[email protected] رمضان كريم ... درج أهل مهنة الصحافة السودانيّة - كما أهل المهن الأُخرى - على تخصيص يوم - على الأقل - فى شهر رمضان المُعظّم ، للإفطار (الجماعي) للعاملين فى المؤسسة/ات الصحفيّة ، يكون بمثابة مناسبة إجتماعيّة إستثنائيّة ، وأمسية رمضانيّة ترويحيّة من طراز خاص وفريد ،يُقصد بها مد جسور التواصل الإجتماعى بينهم وعائلاتهم وأسرهم وأصدقائهم. ولكم أسعدنى وسرّنى أن أقامت أسرة( الميدان ) يوم إفطارها الجماعى هذا العام ، فى منزل الغائب الحاضر رئيس التحرير الأستاذ التجانى الطيّب.ولاشكّ أنّ قضاء أمسية رمضانيّة فى بيت الأستاذ وفى رحاب أُسرته الصغيرة والممتدّة ، له دلالات ومعانى كبيرة ، يصعب حصرها فى مقال واحد . ولأنّ للذكريات حبال طوال وشلّالات تنهمر ، لازلت أذكر تفاصيل ذكرى أوّل إفطار رمضانى بعد عودة ( الميدان) " السريّة " إلى " العلن " عام 2007 ..يومها أقمنا الأفطار الجماعى للعاملين فى الصحيفة وأُسرهم فى(حدائق الشعب )، بشارع النيل بالخرطوم .وقد ضمّ الإفطار،كوكبة من أصدقاء (الميدان ) وكُتّابها وأنصارها وحُرّاسها المعروفين ، وقد ضمّ اليوم التاريخى " تمثيل رمزى " مقصود ومحدود " جدّاً " لمحرّريها وموزّعيها فى أزمنة السريّة ،بما لا يخرق قواعد " التأمين والعمل السرّى " و" الإنضباط الحزبى " المعهود، الذى جعل سكرتير الحزب الأستاذ نُقد - الغائب الحاضر الآخر - ،حينما سُئل ،فى برنامج تلفزيونى ، وطُلب منه الإفصاح عن أمكنة إختفائه فى سنوات الحكم المايوى ، يجيب بإغتضاب شديد ، بالعبارة الذكيّة " عفواً ،قد نضطّر إلى ذلك مرّة أخرى " ..وقد كان !. وقد جرت العادة أن تُشارك الصحيفة من ( حُرّ ) مالها ، بجُعل مقدّر من مال التسيير، فى تحمُّل بعض النفقات الإضافيّة لليوم الترفيهى، وأن يُسهم العاملون وأُسرهم فى ( التوسعة ) تطوّعاً ، بإحضار بعض المشروبات والمأكولات والحلويات الرمضانيّة و " ترامس " القهوة والشاى والحليب . ويومها ، تنداح الذكريات وتُحكى القصص النادرة . وسرعان ما يكتشف الحاضرون بعض مواهب " الزملاء والزميلات " فى قرض الشعر والغناء والتمثيل و" التنكيت " و " التقليد " ويساهم " كل ممّا عنده " فى أحاديث الذكريات . كما تتأتّى أروع الأفكار والملاحظات والمُقترحات القيّمة ، فى جبهة التطوير والتجويد، إذ تأتى فى عفويّة وإنسياب بليغين. وتتنزّل على الجمع الكريم ، أجوبة مُلهمة للسؤال المحورى والهام : ما العمل ؟!. وعلى ذات التقاليد ( السودانويّة ) المرعيّة ، واصلت ( شبكة الصحفيين السودانيين ) - مثلها مثل بقيّة منظمات المجتمع المدنى الأخرى - و أكّدت حرصها على إقامة إفطارها الرمضانى الجماعى السنوى ، هذا العام ، بدعم ومشاركة خالصة من الأعضاء . و كما جرت العادة ، تتوزّع أحاديث الإفطار الجماعى ، بين الهم الإنسانى العام والسياسى والمهنى والإجتماعى . وأعجب كيف تعاملت السلطة وقيادة نقابتها الرسميّة ( إتحاد المحامين )، مع الإفطار الجماعى " الأهلى " للمحامين، بدارهم العامرة بالخرطوم .إذ أمطرتهم بوابل من ( عنف الدولة ) و عنف " بلطجيتها " بالضرب والإساءة والتجريح والإهانة ، فى حادثة ، غير مسبوقة – البتّة - فى تاريخ معاملة ( الإفطارات الجماعيّة ) التى تقيمها الجماعات المهنيّة ..وهى ظاهرة ومعاملة لا تليق أبداً بالشهر الفضيل .وهو شهر مكارم الأخلاق . ومازلت وساظل أعجب أكثر - مع المجتمع الصحفى - لظاهرة ( الإفطار الرمضانى) " المرعى " .. وهو إفطار ( مدفوع من الخارج ) و " كامل الدسم " !. وقد درج إتحاد الصحفيين السودانيين ،على إقامته سنويّاً ( برعاية ) شركات الإتّصالات . وإن كنت أفهم دلالات ومعانى وأهداف ، رعاية هذه الشركات وغيرها من (بيوت المال ) للبرامج والسهرات التلفزيوبيّة ،بغرض إستثمار وقت البث البرامجى للدعاية والإعلان للشركات ( الراعية ) ، إلّا أنّ ظاهرة الإستثمار التجارى فى ( الإفطار الرمضانى ) أمر يصعب فهمه وتصديقه . وهو سيناريو ومسلسل رمضانى سنوى تنتجه و " تؤصّل " له ، للأسف ، مؤسسة مهنيّة للصحافة والصحفيين ، كان ينبغى ويتوجّب على قيادتها أن تتمتّع بحساسيّة عالية تجاه هذه المسألة بالذات..و حتماً - لا تخفى علي قيادتها " الرشيدة "،دلالات ومعانى هذه مثل (الرعاية ) " المجّانيّة " للإفطارات الرمضانيّة ..ولكن ، كما يقول أهلنا البسطاء : إذا عرف السبب ، بطل العجب !..ورمضان كريم .