[email protected] 25 نوفمبر مناهضة العنف ضد النساء ان تكن ذاكرتك قد خانتك بسبب ما لقيتي من اهوال فنحن ذاكرتك يا استاذة فاطمة احمد ابراهيم في العام 1988 كنت اركب لقطار من ايطاليا عبر النمسا . متجهة الى براغ .كان نظري عبر ثلاثة ساعات متجها نحو الحقول والمروج الخضراء في دهشة بنت الصحراء والنيل .كنت رغما عن صغر سني في ذلك الوقت .اقارن بحسرة وحنين الى وطني اقارن متأملة التطور في البنية التحتية والحضارة والبناء مع استمتاع بالطبيعه المحيطة بي .ربما لفت ذلك نظر رجل عجوز هو جاري في "القمرة" فسألني هل اعجبتك البلد ؟ . رددت : انا مندهشة لدرجة اني لا اصدق عيني .قال لي من اي البلاد انت .حاولت ان اركز في الاجابة فمن الطبيعي ان يقول لك احدهم اني لا اعرف هذه البلاد او لم اسمع عنها مطلقا , لذلك بدأت من كوني من قارة افريقيا ثم الموقع الجغرافي ثم الوطن العربي ثم قلت وهذا البلد اسمه السودان .وللمفاجأة قال لي انتي من بلد متقدم كثيرا .كان يتحدث الانجليزية بلكنة واضحة مما اتاح لي فرصة للنقاش معه فرددت بتردد . هل تعرف السودان ظنا مني انه قال كلمة متقدم غير منتبها لما يقول –رد قائلا انا امريكي – قلت مرحبا .قال لماذا انتي هنا قلت انا جئت في كورس دراسي متقدم في ادراة مصادر المياه مبعوثة رسميا .ونحن الان طلبة في مرحلة العمل الحقلي .وانتهزت فرصة عطلة راس السنة لازور ابنة خالتي .قال لي هل تمنحك الدولة نفس مرتب زميلك .اندهشت من السؤال قلت بالطبع لماذا السؤال ؟ رد الم اقل لك انتي من بلد متقدم ! انا ابنتي في مثل سنك وقد درست قانون . وكانت الاولى على دفعتها ومع ذلك تتقاضي اربعة اخماس مرتب زميلها ...لم اصدقه قلت له هذا في امريكا ؟ قال نعم في الولاية التي نعيش فيها هذا هو القانون .وامتد النقاش طويلا .ونزل في محطة لاحقا بعد ان ودعني قائلا انتي فتاة محترمة من مجتمع متطور محترم ,حافظو ا على هذا .ربما يعتقد البعض هذا كلام فقط للكتابة كلام فعلا اقرب الى الخيال حتى عندما استرجعه انا بنفسي .بعد ان ودعني ابتسمت بفخر ليس لما قاله وحسب ولكن لقربي ومعرفتي بمن مهرت هذا الانجاز وافنت فيه زهرة شبابها . هي ومن كن معها ومن كانوا معها من خطت مجدا تليدا للمرأة السودانية ومن ازروها وشدوا من عضدها .وحتى لا يتحفز البعض ,كان جل هؤلاء الذين ازروها هي ورفيقاتها في الاتحاد النسائي السوداني من رجال الدين والقضاء والوطنيين الاوفياء في ذلك العهد ومن بعض رجال السياسة الذين لا ينتمون الى توجهاتها الايدولوجية مطلقا . نعم في العام 1970 او قبل ذلك بقليل ذلك نجحت الاستاذة قاطمة احمد ابراهيم في اقناع وزير العمل السيد طه بعشر في ان تنال المرأة السودانية العاملة حق الاجر المتساوي للعمل المتساوي .وقد كانت تتقاضى اربعة اخماس راتب زميلها في نفس العمل . وقبل ذلك بعقد كامل نجحت في رفع ودرء مظالم مازالت ماثلة في التاريخ الحاضر في كثير من الدول .اهمها مواد في قانون الاحوال الشخصية من بينها ,الغاء بيت الطاعة ,ان يكون الطلاق امام قاضي ,ان لا يتم الزواج او العقد إلا بعد التأكد من موافقة الفتاة على ذلك ,ان يتم استقطاع راتب الاب بما يكفي لإعالة الابناء في حالة الطلاق .كان هذا في الستينات .وللتاريخ اقول ان انجازات التنظيم الذي كانت تقوده هذه الفذة حقا .كانت مدعومة من رجال متدينون وقضاة شرعيون .بل ان المحاكم الشرعية طبقت هذه المواد دون المحاكم المدنية . هذا موجز جدا بمناسبة 25 نوفمبر اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات .وقبل ان انهي اود ان اقف قليلا عن ما اّل اليه حال المرأة السودانية اليوم بعد ما يقارب الستون عاما ..في عهد الردة في كل شيء لنسرد الردة عن ما انجز في نقطتين فقط و سوف اقف طويلا لاحقا في عودة للكتابة عن المسالة النسوية والتي كنت قد وقفت عنها لأسباب :- 1- اولا العنف في الاعتقال والتعذيب والإهانة للفتيات والبنات والنساء والتهديد بأشياء يندي لها الجبين لقد قالت لي الاستاذة فاطمة يوما في سرد لتاريخ نضالاتها , وقد كانت حريصة على هذا السرد , لنا نحن جيل ما بعد الانتفاضة كأنها كانت تحملنا وتحمل ذاكرتنا امانة هذا التاريخ قالت لي " كنت اذا اخليت ببعض الشروط في تصريح صحيفة صوت المرأة اي اذا تحدثت في السياسة او نحو من ذلك او انتقدت مسئول في الدولة كل ما يحصل ان استدعي من وزير الداخلية فيعطيني كلمتين حارات ويقول لي انتي كدى بتحرجيني " او ربما تغرم بمبلغ 25 قرشا ان كنت اذكر جيدا –للأمانة - وبعدذلك قد يدفع الوزير 25 قرشا تبرعا للمجلة . لله در ذلك الوزير .ذلك كان هو المجتمع السوداني ورجال ذلك الزمان . .فقط تأملوا !! الان الصحفيات تحلق شعورهن وتجرح مشاعرهن ويهن بل ويكوين بالمكواة . 2- بل ان النقطة الجديرة بالوقوف طويلا امامها ان المسئول كان وزير الداخلية وهو الذي يستدعي الاستاذة /فاطمة شخصيا كرئيسة لصحيفة صوت المرأة .هذا يعني سيادة حكم القانون معنى كبير كبير كبير جدا و جدير بالتأمل طويلا . معنى تكمن وراءه قضية مجتمع كامل وهي من يحكمنا ؟ من له الحق في مسائلتنا ؟او سجننا ؟معنى هو محور القضية ان يسود القانون وليس العصابات - هل عرفنا الان لماذا تختطف صحفية ويحلق شعرها ويكوى جسدها . وربما تفعل بها اشياء اخرى تسكت هي عنها خوفا من العار ومن المجتمع .يحدث هذا لاننا لاتنعيش في ظل دولة قانون سقطت سيادة القانون وسقط معها العدل والامن . 3- الردة عن انجازات تعديل بعض مواد قانون الاحوال الشخصية – حدث ولا حرج في الممارسات وفي محاولة الاعتداء على الفتيات بشكل مقنن "فتوى زواج القاصرات " . 4- وقفة اخيرة . شاهدت في احدى القنوات السودانية ليلة امس ان بعض الجهات الحكومية تحتفل اليوم باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد الفتيات والنساء مرحبا ...؟ لا تعليق . ونواصل ....