كنت في ضحى ذاك اليوم اهيم على وجهي بشوارع الخرطوم..ذاك صباحي التالي منذ عودتي من الولاياتالمتحدة..هاتفني استاذي عبداللطيف البوني ليخبرني عن التيارالحلم الذي راى النور..البوني كان ممتحنى الخارجي في رسالتي للماجستير..لم اتأخر في اجابة استاذي وتكبدت مشاق الصعود للطابق الخامس لاقابل البوني وصاحبه عثمان ميرغني..حاولت ان اذكر البروفسور البوني انني ذاك الطالب الذي قابله قبل كم سنة وعلق على لغته بانها صحافية ولم ادري وقتها ان كان ذاك مدحا ام ذما. استاذي عثمان ميرغني لم اقابله قبل ذلك الا لماما وفي مناسبات عامة..ولكن اجريت معه حوار يوم ان زار امريكا في برنامج نظمته وزارة الخارجية الامريكية..الحوار الصحفي كان له قصة..لم يجري كفاحا انما من خلال الهاتف..عثمان وقتها كان هجر صحيفة (الرأي العام)..تحدث في ذاك اللقاء بصراحة زائدة جعلت (اولاد البلال) في اخبار اليوم التي كنت اتشرف بمراسلتها يعتذرون عن النشر مراعاة لخاطر الزمالة..ولكن الحوار الخبطة رأى النور من خلال موقع (سودنايل)..م ن ذاك الموقع خطف الحوار الشهيد محمد طه محمد احمد استاذي الاول في عالم الصحافة ونشره بالوفاق..احسب ان ذاك الحوار الذي اغضب مؤسسة الراي العام قد لفت نظر عثمان ميرغني لشخصي الضعيف. مفاوضات استكتابي للصحيفة التي مر على صدورها ستة اسابيع لم تأخذ وقتا طويلا..بعد ستة اشهر بادرت الصحيفة وضاعفت لى راتبي وكذلك فعلت بعد عام..بعد وقت غير طويل غادرنا الدكتور عبداللطيف البوني الى الزميلة السوداني..يومها توجسنا خيفة من غياب قلم في قامة البوني ولكن عثمان ميرغني وصديقنا المهندس عادل احمد الحسن رئيس مجلس الادارة كانوا على قدر التحدي والمسؤولية..في ظروف معقدة وصعبة تجاوزت التيار كل المطبات الحرجة..حتى تربعت مؤخرا على عرش الصحافة السودانية. لم يكن ذاك النجاح ضربة حظ..استاذنا عثمان ميرغني يجلس من التاسعة صباحا الى مايقارب منتصف الليل..ابواب مكتبه فاتحة لكل اصحاب الحاجات..صغار المحررين وكبارهم يتزودون بالنصح كل حين..وعثمان ميرغني رغم تجربته الثرة يرحب بكل مبادرة جديدة..تجده يتلقف كل فكرة جديدة ويطورها بمهارات متخصص في علم الحاسوب..رغم الضغوط تجده صابرا..يبتسم في عتمة الليل ..ويثق في ان (بكرة احلى). بعد ازمة التيار الاخيرة وايقافها عن الصدور قررت ان ارحل..كنت احسب ان هذه اللحظة المناسبة امام التاريخ لبدايات جديدة..عثمان ميرغني كان يرى غير ذلك..كلما افكر في تنفيذ رغبتي الملحة اتذكر ان عثمان ميرغني كان كريما شهما..لم يتدخل ابدا في مسار كتابتنا..لم اذكر له غير انه ردني ذات مرة بأدب جم من ان ارد بغضب على زميل تناولني بغير رفق..كلما فكرت في المغادرة اعترضني منطق عثمان الذي لايرد. اخيرا عزمت على الرحيل..كلما فعلته ان كتبت رسالة واغلقت هاتفي ومضيت الى عزيزتي «اخر لحظة» . عهدي بك قاريء الكريم ان نلتزم الموضوعية ونصدح بكلمة الحق من كل منبر..ستكون تراسيم بذات الصراحة والوضوح..منكم صالح الدعاء وللتيار امنيات بالتوفيق.ولعثمان مودة لا تنقطع.