حاطب ليل اين نحن منهم؟ د.عبد اللطيف البوني متابعتي لبعض المسلسلات المصرية من خلال القنوات المصرية فرضت علي التعرف على سوق الاعلان في ذلك البلد. ولدهشتي وجدت أن الجانب الاجتماعي الانساني يشكل نسبة كبيرة من مجمل المواد الاعلانية، فهناك اعلان ضخم من حيث الفكرة وجاذب من حيث الشكل يدعو للتبرع لمدينة زويل العلمية. ومن خارطتها يبدو انها مدينة بحق وحقيقة يظهر في الاعلان الدكتور أحمد زويل شخصيا ثم مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة الذي يطالب بدفع الزكوات والصدقات والتبرعات لذلك الصرح المهم. كما يظهر الدكتور مجدي يعقوب جراح القلب العالمي والدكتور محمد غنيم احد رواد زراعة الكلى العالميين. وفي نهاية الاعلان يظهر رئيس مجلس ادارة البنك المصري راعي الحملة مع خطاب مكتوب بخط يد أحمد زويل يشكر فيه البنك لتبنيه هذه الحملة. وروح الاعلان تقوم على فكرة أن العلم هو الذي سوف يضع مصر على الخارطة العالمية ولا شيء غيره. هذا الاعلان تبثه كل القنوات المصرية وفي كل مسلسل كذا مرة ولا يمكن للمشاهد أن يمله لفنياته العالية ولفكرته النابضة. ليست مدينة أحمد زويل وحدها التي تسيطر على الاعلان التلفزيوني بل هناك اعلانات كثيرة من شاكلتها مثل الاعلان الذي يناشد لدعم مؤسسة مجدي يعقوب لامراض القلب وآخر لدعم مستشفى سرطان الاطفال وثالث لدعم مستشفى الكبد ومستشفى ...و.... طبعا كلها مستشفيات خيرية تعالج مجانا، واعلان يطلب الدعم للدواء عالي الكلفة لمرض الروماتويد. وهناك اعلانات تناشد الناس دعم القرى الفقيرة وتوفير فرص العمل للفقراء بتمليكهم ادوات الانتاج البسيطة وآخر لكسوة الفقراء. وفي كل اعلان يُحشد عدد من العلماء يفتون للعامة بأن التبرع لهذه المؤسسات مصرف من مصارف الزكاة اي يمكنك ان تدفع زكاتك وانت مطمئن، ويحتوي الاعلان على اسم الجمعية او المنظمة التي تتبنى المشروع واسم ورقم الحساب الذي يمكن الايداع فيه اللهم الا مدينة زويل فهذه يمكن أن تودع لحسابها ذي الرقم المميز 10001000 في اي بنك من بنوك مصر وكل هذه الاعلانات صممت لشهر رمضان على اساس انه شهر التقرب لله بالزكوات والصدقات ومضاعفة الحسنات. كثرة هذه الاعلانات الذكية توضح أن مؤسسات المجتمع المدني في مصر تقوم بدور المسؤولية الاجتماعية بجدارة ونجاح. ولعمري أن هذا تطور اجتماعي غير مسبوق في العالم العربي الاسلامي. وبالطبع اي مواطن غير مصري يشاهد هذا الامر لابد من أن يسأل اين بلاده من هذا التطور الاجتماعي؟ في السودان يندر أن تشاهد مثل هذه الاعلانات اللهم الا ذلك الذي تقوم به منظمة مجددون التي تقوم بتوفير وجبة فطور لكميات مهولة من تلاميذ المدارس في ولاية الخرطوم وهي منظمة ناجحة جدا ولها اعلانات معبرة جدا كذلك يسأل فيه الاستاذ تلاميذه "ماذا تتمنون أن تصبحوا في المستقبل؟" فيقول كل تلميذ امنيته بينما يظهر تلميذ ضبلان يقول عاوز أكل، وذلك الاعلان الذي يُظهر بنتا تجلب موبايلها من اجل شراء الدواء لوالدها ولم تجد من يشتريه. وبالمناسبة جمعية مجددون لعمرو خالد الداعية المصري دور في تأسيسها. نرجع لسؤالنا اين نحن كمجتمع مدني من هذه المسؤولية الاجتماعية؟ بالطبع ليس في مقدورنا الاجابة على هذا السؤال فالدنيا نهاية رمضان والمقال في نهايته ولكن لابد من شوية اسئلة ذات صلة بالموضوع اين علماؤنا؟ اين اطباؤنا الكبار؟ هل الدولة صادرت واجب المسؤولية الاجتماعية من المجتمع؟ واين ذهبت بها؟ السوداني