[email protected] منذ مولده إلى الآن لا يمشي برجليه. فوجد نفسه محمولا على ظهرين يجريان به في ليل طويل. هما حمار وحصان أعزكم الله. الحصان سيد الموقف أعمى يحب الجري في اليل البهيم بنفس طويل من الخسة، ولا يريد على الأقل أن يشرك معه المكسر أو الكسيح الذي فوق ظهره ليقوده. فهو أناني ولا يهمه احد، منفرد لوحده ويركض فى مضمار السباق إلى الوراء، عكس الإتجاه الصحيح و فاقد للبوصلة تماما. فتخيل إنه لا يرى وليس لديه موجه، فتراه يقع مليون مرة ويتخبط. فمرة يرتطم بالسياج وتارة يقع على الأرض ومرة يرتطم بالوحل ويزحف، وعند أزقة المجهول لا يكف عن الهرولة. والراكب على ظهره مستسلم لهذه المرمطة ومتحمل لهذه البهدلة من هذا الحصان الفاشل مع بعض الإمتعاض ولكن بطيب خاطر وصبر جميل. وكالمستجير من الرمضاء بالنار، فهو يستجير من الحصان الفاشل بحمار. وفي هذا الليل الدامس الطويل لا يبدوا له بين ثنايا أفق الفجر إلا خيط أبيض لحمار رمادي. وبرغم إنه حمار إلا إن من حسناته إنه يبصر وليس بضرير. فقد ينقذه ويخرج به من هذه الدوامة ليرى فجر جديد. واما أسوأ ميزة في هذا الحمار إن بعض أجزاءه تهف وتحن لان تكون من الحصان، وفي هذه العملية يصير الحمار بغلا. ومن الميزات الأسوأ أيضا إنه غالبا ما يقف في العقبات عندما يركب فيه الشيخ أو أي سيد، فينطبق عليه المثل وقف حمار الشيخ. فيحرن الحمار ويحبط من هو مستبشر به، فيصدم ولا يدري إلي أين تسير به الأقدار. وهذا الموقف ذكرني بأيام الطفولة. فعندما كنا جهالا أو أطفالا ننام باليل ملأ جفوننا عن شواردها، في مكان ما وعند الصباح نستيقظ فنسأل من الذي غير مكان نومنا في الصباح التالي فيقال لنا حمار النوم. وهكذا تستمر كلمة حمار النوم طيلة فترة الطفولة أو اللاوعي إلى أن نكبر ونصبح واعين فنكتشف أن حمار النوم مجرد جملة في الطفولة وخدعة للتجهيل. أما خيل الحكومة فقد عرفنا انه عندما ينتهي عطاءها لا تترك تعيش حتي تكبر وتموت طبيعيا، بل يتم قتلها على الفور رميا بالرصاص. وهكذا أعتقد انه آن الآوان لهذا الراكب ان يمشي لوحده أو أضعف الإيمان أن يحبو. فمن المتوقع وهو على ظهر هذا الحصان الوصول إلى نصف الهاوية السحيقة في أي لحظة، فحينها لن يستطيع أن يغادر التونسية وسيسأل: بتعرف تطير؟.