[email protected] اولا التهمئة الحارة لكل ثوار الربيع العربي في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا ولمن يتأهب للثورة ونتقدم بالتهنئة الحارة للإخوة المصريون على نجاح ثورتهم الظافرة ضد االظلم والطغيان والفساد ونهنئ الإسلاميون عل فوزهم عبر الإنتخابات ونرجو لهم االسداد وأن يوفقوا في ارساء دعائم الحكم الرشيد في مصر العزيزة. هذه مناصحة وسرد موجز لتاريخ الحركة الإسلامية في حكم السودان.نرجو ان تستخلصوا منها من العبر ما يفيدكم في تحري الصواب وتحقيق العدل والذي هو اساس الحكم. بداية نقول إن اننا مسلمين ونؤمن ان الإسلام هو دين الفطرة وهو الحل الناجع لمشكلات العصرولكل ما يستجد منها مستقبلا. وان سوء التطبيق لا يقدح في سمو المنهج. فالمنهج رباني من لدن خبير خلق كل شيئ ويحيط علمه بكل ما خلق . ولكن اخوانكم من الإسلاميين في السودان والذين ارتشفوا من رحيق المفكران حسن البنا وسيد قطب وأسسوا حركة الإخوان المسلمون في السودان في منتصف القرن الماضي.أتوا ما لم بأت به الأوائل. لقد شاركوا في الحياة السياسية بشقيها الديمقراطي المدني والعسكري الشمولي. وكانوا فصيلا مهما رفد الحياة السياسية والثقافية والإجتماعيى بالكثير من الأفكار النيرة وساهم في حوار فكري راقي مع الحركات الفكرية الإخرى الرأسمالي والإشتراكي وكل الأفكار السياسية التي اجتاحت المنطقة يسارا ويمينا شيوعي وبعثي وناصري وقومي وجهوي وصوفي وسني وشيعي وغير ذلك وكل هذا اثرى الساحة الفكرية والوجدان السوداني. واستفادت الحركة الإسلامية من المصالحة عام 1977مع نظام الرئيس نميري العسكري(مايو1969- 1985م) في وقت كانت القوى السياسية تصعد من نضالاتها ضد الحكم العسكري الباطش انذاك وتلاقي منه الأمرين. فإذا بهم يقلبوا الطاولة على كل أصدقاء الأمس ويقودا انقلابا عسكريا شرسا في 30 يونيو1989 . مانراه نحن من خارج ملعب السلطة لايراه اللاعبون وهم في غمرة إندفاعهم وراء الكرة.واذا علمنا ان الكرة هنا هي الكرة الأرضية او الدنيا لعملنا خطورة وضع الإسلاميون.فالسلطة مفسدة والمال فتنة وقد اجتمع كليهما للإسلاميون في السودان. ونرجو صادقين ألا يكون حال ايمانهم قبل القفز على السلطة افضل منه بعدها .فلنفس هذا السبب ابتعد البعض زهدا في السلطة والمال وبالطبع فإن هولاء لا نزكيهم على الله ونحسبهم من الفائزين إذ انهم تقدموا عند اوقات العسر واعتزلوا عند توزيع المكاسب فرارا بدينهم وخوفا من الفتنة .وللسلطة والمال فتنة عظيمة. .ولكن ماهي اخطاء الإسلاميون في نظرنا؟ انها اخطاء كثيرة ولكنا نورد هناا اهمها أول هذه الأخطاء هو الإستيلاء على السلطة بإنقلاب عسكري. هذا افقدهم المصداقية وقد بذلوا لاحقا الكثير من الجهد والمال والوقت لتصحيح ذلك واستعادة صورتهم الزاهيه الي يحفها اطار من القيم السامية.قبل الإنقلاب كانت اعدادا مقدرة من الشعب السوداني معجبة بالخطاب الإسلامي الذي طرح نفسه بإقتدار ضد أفكار اليسار بكل اجنحته وضد القوى السياسية التقليدية . الحركة الإسلامية في السودان طرحت افكارا جاذبة تداعب أشواق الناس لقيام دولة الإسلام التي تطبق قيم الحق والعدل. وبينما كان الناس يسرعون برضاهم للإنخراط في الحركة الإسلامية في فترة الديمقراطية إعجابا باطروحاتها وحبا في أدبياتها . بعد الإنقلاب اصبح كثيرون يسرعون نحوها طمعا في مناصبها واموالها .وهم والحال هذه لايمكن اعتبارهم عضوية تهتم بتطوير الحركة في السراء وتنافح عنها في الضراء. وتحدثوا عن دولة الحق والعدل والفضيلة ىولكن للأسف الشديد عندما اتي المحك الحقيقي لتطبيق هذه الأفكار السامية فشل الإسلاميون وسقطوا عند التطبيق على الواقع . وبدءا من وصولهم للسلطة. بإنقلاب عسكري عنيف ضد أصدقاء الأمس من الاحزاب التى شاركتهم السلطة واسرارها بكل حسن نية. وحتى يومنا هذا ظلوا يمارسون ظلما للعباد ولا يراجعون انفسهم لرفعه وتصحيحه. استخدموا العسكر للقفز على السلطة بليل ثم قاموا بعسكرة كل كوادرهم وشرعوا في عسكرة كل الشعب. واجترحوا هتافات معادية للعالم وألفوا شعارات لها وقع جيد في الأذن ولكنها اوقعت الخدمة المدنية في السودان في في تناقض عجيب. حيث ساد شعار(الولاء قبل الكفاءة) وشردت الكوادر الخبيرة ليتبوأ صغار الشباب مناصب خطيرة دون خبرة اودراسة او دراية. وهكذا تدنت الخدمة الوطنية وتأخرت البلاد وتضررت مصالح العباد وعم الفساد. صارت تقارير المراجع العام تحمل كل عام ارقاما فلكية للإعتداء على المال العام ورفضت جهات رسمية (وحدات حكومية) تقديم حساباتها. وبينما الطبيعي ان يحاسب المسئول عن فساده صار ينقل إلى جهة اخرى مترقيا معززا مكرما. ويقدم الموظف او الصحفي الذى كشف هذا الفساد للمساءلة. وتبنوا سياسات كانوا هم اول من وقف ضدها وسنوا القوانين وقاموا بخرقها وتجاوزها حتى لا يحاكم بها الموالون والأقارب والمحاسيب . و أدت سياساتهم المتخبطة إلى فصل الجنوب ويبدو انهم لم يدققوا في بنود اتفاقية نيفاشا للسلام الشامل قبل توقيعها . فذهبت الحركة الشعبية بأكثر من ربع السودان وأغلب النفط ولاتزال يطالب بالمزيد. ونود هنا ان نقول بكل الوضوح ومن باب النصح والتناصح لكل الاسلامبون الذي وصلوا إلى سدة الحكم محمولين على أمواج الربيع الغربي الثائرة.ولكل الذين تفاءلوا به حتى اسموه بالربيع الأخضر.ادرسوا تجربة اخوانكم في السودان وتدبروها واجتهدوا في تفدي سلبياتها الكثيرة. انها تجربة تحمل في طياتها بعض النجاحات والكثير من الإخفاقات . كما انها خلفت - ولا تزال - ما لا يحصى من المرارات . وهي مرارات طالت المعارضين بعنف وغير المعارضين بصورة او بأخري حيث الإعتقالات والتعذيب والفصل من العمل والتشريد والمحاربة في الأزراق والمنع من السفر وكثير غير ذلك . وفي المقابل تمتع الإسلاميون بالسلطة واستخدمواها كيفما ارادوا . واستغلوها بطرائق احتار معها عتاة الطغاة. ان خطورة الأمر تكمن في ان الكثير من هؤلاء الأخوان قد اندفعوا بإيمان وانخرطوا بحماس شديد لتحقيق المشرووع الإسلامي الحضاري. وعليه فإننا نفترض فيهم حسن النية والإخلاص لما لتحقيقه.بعضهم مندفع بحكم اندفاع التيار وبعضهم يراجع نفسه وقلة هي التي اعتزلت بعد ان قدمت النصح ولم يؤخذ به. والأغلبية تبدو كما لو انها في غيبوبة تهزئ بتكالب والأعداء وكيد اليهود وتقضى وقتا مقدرا في محاربة طواحين الهواء التي اوجدتها بهواجسها وهكذا اتضح ان الديكاتورية يمكن ان تكون شيوعية او بعثية او اسلامية .لقد اذاقوا اكثرية الشعب الأمرين وفي المقابل عاشت فئة قليلة ترفا باذخا. واستخدمت أموال الشعب التي اخذت بالباطل في شراء اناس من هذا الشعب نفسه. . وحتى لا نغمطهم حقهم فقد انشأوا وأسسوا بعض المشاريع وحققوا بعض النجاحات هنا وهنال لكنها لاتتناسب مع قبضتهم القوية على كل مفاصل الدولة قرابة ربع قرن. فكان بالإمكان - ان خلصت النوايا - أن يتحقق من المكتسبات أكثر بكثير مما تحقق. وبأقل من التكلفة والوقت الذان انفقا في هذه المشاريع. ونقول ان السودان يظل يعيش ازمات متتالية منذ مجئ الإسلاميون للحكم. ولا عجب في ذلك فهم قد اوقعوا بالعباد ظلما كبيرا. ثم بدلا من تصحيح ذلك فاذا بهم يواصلون الظلم بطرائق اخرى واساليب اكثر حداثة. وهى أساليب لا يملك المرء امامها إلا ان يضحك متعجبا من عقولهم التي تبدع كل يوم سياسة او مصطلحا او هتافا او تبريرا جديدا. ولكنهم ورغم كل هذا الإبداع لا يكادون يرون الظلم الهائل الواقع على العباد. وهذه غشاوة تعتري الظالم لكنها تتلاشى وتزول عندما يخلص النية لتصحيح خطؤه. وخلاصة القول هو ان اخوانكم الإسلاميون في السودان قفزوا على السلطة بليل واستولوا على البلاد بأكملها بكل مقدراتها ثم احتالوا على الناس بتبديل العملة وبالرسوم والجبايات والضرائب والذكاة حتى اخذوا ما في أيدي الناس من أموال. وصرفوها ببذخ على رفاهيتهم وشراء من تضعفه الظروف القاسية . و اكتنزوا اغلبها في بنوك خارجية بدلا من استخدامها في التنمية لصالح البلاد والعباد. وبنوا العمائر الفخمة وامتطوا السيارات الفارهة وتزوجوا مثنى وثلاث ورباع. وعامة الناس في فقر مدقع . وحللوا لأنفسهم ما حرموا على غيرهم واستخدموا الفتاوى التي تبرر ذلك. .واذا وقعوا اتفاقا مع معارض اوحركة مسلحة او فصيل أو معارض فهو عمل وطني وواجب قومي واذا وقع غيرهم فهو تمرد وخيانة عظمى ومن فعلها عميل وخائن .والأدهى والأمر نقض هذه المعاهدات التي توقعها حكومة الإسلاميون صار عادة متبعة . وصاروا يقولون ما يفعلون. واصبح الكذب في الأمور الكبيرة لا يثير استغراب احد. وهم في ذلك ينسون - وأغلبهم يتناسون- القيم الفاضلة التي يدعوا لها الإسلام الذين يمتطون خيوله الحرة.ويمسكون سيوفه يسلطونها على الناس بالقوانين التي يستنونها ويحمون بها مصالحهم الخاصة. ونرجو صادقين ان نراكم في شمال الوادي - وفي كل بلاد الربيع العربي الأخضر- قد استفدتم من تجربة اخوانكم في السودان. ونتنمى الا تتكرر اخطاؤها الخطيرة في بلدانكم . ونعرف ان بمصر خبرات سياسية متراكمة عبر تاريخها الطويل.وان بها اكثر الخبرات القانونية على مستوى المنطقة والعالم.ونرجو ان يكبح ذلك أى شبهة فساد وان لا يستغل احد السلطة للثراء او لاأي غرض ايا كانت المبررات والا يجتهد علماء السطان في إصدار الفتاوى التي تبرر أفعال الحكام والا تسود المحسوبية وتعيين الموالون للتنظيم قبل الأكفاء فهذا وحده قد جر علينا ظلما فادح وادى لتأخر السودان سنوات بسبب تشريد الكفاءات والخبرات فقط لعدم وجود أسمائهم في قوائم عضوية تنظيم الإسلاميين. والنصح هنا واجب علينا كمسلمين فالحكام مسئولون امام شعوبهم ولكن الذين يحكمون بإسم الإسلام مسئولون امام الشعب وامام الله تبارك وتعالى .اننا لا نشك انكم مؤمنون بمشروعكم الإسلامي مشبعون بقيمه الحق وتسعون لإقامة دولة الحق ةالفضيلة. ولكنا نخشى عليكم فتنة الدنيا فهي قد اقبلت عليكم في ابهى صورها .وهاهى تقدم لكم السلطة بيد والأموال بالأخرى.وهذه اغراءت خطيرة وفتنة عظيمة لا ينجو منها إلامن رحم ربي. انه امتحان يحتاج للكبير من العزائم وللكثير من الصبر. واحتمال الحرمان مع الفقر أهون من الإحتمال مع وجود المال . وللأسف فإن الكثير من اخوانكم في السودان فشلوا في هذا الإمتحان. وبتنا نخشى عليهم من أن تضيعهم أنفسهم الأمارة بالسوء وهذا هو ما دفعنا للكتابة عسى ان تجدوا فيما نكتب ما يعينكم على تجاوز هذا الإمتحان الخطير. والحل سهل وميسور لكنه فقط يحتاج إلى العزائم القوية. ومن سهولته يمكننا تلخيصه في جملة واحدة. مغالبة النفس ومنعها مما ليس حقها. حينها لايطمع احد في حق أخر وهكذا يتحقق العدل الذي يقوم عليه الحكم الرشيد وحين يزهد الحكام فإن من هم دونهم لا يجرأون على نال الدولة او ظلم احد.حينها يستقيم الأمر ويلتفت الناس للتنمية وتتقدم البلاد وتلحق بركب الدول الكبرى وتصبح دولة فاعلة ومشاركة ومتعاونة مع المجتمع الدولى لصالح الإنسانية جمعاء. حينها يمكن للدعوة ان تنشط تلقائيا وينساب الإسلام وينتشر عندما يرى الأخرون مجاهدات المسلمين لتطبيق قيمهم الفاضلة لصالح الكل وليس لمصلحة فئة فقط. والأهم من كل ذلك يغادر الحكام هذه الدنيا بجيوبهم فارغة وأعمال عظيمة.ويحققوا بذلك الغاية من خلق الإنسان واستخلافه في الأرض .عبادة الله وإعمار الارض. فيعبدوا ربهم مخلصين له الدين ويعمروا الأرض لشعوبهم تكن لهم صدقة جارية يصلهم ريعها أينما حلوا. ومالتوفيق إلا من عند الله. نرجو لكم التوفيق والسداد . اللهم قد بلغت فاشهد. اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا هدى.