات .. فقد حكى لي صديق أنه سمع صوت الكابلي يتردد من كوخ في شاطئ في مكان هو نفسه لم يصدق أنه بلحمه وشحمة قد وصل الى تلك البلاد لولا ناس الأممالمتحدة واجتماعاتهم الغريبة التي لا يختارون أمكنتها اعتباطا ... فحسب المجمتعين أن يناقشوا مشكلة التصحر في العالم على أنغام موسيقى هادئة وسط رائحة “الباربكيو" و كؤوس الشامبانيا في أجمل بقاع العالم ... تذكرت حكاوى ابن عمي الأمريكي كيف أن موجة من البوس (kissing ) سرت وسط المرّحلين من الكويت وسط استعار الخلافات واجتياح العراق لها لأطفالهم ذوي الجنسية الأمريكية فقد كانوا سبب سعادتهم الحقيقية فلقد ولدوا أثناء ابتعاثهم لتلك الدولة ولم يرجعوا للسودان كحال كثير من المبعوثين وتلقفتهم الكويت برواتبها العالية فلم يتوانى الأمريكان من اجلائهم من ذلك السعير الا “وعشان خاطر أولادهم"... فقد تولوهم بالرعاية فرّكبوهم أحسن السيارات الى الأردن وأحسن الطائرات الى “الاستيتس" وأسكنوهم في أحسن الفنادق ريث توفيق أواضعهم مع “غمتة" كبيرة في المطار لا يزالوا يشعرون بحرارتها رغم انقضاء عشرون ونيف عاما ... تذكرت قديما عندما كان المستعمر الإنجليزي في بلاد العرب والعجم والسند والهند يلجأ إلي نفي فرد أو اثنين من زعماء أو أقطاب معارضي سياساتهم الاستعمارية، وكانت الدنيا تقوم ولا تقعد حتى يعاد المبعد إلي بلاده معززا مكرما.... فتذكرت من هؤلاء “سعد زغلول" من مصر، الزعيم الكردي الشيخ محمود الحفيد والشاعر معروف الرصافي من العراق وغيرهم.... ليسو كثيرين كما جرى لاحقا في عهد حكومات الانقلابات الوطنية والقومية التقدمية؛ حيث لم يعد المعارض لحكومات “الثورة المستمرة" ينفى إلي زنجبار أو إلي جزر “الواق الواق" بل إلي حتفه و لكن ليس قبل أن يفقد كثيرا من وزنه وشيئا لا يستهان به من كرامته، و قدرا من أعضائة التي أكرمه الله تعالى بها... تذكرت المحظوظين من نجو فقد كانوا أفرادا خلال الستينات زادت همتهم خلال الثمانينات والتسعينات فكثروا وصاروا يعدون بالمئات والألوف لان الحكومات "التقدمية" تؤمن بالتطور عليه فان عدد المنفيين تطور أيضا فصاروا يعدوا بالملايين، المضحك المبكي في الموضوع هو أن الملاذ الآمن الذي لجأت إليه كل هذه الأعداد الهائلة هربا من شراسة حكوماتهم واستهتارها بالقيم... هو بلاد مستعمر الأمس. ففي بريطانيا وحدها الملايين من الدول العربية الذين زاحموا الانجليز في بلدهم ونهلوا العلم معهم ومنهم من أدار تجارة رابحة ومنهم من ينتظر ولم تقصر حكومات المستعمر من منح الجاليات الاسلامية دورا للعبادة فزادت همة المسلمين وبنوا مسجدا تلو مسجد وصارت أعداد المسلمين في ازدياد من المهاجرين وحتى من المستوطنين وازدادت مدارس الجاليات العربية وان لم تكن مقنعة للكل.... خاصة الأطفال منهم اذ يرونها كأنها فصلا من المجتمع الجديد الذي اعتادوا عليه وبها الكثير من الجرعات الدينية على حساب ما استجد من علم في رصيفاتها من المدارس الأخرى كما ان مدارس الجاليات اقتصرت على التمهيدي من الدارسات فلم تواكب فالطبيعي ان واصل الطلاب في مدارس كل دولة وتمازجوا مع المجتمع وصاروا يقضون فيها وقتا أكثر من منازلهم فكان الاستلاب... ولكن نحمد للتواصل في العلاقات بين السودانين حتى صارت هناك أحياء للدناقله في واشطن وشوارع للسودانين في لندن.... نعم ان لكل هؤلاء أطفالا كبروا ووعوا على حضارة مختلفة فهل يا ترى من يسمع منهم كلمات تلك الاغنية سيتحسر مثلي على الحال الذى صرنا اليه و سودان العزة الذي كاد أن يصير تاريخا أم أن ذلك بالنسبة اليه غير مهما.... فهو لايحفظ ذكريات عن السودان مثلي. هناك أيضا من الأطفال و الطلاب من عاشوا و ما زالوا يعيشون في السودان في ظروف لم تماثل ما عايشناه نحن كطلاب فعانى الكثير من تدني في التدريس ومعيناته ولم يجد المتخرجين حديثا من يأخذ بيدهم ويعطيهم الوظائف ومناخا ودخلا يحقق لهم ما حلموا به منذ نعومة أطفالهم وفي ظل العولمة وفقدان الأمل هنا يكون دائما التفكير في “يا ربي كيف يكون الحال لو ما كنت سوداني" من منظورهم هم و ليس اسماعيل حسن. فمنذ نعومة أظفارنا ونحن نحفظ ونردد في مدارسنا كل أناشيد الوطن من .. نحن جند الله جند الوطن... بلادي بلادي .. الى غيرها من الأناشيد والأهازيج التي تتغنى وتمجد الوطن ونردده مع كل معلم ً .. كانت علاقتنا بالوطن في طفولتنا نشيد وأهازيج نبادله حبا بحب وأستمر الحال وما زالت تلك الأناشيد وان زادوا عليها قليلا من أهازيج هذا الزمن التي لونها الحكام بالدين والجهاد تعبيرا عن مرحلة جديدة ما زلنا نعايشها مع أن الزمن تغير ووضعت الحرب أوزارها. الا أننا نفتقر الى جدية واخلاص اولي الأمر في الدولة وتبنى سياسة تقرب المواطنين اليهم وتجعل من يغترب و يهاجر أن يرنو الى الوطن بحب وتقدير. لم يطرح المخلصون اليوم في إعلامنا كيف نعزر الانتماء لدى المواطن؟ كيف يتحول الوطن إلى قصة حب؟ ما حق المواطن على وطنه؟ لماذا يجحد الوطن أبنائه؟ ولماذا يعاملنا أولي الأمر وكأننا سبايا لديه لايشاركنا في قرار ولا يهتم الى رأينا ولم يرعوي في التعامل مع مقدراتنا فبات الوطن كلوووو ضيعة يتصرفون فيها بما يتفق.... أسئلة كثيرة لا مجيب لها !! في ظل ضجيج إعلامي محموم يضم عشرات التهم المعلبة والجاهزة في حقك ان ارتفع صوتك مقوما.... حاقد .. ناقم .... ثورة مضادة .. طابور خامس .. تكفيري.......؟؟