[email protected] يقول برتراند راسل: مشكلة ذلك العالم الحقيقية أن الأغبياء والمتعصبين دائماً ما سوف تجدونهم واثقين من أنفسهم.. بينما العقلاء والحكماء والحقيقيون فقط هم من تملأهم الشكوك فى أنفسهم. هذه المقولة يمكن أن نتحدث بها عن واقعنا المتخلف بسبب المتخلف (الغبى والجامد ومحدود الخيال والذى يرى أنه الوحيد الذى يمتلك صك الحقيقة) والذي يتحكم في حياة الناس ويحد من تحضرهم ورقيهم ويلجم إبداعهم ويُفشِل تفوقهم. فالفشل لا يتجزأ، فبرغم ما أسعدني خبر نيل الطالب السوداني حاتم مهدي للمركز الثالث في العالم في مسابقة اليوسي ماس، إلا انك لابد ان تسأل هل سيجد هذا الولد الإهتمام والرعاية وفي النهاية يستفيد منه الوطن. فكم من عالم وفذ ومجتهد وعبقري ومبدع من أبناء بلدي وجدوا أنفسهم وأستفيد منه؟. فستجد من تحطم ولم يجد موضع قدم أو تغرب ليسد رمق العيش أوهاجر ليجد فرصة أفضل ويحقق جزء من طموحه. ذلك كله بسبب التكبيل وأهل الإختصاص الفعليين غالبا لا يجدون حظهم وفرصتهم ليساهموا ويدلوا بدلوهم لأن الأمور موكولة لغيرهم. فمن يديرون شؤون حياتهم جاءوا عن طريق الخطأ ووضعوا أنفسهم في المكان الخطأ وتبادلوا المراكز بالخطأ ويفعل ويرتكب كل واحد منهم الخطأ ولا يرمش له جفن، فأنى يستجاب لهم. إن كل وطن يريد ان يجري في مضمار التحضر والرقي لابد أن تكون خلايا عقله مليئة بالحكماء والعقلاء وليسوا السفهاء، و تجري في دمه الحرية وجسمه يكون مفتولا بالإقتصاد ويلبس في رجل حذاء الصحة والأخرى حذاء التعليم. فالإصرار على المشي فارغ الرأس وحافي القدمين ما هو إلا تضمين للفشل في الإدارة من التخطيط إلى التنفيذ، والذي يؤدي لإنهيار كل البنى التحتية للإقتصاد وتخريب البيئة وتدمير المقوم الأساسي للأوطان وهو الإنسان. فلا عجب أن نسمع كل يوم عن كارثة بيئية -ولعل آخرها تلوث 1000 جالون من غاز الطائرات الذي يهدد بتلوث مياه الخرطوم، وكأن مياه الخرطوم العايرة ناقصها صوت. فهي أساسا ملوثة بفعل ما تستخدم هيئة المياه من مواد مسرطنة في تنقيتها حسب ما قرأنا قبل أيام. وأيضا بالإضافة إلى صوت العنج الثقيل والتلوث الطبيعي للمياه بإختلاطها بالبراز ومياه الصرف الصحي، وهذا الأخير يعد من أخطر أنواع التلوث. فعدم وجود شبكات صرف صحي هي المشكلة الرئيسية. وهنا أدعوك لتتأمل كمية التلوث المحيط بك، فكم بئرا محفورة للصرف الصحي واصلة للمياه الجوفية!. ولا تعتقد أن مشكلة المياه هي وحدها، فالهواء أيضا ملوث بنسبة كبيرة جدا. فللخرطوم رائحة مميزة. حكى لي صديق دكتور في البيئة أن التلوث الذي ينتج من عادم الركشة الواحدة يعادل نسبة تلوث ما تصدره أربعون شاحنة لأن وقود الركشة يخلط بالزيت. ولكن نسبة للظروف الإقتصادية وتحليلات الحاج ساطور وأخوانه وتطمينات وزير المالية الجيدة على أن إقتصادنا مائة في المئة، لا يمكن أن نتخلى عن الركشات أبدا في المستقبل القريب. و لا يفوتنا أن نذكر بأن البلد أصبحت مكب للنفايات الإلكترونية والإشعاعية و البذور الفاسدة والأدوية منتهية الصلاحية وغيرها وذلك كله بسبب الخنزرة و الفساد السياسي. هذا يدل على ان من يهمه الأمر غير معني ولا آبه بما يحدث، بل يقيد كل فكر سليم ويسجنه ليلائم العيش في هذا الجو. فإذا كان الماء ملوث والهواء ملوث وليس لدينا الوعي البيئي أو أدنى علم بإتفاقية كيوتو والمساهمة في تخفيض درجات حرارة الأرض 2 0 حسب المؤتمرات التي تعقد للبيئة والصحة سنويا، فأين نعيش نحن؟. حينها لابد ان تتذكر و دوماً أن دخول الحمام ليس مثل خروجه!. قديما قبل ألاف السنين، كانت هناك عادة ضرورية، ولا أدري إن كانت موجودة في عصرنا هذا أم لا، وهي أن ترفق كل المراحيض بحظيرة خنازير لكي تنظفها. فكما تعرف أن الخنازير تأكل مخلفات البشر ولا تتقزز بل تتلذذ وتسمن، وهي الحيوانات الوحيدة التي لديها المقدرة على النمو والتكاثر في وسط هذا الروث. فيا سبحان الله.