[email protected] (المصالح العجاف في التحالف مع المحور الغامض) التوجهات السياسية الجديدة أو القديمة الظاهر منها والباطن ، في التعامل والتحالف مع محور الدول المتحالفة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية تواجهها أسئلة كثيرة مشروعة ليس داخلياً فقط بل علي نطاق محيطنا الإقليمي وخصوصا عند إخوتنا في الخليج العربي الذين مهما بعدنا عن فكرة أنهم الأقرب إلينا في الكثير من الروابط التي لا تنقطع في السراء والضراء ، والذين يراقبون بقلق وشيء من الاستغراب والخوف من هذا التقارب بين هذا المحور ممثلا في (إيران) و(حماس) و(حزب الله) و(سوريا) وغيرهم ، وبين (السودان) الذي يصفه العرب بأنه عمقهم الاستراتيجي الأفريقي . والواقع أن هذه الخطوات التي توصف بصراحة أنها تخبط وعدم دراية واعية لمصالح البلاد ، جعلت الحلفاء الاستراتجيين يأخذون ألف حساب في التعامل مع السودان وظلال هذا التقارب تصبغ وجه البلاد في الخارج أمام الأمم ، ولونه الرمادي يجد استهجانا كبيرا نتاجا لعلاقة المحور ودعمه الكبير لنظام (الأسد) في (سوريا) الذي يعيث فسادا ويقتل شعبه بدم بارد ، وهذا التخوف ذكره وزير خارجية السودان (علي أحمد كرتي) في لقاءات تلفزيونية متعددة ، وحدده في نظرة دول الخليج لهذا التقارب ب ((التقارب المشبوه والعلاقة المريبة)) وظهر ذلك في تأثير هذه النظرة مع إخوتنا وهم الذين بينهم وبين السودان الكثير من المصالح والشراكات الاستثمارية والتجارية وبنود القروض والمنح ، فعلاقتنا بهم ليست بذلك التعاضد والقوة التي تجعلهم يقفون معنا في كل المواقف والملمات . ويرجع ذلك للتباين الشديد بين المواقف السياسية والإستراتيجية والمذهبية الدينية المعروفة بين (السنة) و(الشيعة الصفوية) النافذة في (إيران) ، وهذا التباين شديد التعقيد لدرجة يصعب معها اغلب وصفات الحلول بين ضفتي الخليج العربي . وهذه التسمية أيضا واحدة من أعمدة الخلاف بين (إيران) ودول الخليج ، فالأولي تري ضرورة تسميته بالخليج الفارسي ويتمسك العرب بتسميتهم له . والخلافات الإيرانية الخليجية قديمة ومعقدة وفيها تطرف شديد في التجاذب فوق الطاولة وتحتها ، ولكن ووفق كل الأطروحات الخليجية وأبرزهم (عبد الله النفيسي) المفكر الكويتي ، ومنها ما هو أيراني بامتياز مثل (محمد لاريجاني) المفكر الإيراني وغيره ، يكمن الخطر في نظرة إيران لهذه الدول علي أنها واحدة من التراب الجمهوري الإيراني ، ويكون التعامل ليست دولا ندا (لإيران) وإنما تراب واحد مصيره الانضمام إلي التراب الفارسي طال الأمر أو قصر . أما عن مصالحنا وتعامل الحكومة مع الحلفين وفق مصالح (السودان) فيه الكثير من الغرابة والضبابية حتى بالنسبة للسودانيين أنفسهم وهو طرحٌ أكده وزير الخارجية في ذلك اللقاء التلفزيوني الأخير ، أن بعض الجهات كانت تقوم بعمل مع بعض الدول في معزل عن وزارة الخارجية والسياسيين في الدولة . وأكد أن ما كان يتم في هذه المسألة كان ينبغي أن يربط بمصالح (السودان) ، معتبرا أنه من الخطأ الفادح إطلاق الأمر هكذا لأي مسئول للتعاون في هذه المسألة إلى نهاياتها دون أن يضع مصالح (السودان) أمامه . وهو ما تأكد بمرور الوقت عدم استفادة (السودان) كثيراً من هذه الخدمات التي قدمها مثل ل (إيران) كما في رسو السفن الإيرانية في ميناء (بورتسودان) وهو الأمر الذي رفضته الخارجية بداية 2012م بحكم تأثر وضع البلاد وصورتها ومواقفها المحايدة لكل الدول . نعم المسّلم به تماما هو أن الجانبين تربطهما مصالح مع (السودان) ، والبلاد ليست ضد (إيران) ولا (الخليج العربي) ولا مصالحهما ، لكن مصالحنا يجب إلا تتضرر بمصالح الطرفين ، وليس غريبا أن تعلو عند طرف وتقل عند الآخر ، وهو شيء طبيعي في علاقات الدول بعضها بعض . وإذا كانت الحكومة السودانية تري أن بعض السياسة الخارجية تحكمها المثل والأخلاق فنحن نقول إن من المثل والأخلاق وكما ذكر ربنا في القرآن الكريم أن نقف مع الحق ونصلح بين اخوين في الإسلام . وما ينطبق علي الإنسان ينطبق علي الدول إذا فصّلنا السياسة بالأخلاق والقيم والمثل ، فلا نتحالف مع (إيران) ونضلل صورتنا أما دول الخليج لنظهر لهم بصورة المتآمر أو المنافق أو الخائن ، نتودد لهم للمال والاستثمار والقروض والدعم وهم الأشقاء ، ونبتعد عنهم إلي الحلف المشبوه نواياه تجاه المنطقة برمتها وليس نحن فقط . ولكن بمقاييس المصالح المشروعة الواضحة والجلية بالإضافة الي الوضوح في السياسة الخارجية (للسودان) ، كفة مصالحنا مع دول الخليج العربي تكون هي الأثقل في الفاعلية لكونهم الأقرب إلينا في كل شيء تقريبا وأهمها الدين واللسان واللغة والمصالح الإستراتيجية العميقة والواضحة ، ومعها المصالح الإقتصادية الزراعية والصناعية والمراعي والتجارة والإستثمار وغير ذلك من صنوف التعاون والتشارك . ولكم خسرت البلاد كثيرا عندما دعمت حكومة الإنقاذ غزو (العراق) (للكويت) ، وتتطلب إصلاح توجه أخرق تجاه غزو دولة لدولة أخري عشرة سنين طوال لإصلاح العلاقات مع دول الخليج و(مصر) وغيرهم من الدول ، بل نكاد نكون مساهمين بشكل أو آخر من دون قصد في جر المنطقة كلها إلي مخطط غربي لتمزيقها ظهر جليا أثاره بعد ذلك بسنوات . لكن ذلك لا يعني قفل التعاون والتضحية بالعلاقات والمصالح مع (إيران) ، فيجب هنا قولا وعملا التوضيح لكل الدول والمنظمات والتكتلات والهيئات المحلية والإقليمية والدولية أن (السودان) يضع كل الدول سواسية في العلاقات إلا بعلو كعبها في المصالح والاستثمار والتجارة البينية مع وضع الخطوط الحمراء كالمصالح والشأن الداخلي والسيادة الكاملة الوطنية ، والسماح بتقييم العلاقات وفق الرؤية السيادية السودانية لا وفق المثل والقيم فقط . وعند المواقف لنا أن نسمح لبواخر ومصالح ومشاريع وغير ذلك من صنوف التعاون مع إيران وغيرها طالما البلاد تستفيد قولا وفعلا وناتجا ، فلا نعطي ونتقرب ونتكامل دون فائدة اقتصادية وسياسية . ويحضرني هنا تصريح رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان (محمد الحسن الأمين) وشعرنا بالحرارة والسؤال يُطرح عليه ، ما هو أجدى حلف (طهران) أم حلف (الرياض) وأخواتها ، فتمسك بأن الحكومة تجافي الأحلاف من حيث المبدأ ولا ترهن قرارها لغيرها . وهو أمر ينفيه الواقع المعاش فلا نحن كنا مع الأول ولا الثاني ولا حتى دور محايد مع الاثنين بل ظل موقعنا غير واضح في الإعراب والمواقف تارة أكثر وطنية من (الإيرانيين) وتارة قرب إلي (قصور) أهل الخليج كما حدث بعد الانفصال الدامي وتارة لا هذا ولا ذاك . وهو أمر لا يخدم مصلحة أحد في كل الأطراف ، وخير الأمور الوسط وهي المكانة التي تبيح لنا دوراً مهماً متى ما عزمت الغاصبة المجرمة (إسرائيل) ضرب بلاد (الشاه) سابقا ، فتدخل المنطقة كلها في أزمة ضد بعضها البعض وهم الأخوة في الدين والعدو الصهيوني يتفرج كيف يبدد المسلمون عدتهم وعتادهم في بعضهم البعض .