الحلقة الأولى رحيل البرنس من الهلال للمريخ ورحيل الحوت من الحياة للموت وجهان لعمليتين مختلفتين قدما درسين لمن يعتبر بالدرس ودعونا بدأ نترحم على روح محمود عبدالعزيز وندعو له بالرحمة والغفران بقدر ما أنعم الله عليه من محبة عباده في حياته ولندعو الله أن ينعم على هيثم بالصحة والعافية وطول العمر والتوفيق فى حياته . فكلاهما محمود وهيثم اثبتا عشق الجماهير للإبداع سواء في الملعب أو الفن وان اختلف عشق البرنس عن عشق الحوت فالأخير لم يشهد تاريخه أن تراجع عن عشقه أي من محبيه بينما تقلب عشاق البرنس بين الأحمر والأزرق حبا وكرها حسب التقلبات في الملعب كما إنهما يختلفان في إن ظاهرة العشق الذي تمتع بها محمود أو الجان والحوت كما تعددت ألقابه فهي ظاهرة تستحق الدراسة لأنها غير مألوفة وربما لا يشهدها التاريخ بينما ظاهرة البرنس تستحق الاستنكار لعدم توافقها مع طبيعة الرياضة ولعل اغرب ما في هذه الكتل الجماهيرية التي تداعت فور تلقيها حبر رحيله تلقائيا دون أن يحشدها احد أو يصرف على تدافعها مال أو تثرى من تدافعها أي جهة فهي جماهير غير مستجلبة وغير مسبوقة في حجمها لهذا لم تكن هذه الحشود نتاج البدعة التي تفشت سياسيا ورياضيا حتى أصبح للحشود سماسرة في أخر الزمن سواء في السياسة او الرياضة ولكن غرابة الظاهرة الفريدة في نوعها والتي ارتبطت بالحوت في إن الذين لم يشاركوا فيها استحوذت على اهتمامهم بحثا عن تفسير لها بين منكر لها او مستنكر لها إلا انه وقف مشدوها يبحث عن تفسير لهذه الطاهرة ومنهم من ألجمت لسانه الدهشة فبات لاهثا يبحث عن السر في هذا العشق ليصبح هذا الحدث الأهم في هذا القرن ولا أظن القرن سوف يشهد حدثا فى مثل أهميته مكابر من يقلل من مكانة الحوت إمام هذا الاستفتاء الجماهيري الذي لم تعرفه اى شخصية سودانية ولا أظنها ستعرفه وأكثر مكابرة منه من يقلل من الجماهير التي أحبت الحوت وعشقته لدرجة الهوس ويسرف في اتهامها بسوء السلوك فلو لم يكن هناك مبرر له لما أحبوه هذا الحب والعشق فسوء السلوك إن كان مبررا فلماذا يكون وقفا على شخصه وحده فمن يحب إنساناً لهذه الدرجة لابد أن يكون فيه ما يحببه إليه فلماذا لم يتمتع غيره بنفس العشق فهل كان سوء سلوك الشباب حكر لشخص واحد بعينه هذا هو الهروب والعجز بعينه فيمن عجزوا عنه او يرفضون الاعتراف بحقيقتهم بأنهم لم يكونوا جديرين بعشق هذا الشباب من كل قطاعات المجتمع دون استثناء. إذن كان في الحوت شيئا لم يكن في الآخرين ولابد من دراسة الأمر لمعرفة ماهية هذا الأمر ولن يفلح الهروب بالطلاق الحديث من المستنكرين إشباعا لذاتهم ولإقناع أنفسهم بأنهم كانوا أجدر منه بهذا الحب والعشق فليبحثوا قصور ذواتهم بدلا من أن يبخسوا من قالت الجماهير كلمتها في حبه. فالحوت ليس هو أول فنان تعشقه الجماهير لفنه ولن يكون الأخير حتى وان تميز في جماهيريته وسط الشباب حيث إن نجومية الفن وحده مهما بلغت فإنها لا تبلغ هذه الدرجة من العشق والحوت ليس هو أول أو أخر من يأخذ بلبابه طيش الشباب أن وجد فهذه إفرازات مجتمع لا يمكن أن تكون مبررا لهذا الارتباط والعشق والحوت ليس أول من يجمع بين كل هذه الصفات الموجب منها والسالب وبين التصوف ليصبح من المتصوفين ويأخذ مكانه بينهم باعتراف زعماء قبيلتهم. الحوت ليس أول فنان يرتبط بالرياضة وينتمي لواحد من ألوانها الجماهيرية المميزة حمراء كانت أم زرقاء حتى نعزى عشق الشباب لأسباب رياضية. والحوت ليس أول ولن يكون أخر من يعمل الخير في المحتاجين فهناك من انشأو منظمات لهذا الخير وليس بينهم من حظى بهذا الحب والعشق رغم ما صحب مساهماتهم من أضواء صحيح ربما يكون الحوت أول من تجتمع فيه هذه الصفات في وقت واحد لتميزه عن الآخرين ولكن ما لمسناه وعاشه الشعب السوداني كله بلا استثناء من شارك ومن استنكر لا يمكن أن يعزى لهذه الصفات التي اجتمعت فيه فلابد أن يكون هناك ما هو أهم واكبر حتى يحظى بهذه الجماهيرية غير المسبوقة والتي لن يشهدها السودان بمثل هذا النقاء في الارتباط لهذا فليكن موضوعنا البحث بتجرد للوقوف على تفسير لهذه الطاهرة فالله سبحانه تعالى إذا أحب عبدا حبب في العباد وما لا يمكن إنكاره إن هذه الكتل من العباد أحبته حبا لم تحب عبدا مثله في سواداننا الحبيب في تاريخه الحديث بالرغم من المظاهر الخادعة والهيلمانات التي نجح كثيرون في أن تحيط بهم ولكنها عند الاختبار تتكشف حقيقتها متى فقد السلطان أو الجاه لأنها كانت خداع ونفاق ووهم ومصالح دعونا نبحث القضية بشفافية وتجرد لندرك حجم الحقيقة وسط هذا الشباب الذي منح حبه لمواطن بسيط من عامة الشعب و تسابق في إطلاق الألقاب عليه وليقدموا لنا يوم رحيله درسا اقل ما فيه انه إدانة لواقعنا ولا أعنى به الواقع السياسي وحده في مختلف مواقعه فكونوا معي في الحلقة القادمة.