[email protected] يظل السودانيون هم الأوائل والرواد في حماية الحياة الفطرية و ذلك بالمحافظة على الأفيال من القتل طعنا وذلك لطعننا المتواصل في ظلها دون جسمها رغم أنها من الضخامة بما لاتخطئه الأعين ولا السهام وقد وثقنا لهذه الصفة الإنسانية التي تشجعها المنظمات الأوربية الطوعية والمختصة بحماية الحياة الفطرية بمثلنا المتداول (( عينك في الفيل وتطعن في ضله )) وقد كفينا بهذه الثقافة الأفيال شر الطعن والقتل وأصبحت الأفيال تسرح وتمرح وتشبع و تتكاثر وتمارس في حرية سقفها السماء ( تحسدها عليها الصحافة ) و تمارس هواياتها في الأكل حتى الشبع ومن ثم تحطيم كل مايقابلها ويقف دون رغباتها المتزايدة وتعث في كل شيء فسادا في سبيل رغبتها الملحة للطعام والشراب والتمرق ونكون بذلك وبلا منازع من أول الدول المحافظة على البيئة في حماية الأفيال . ونكون بذلك قد فوتتا على المنظمات الغربية فرص التدخل في شئوننا بإقامة محميات ومسارات آمنة لحماية الفيلة مثل اللتى أقيمت في أفريقيا الوسطى والحزام الجنوبي الغربي الافريقى والهند والتي تتمتع فيه الأفيال بحرية التنقل والتبختر والرعي حتى في مزارع المواطنين وقراهم وإفسادها بأجسامها الضخمة وأرجلها وتقضى على الأخضر واليابس . بالمقابل لم تقابل سياسة طعن ظل الفيل سياسة مماثلة تجاه النمور والحيّات الضخمة ومنها الأناكوندا ( الأصلة ) رغم أهميتها للتوازن البيئي أسوة بالأفيال وعملنا فيها قتلا وسلخا طمعا في جلودها من أجل المراكيب وتزيين الجدران والأرضيات رغم وجود مغريات جاذبة في الأفيال من كثرة اللحم والشحم والعاج الثمين الذي يعتقد فيه الصينيين والهنود مالا يعتقده مالك في الخمر . والأفيال كما يقول التاريخ الطبيعي والبيئي أنها كانت تسرح وتمرح في غابة الخرطوم وحولها حتى تم اختيارها اسما وشعارا للمديرية ( الولاية ) منذ الاستعمار وقيل أن هذه المنطقة كانت قسمة بين القرنتى ( فرس النهر) والأفيال وربما نجد علاقة مودة بين حمايتنا للأفيال بطعن ظلاها دون أجسامها وذلك بين كونها صاحبة الأرض قبل قيام مدينة الخرطوم واعمارها بالمنطقة وصيرورتها لاحقا عاصمة وطنية ,وتسميتها بجزء من الفيل – الخرطوم - وللملاحظ إن الأفيال تطورت جينيا في عهدنا وأصبحت تمشى على قدمين بدل الأربعة وتكثر في الخرطوم موطنها الأصلي .وتركب سيارات وتقتنى عمارات وبنوك بل وشريكة أصيلة في الاستثمار والبترول .ولم تنسى هوايتها في مضغ بل وبلع كل مايقابلها من أرضى دولة وميزانيات مشاريع ووظائف حكومية ودستورية وثروات سوداء كانت أم صفراء بيضاء بلون لوزات القطن بعد أن كانت قديما تهتم بالثروات الخضراء من العشب والأشجار فقط وأصبحت تشكل خطرا حقيقيا على مقدرات وثروات البلد . كنت في مريدي عروس الجنوب برفقة والدي التاجر الذي عمل لحقبة هناك مع أبناء عمومته من الكوة وكان مهنة أحد أعمامي الصيد وكان رجلا صلبا قويا مهابا يخرج لأيام طويلة يجوب الأحراش الاستوائية مع فرقته المدربة من مواطني الزاندى المسلحين بأسلحة نارية خاصة لصيد الأفيال ( ويسمونها دقو فيل ) وهى عبارة بنادق (ابوخمسة ) تلقم طلقات بحجم الإبهام تكفى لإرداء الفيل من أول طلقة ويعسكر الفريق بالغابة لأيام لسلخ الفيل وتقطيع لحمه وشحومه المكتنزة وتصنيفها وشحنها ويأتي الفريق بملء الكومر بعد أن تم تجفيفه وتمليحه وبيعه لاحقا للمئات من المواطنين الذين ينتظرونه بشوق بالغ ويشترونه( بالكوم ) ويتصاعد في المدينة بأكملها دخان الشواء تعلوا نغمات( الترم ترم ) تعم الفرحة والسور الوجوه بعد أن امتلأت البطون و يتم تصدير المتبقي منه في طرود كبيرة إلى مناطق الجنوب والشمال الأخرى , بواسطة عربات تجار مختصين تجوب القرى الجنوبية لملء بطون الجائعين من المواطنين و عمال المشاريع الزراعية لمناطق الشمال المتاخمة لحدود الجنوب و ( يسمى شرموط الصيد ) وهو ذو قيمة غذائية عالية وترسل الأنياب العاجية لبيعها في الخرطوم لأهل (الأناتيك) لبيعها بدورهم للسياح الأجانب وكانت هناك محلات لبيعها على عينك ياتاجر ̧ وتدر هذه التجارة مالا وفيرا وفائدة كبيرة لكل الأطراف ومايهمنا منها الأفواه و البطون ماذا لو تغيرت ثقافتنا تجاه الأفيال و طعنّا ولو مرة في فيل من أفيال الإنقاذ المتخمة و المكتنزة لحما وشحما ومالا وعمارات ووزعنا حصيلتها و[لامانع أن يتم التوزيع بواسطة ديوان الزكاة ] , كم تكفى من المواطنين الغلبانين الجائعين الهائمين وكم تلجم غول الغلاء المستشري , متغاضين بذلك ولو لمرة واحدة التزامنا التاريخي وقمنا بطعن الفيل مباشرة دون ظله متجاهلين بذلك ثقافتنا و منظومة منظمات حماية الحياة الفطرية العالمية .و تحملنا ما يترتب على ذلك من احتجاجات دولية تضعنا في خانة الإرهاب الأفيالى وتعقيد ملف تطبيع العلاقات مع أمريكا والاتحاد الأوروبي , وبالمناسبة لحم الفيل آخر حلاوة... واسألوا مجرب !!!