د. عبداللطيف محمد سعيد [email protected] في هذا الزمان التي كثرت فيه الفتاوي أصدر مجمع الفقه الإسلامي فتوى حرم بموجها استعمال التبغ بكل أنواعه لثبوت ضرره على الإنسان ومن حوله باتفاق أهل المعرفة، وجاءت الفتوى بناءً على مطالبة أعضاء المجلس التشريعي لولاية الخرطوم للمجمع باستصدار فتوى شرعية حول التبغ ومشروع قانون مكافحته الذي أجازه المجلس في دورته السابقة ورهن التوقيع عليه باستصدار فتوى شرعية بشأنه، وأشارت الفتوى التي تسلمها المجلس إلى أن مشروع القانون يكافح التبغ ويحد من استعماله وآثاره الضارة، وقال إنه موافق للشريعة الإسلامية ومقصودها لأن القانون يعمل على تقليل مفاسد التبغ ومضاره، وقالت الفتوى إن المجمع بعد أن درس مشروع القانون أكد على حرمة التبغ بكل أنواعه وطرق استعماله لثبوت ضرره على الإنسان ومن حوله باتفاق أهل المعرفة ولقوله تعالى (ويحرم عليهم الخبائث) «الأعراف 157»، وقوله صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) وللقاعدة الفقهية المتفق عليها (الضرر يزال)، دعا المجمع الجهات المعنية كافة للعمل على منعه وحظره استعمالاً واستيراداً وتصنيعاً وزراعة. من الفتوى يبدو ان التبغ المحرم هو التمباك والسجائر والله اعلم. ولا ندري لماذا لم تحرم الفتوى الشيشة او الغليون وربما يشمل هذه(حرمة التبغ بكل أنواعه وطرق استعماله) وان كنا نرى مثل هذه الفتاوي يجب ان تصدر بلغة واضحة واسلوب مباشر من النوع الذي يقال عنه(نافياً للجهلة) وبعد الفتوى نعود ونتساءل كيف يتم المنع في دولة بها مصانع للسجائر؟ والسجائر او التبغ بانواعه يباع في وضح النهار وعلى عينك يا تاجر. وهل بعد هذه الفتوى لا نحتاج الى قانون او قوانين تحد العقوبات التي تطبق على مت يزرع او يبيع او يروج او يستعمل أي انواع من التبغ؟ وهل ستكون البداية باغلاق المصانع؟ ان الامر يحتاج الى خطة تبدأ بكشف مضار التدخين ثم التحذير ثم رفع اسعار التبغ ثم اغلاق المصانع وعدم منح رخص لاماكن البيع التي تنتشر بصورة واضحة وفي مواقع استراتيجية من العاصمة... ثم ابدال زراعته بمحاصيل نقدية مجزية تجعل المزارع يتحول اليها طوعاً وبعد ذلك جبراً. ان مراعاة التدرج في المنع والحظر مهم ولنا في اسلوب القرآن الكريم في تحريم الخمر والطريقة التي اتبعها خير مثال، فقد تدرج القرآن في منع الخمر وكان شراب الخمر عادة جاهلية راسخة في وجدان الامة ولكن عندما نزل قوله تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (سورة المائدة، آية 90) كان المسلمون قد وصلوا درجة القناعة الكاملة بمضار الخمر فامتنعوا عن الخمر. هذا ما نحتاجه اليوم فالفتاوي وحدها لا تكفي والكثيرون يدخنون ويتعاطون التمباك واماكن البيع علنية... ورغم التحذير المكتوب على علبة السجائر او اماكن بيع التمباك بان التدخين ضار بالصحة او التمباك يسبب السرطان يواصل الكثيرون ممارسة هذه العادات الضارة. ننتظر ماذا سيحدث بعد الفتوى. والله من وراء القصد