[email protected] تشكيلات المعارضة السودانية الراهنة ، بكل اطيافها السياسية والعسكرية ، لن تستطيع ان تغير شعرة من راس النظام الحاكم حتى يلج الجمل فى سم الخياط ، ذلك لان الافكار المطروحة على طاولة التغير افكار تفوح منها رائحة نتنة تشبه الروائح الكريهة التى دائما ما تنبعث من تحت اردان عملاء النظام ،فهى - اى المعارضة - مثلها مثل الاجهزة الامنية للسلطة ، مخترقة من قمة راسها حتى اخمص قدميها ، مما جعلها على مدار اعوام طويلة تقف عاجزة امام سحب بساط السلطة من تحت اقدام المؤتمر الوطنى ، فالقيادات السياسية للمعارضة يجب ان تكون محل الاتهام المباشر فى التعاون مع السلطة ، فمن غير المعقول وعلى مدار كل هذه الاعوام الطويلة من عمر العمل السياسى المعارض ان تكون الحصيلة هذه الاخفاقات المخجلة التى تصيب الجميع باليأس ، فالكوادر الفكرية فى الحزب الحاكم كوادر( فاقد تربوى )، وهى لاتضاهى بكل المقايس العلمية الامكانيات الادارية الفذة لتشكيلات المعارضة ، ففى المعارضة افضل العقول الوطنية والسياسية المتفردة ، بالاضافة الى وجود الخبرات التاريخية العظيمة التى تجيد التعامل مع متطلبات الواقع ، وهناك المال والسلاح فكل مقومات الاطاحة بالنظام متوفرة ، فقط تعوذنا الارادة وينقصنا الولاء ، فنحن اقصر قامة من ان نكون على مستوى الحدث ، ولن يستقيم ظلنا والعود اعوج الا اذا انتفضنا بكل جبروت داخل تنظيماتنا وتشكيلاتنا الحزبية واشعلنا شرارة التغير بدواخلنا واطحنا بتلك الزعامات التى صار وجودها يثير الغثيان داخل كل معارض شريف يسعى لأقتلاع الانقاز من جزورها ، ان الكوادر القاعدية للمعارضة ، مشاعل صادقة تحترق لتضئ الطريق لكافة الشعب حتى ينعم بشمس الحرية ، اما القيادات الوسيطة فهى مثار النقد والتجريح الاساسى الذى يراد منه تقويم مسيرة التصحيح ، فكاتبة المقال مثلا منذ ان تفتحت عيناها وابصرت حولها فى اواخر الثمانينات ، وجدت نفسها تنتمى بالفطرة الى حزب الامة القومى ، وهذه تهمة لا انفيها وشرف لا ادعيه ، ولكن بصراحة وجدت فى روتينية العمل السياسى داخل الحزب ما ثبط عزيمتى ، ودفعنى للبحث على ايجاد البديل ، والبديل الذى اعنيه ليس مثل ذلك الذى يشظئ قواعد الحزب الى اجنحة وجماعات متعددة ، ولكن هو ذاك التغير الذى يحافظ على وحدة الحزب وفى ذات الوقت يأتى بقيادات وزعامات ثورية من عامة منتسبى التنظيم ، ليكونوا البديل المنطقى المتاح والقوة الجاسرة التى تزيل سرطان المؤتمر الوطنى من سدة الحكم فى السودان .. ان الحاق عار الهذيمة بالسلطة الحاكمة اسهل من تصورات اشد المتحمسين للانقاز كسلطة تمتلك موارد الردع الكافية ضد المناوئين لها فى الخرطوم ، فالمظاهرات وبوادر الثورة الشعبية التى انطلقت فى كافة ولايات السودان ما كانت ستخبو شرارتها لولا عمالة بعض قيادات المعارضة فى وئد عزيمة الشباب ، فالتوجيهات التنظيمية الخاطئة ، والمباشرة الاعلامية الضعيفة ، وعدم وجود التنسيق التنظيمى المتمرس ، كل هذا فضح بصورة او اخرى ، العجز الرهيب الذى تشتكى منه قيادات المعارضة فى الداخل والخارج ، فقيادات سياسية وعسكرية اوزانها من ذهب ما استطاعت ان تستقطب الضؤ الاعلامى الذى يأجج حرارة الثورة التى انطلقت ، فهى بالتأكيد قيادات فاقدة لاهلية الاستمرارية ، وغير جديرة بأحترام العضوية ولا يمكن ان تقنع احد بجدوى خططها فى اقتلاع النظام .. ولعل الحل المناسب للاطاحة بالنظام يكمن اولا فى الاطاحة بالعملاء الذين استولوا على حين غفلة على سدة الرئاسات الحزبية ، ويتشكل ثانيا من عرق الغلابة الكوادر الشبابية الثائرة التى يجب تنهض بكل عزيمة لتعمل من جديد على تصديع اركان النظام ...