سؤال على الماشى: فلماذا لم (تقوم) القيامه وتسفك الدماء وتهاجم السفارات؟ .......................................................... ومن ثم نقول .. الليبراليون والعلمانيون فى مصر – غالبيتهم – حينما يتحدثون فى الشأن السياسى عادة ما يبدأون حديثهم بالتأكيد على عدم رفضهم (لشريعة) القرن السابع كمصدر لتشريع فى دستورهم، وأن كانوا يريدونها على نحو (خفيف) وملطف لا يتعدى مبادؤها ومقاصدها، وفى ذات الوقت يرفضون (احكامها) وحدودها بصورة عملية من جلد وقطع ورجم .. الخ، وهذا تناقض فكرى غريب ومحير، فشريعة القرن السابع، فيها القطع وفيها الجلد والرجم وفيها (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر) .. وشريعة القرن السابع لا تعترف بالديمقراطية والمواطنة المتساوية وتميز بين المسلم والمسيحى والرجل والمرأة وبين السيد والعبد .. ومن لا يعجبه هذا الكلام (فليشرب من البحر) .. وفى العصر الحديث أصبحت (الشريعة) تستغل للمزائده السياسية وللمتاجره بالدين ولتكفير (الليبراليين) والعلمانيين وللتمييز بينهم وبين (الأسلامويين)، وجميعا شاهدنا كيف قتل ناشط ليبرالى تونسى بوأسطة (الأسلاميين) هناك وكيف تم التحريض على قتل معارضيين ليبراليين فى مصر. والحق والمنطق يقول بأنه لا يمكن أن يقبل مواطن يعتنق دينا غير الأسلام (بالشريعة) الأسلاميه حتى لو كانت صالحه وعادله معه، كدستور لبلاده الا اذا كان منافقا أو جبانا لا يمتلك زمام امره أو يريد أن يمشى تحت ضل الحائط .. وعلى كل حال فذلك شأن الليبراليين والعلمانيين المصريين (وحدهم)، الذين ربما يرجع (موقفهم) ذاك لقناعة شخصية أو هو نتاج ثقافة مجتمعيه معينة أو (رضوخ) وأستسلام عن قناعة أو عدم قناعة بسب تأثير (الأزهر) على المجتمع المصرى،الذى مهما قيل عن وسطيته وأعتداله، لكنه يبقى أكبر مؤسسة تسوق (للحكم) وبالتالى لسيطرة الأسلاميين، ويضم (الأزهر) بين جدرانه العديد من (المتشددين) والسلفيين والأخوانيين (القطبيين) ولن يرتاحوا أو يهدأ لهم بال الا بعد هيمنتهم عليه بالكامل وحتى بصبح شيخ الأزهر اما اخوانيا أو سلفيا. سبب آخر يجعل (الليبراليين) المصريين يقبلون بتلك (الشريعة)،هو عنف وأرهاب الحركات المصريه الدينيه التكفيريه المتشدده التى ارتكبت العديد من الجرائم والأغتيالات ومحاولات تصفية المثقفين والمفكرين والسياسيين (الليبراليين) وأغتيالهم سياسيا منذ بداية الخمسينات خاصة مع ظهور فكر سيد قطب الأقرب للفكر الوهابي والسلفيي والجهادى وتوسعت ظاهره العنف بالنظام والمجتمع المصرى بصورة أكبر خلال فترة السبعينات والثمانينات، بأستثناء الفتره التى حاول فيها (السادات) استمالتهم وأستخدامهم لضرب خصومه (اليساريين)، وسرعان ما انقلبوا عليه بل تم اغتياله خلال مشاركته فى احتفالات ذكرى انتصار أكتوبر، تبع ذلك بفتره قليله اعتقالات وعنف وتعذيب طالهم بعد أن اصبح (مبارك) رئيسا، ثم تضاءل ذلك العنف المتبادل من النظام والجماعات ربما بسبب (المراجعات) الفكريه التى تمت فى السجون للقيادات الجهاديه والأخوانيه أو بسبب عنف وقمع نظام (مبارك) الشديد بهم من خلال جهاز أمن الدوله .. أنتهى ذلك كله بابرام اتفاقات بينهم وبين النظام يوقف قمعه وعدم تعرضه لأسرهم وأن يمنحهم بعض الحريات الشخصيه فى السجون من بينها (الخلوه) الشرعية، مقابل توقف الجماعات الأسلاميه عن ممارسة العنف ضد النظام والمجتمع، لذلك ترددت كآفة التيارات الأسلامويه من المشاركه فى الثوره عند بدايتها، كل له اعذاره ومبرراته مثل رأى (السلفيين) وفتواهم التى حرمت الخروج على حاكم مسلم مهما كانت الدوافع. لكن من جديد واستغلالا لجو الحريه بعد الثوره وهيمنة التيارات الأسلاميه علي نظام (الحكم) وعلى مؤسسات الدوله، وبعد تقويض سلطة القضاء ومحاصرة أرفع محاكمه (المحكمه الدستوريه)، بدأت ترتفع مظاهر العنف اللفظى والجسدى ووصل درجة تصفية شباب الثوار المنتمين للتيارات المدنيه فى مواقف متعدده، وأخيرا خرجت الفتاوى والتصريحات التى تهدد حياة رموز المعارضه من القوى المدنيه وتهدر دمائهم، دون أن يتدخل نظام الأخوان المسلمين أو الأجهزةه الأمنية لردع مثل تلك التصريحات والفتاوى الطائشه التى تهدد المعارضين بالقتل، وكيف يواجه (النظام) ذلك ومن يقومون بهذه الأفعال الأجرامية ينتمون اليه فى نهاية الأمر مباشرة أو تحالفا واتفاقا. الشاهد فى الأمر أن تلك القوى المدنيه المصريه (ليبراليين وعلمانيين) وغيرهم، لا يعلنون رفضا (لشريعة) القرن السابع، كما ذكرت أعلاه ولا يرون مثلما نرى فى السودان عدم صلاحيتها لأنسانية القرن الحادى والعشرين، رغم ذلك يواجهون بذلك العنف والتشدد والتهديد بالأغتيالات. لكن لا هم ولا نحن فى السودان كقوى مدنيه نقبل أساءة الأدب مع الرسول (ص) أو التقليل من مكانته. وللأسف هؤلاء الأسلاميين على مختلف أشكالهم، يسيئون الأدب مع الرسول، فى غباء شديد على نحو مباشر وغير مباشر رغم انهم يهيجون مشاعر البسطاء وأنصاف الأميين حينما يساء اليه من خلال شخص غير مسلم، كما حدث فى أكثر من مرة ويظهرون الأسلام بالمظهر القبيح. فهم يسئيون اليه على نحو غير مباشر بادعاء كاذب يقول انهم متمسكين بسنته وبشرع (الله) كما دعا له قبل أكثر من 1400 سنة، بينما تناقض افعالهم اقوالهم .. وهم لا يعلمون ان شرع الله الذى يجب الألتزام به هو (العدل) لا (شريعة) القرن السابع، والعدل فى هذا العصر لا يتحقق الا فى ظل دولة (المواطنة) الديمقراطية المدنية الحديثه، التى ترفض التمييز بكآفة اشكاله. أما عن سوء الأدب والأساءة المباشرة فى حق (الرسول) الكريم التى ورد مثلها من قبل على لسان قيادات (أخوانية) سودانية على أعلى مستوى، فقد صدرت بالأمس القريب كذلك، على لسان احد القياديين فى تنظيم الأخوان المسلمين واسمه (على عبد الفتاح) خلال مشاركة له على قناة (القاهرة والناس) قال فيها: (حتى الرسول فى ارائه الشخصيه يؤخذ ويرد عليه)! وهذا كلام انسان جاهل وساذج ، لا يعرف حقيقة الرسول (ص) ولا يحبه ولا يحترمه. فالرسول هزله (جد) .. كما ورد فى حديثه للمرأة العجوز التى سألته (هل تدخل الجنه ، فقال لها : لن تدخل الجنة عجوز)، وكان يقصد ان الناس يدخلون الجنة فى سن الثلاثه والثلاثين كما ورد. اضافة الى ذلك فالرسول (ص) كما هو معلوم لأدنى الناس معرفة بالأسلام، (معصوم) وهذا يعنى حتى اذا اخطأ فالوحى ينزل سريعا مصححا لذلك الخطأ. والقرآن يقول: (ما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى). مسك الختام: نعم نحن ليبراليين وعلمانيين واشتراكيين وندعو لدوله المواطنه التى لا تميز الناس بسبب دينهم أو عرقهم أو جنسهم، ونرى فى ذلك خيرا واستقرارا وأمنا لأوطاننا ومواطيننا .. لكننا لا نسئ الأدب مع الرسول الكريم بل نرى فيه جميع الكمالات ونعرف له (مقامات) لا يعرفها الأخوان المسلمون والسلفية والجهاديون. ونثق تماما بأن حكم الله الذى أنزله وامر الناس بالتزامه هو (العدل) لا (شريعة) القرن السابع كما يظن كثير من الجهلاء بالأسلام وبرسوله، فشريعة القرن السابع كانت صالحه لقوم بعينهم ولزمان معين، ما كانت توجد فيه مشكلة أن يميز معتنق ديانه على آخر وماكانت فيه مشكله أن يقال لرجل أنه (عبد) وللمرأة انها (جاريه)، وماكانت توجد فيه مشكله اذا أرغم (المسيحى) على دفع الجزية عن يد وهو صاغر، حتى لا يقتل، فذلك العصر ثقافته (من غلب سلب). عجيب جدا أن يقال لا تجوز محاكمة (المنهج) بناء على سلوكيات مؤيديه والمدافعين عنه والمتحمسين لتحكيمه ومن يقتلون الناس ويسفكون الدماء بسبب ذلك. فمن دافع عن هذا (المنهج) وملأ به الأرض ضجيجا واراقوا بسببه الدماء خلال 80 سنة، غير (الأخوان المسلمين)، وحينما حكموا لم يقدموا لمواطنيهم ما ينفعهم فى دينهم أو دنياهم فى كل مكان، ومن تسبب فى انفصال جنوب السودان عن شماله .. ومن تسبب فى هجرة اقباط مصر بكثافة واضحه خلال هذه الأيام كما ذكرت الأحصاءات.. ومن مارس الفساد والكذب والتضليل وكانت النتيجة فشلا زريعا وسقوطا مدويا؟ لذلك فالديمقراطية هى الحل .. وثورات الشعوب القادمه سوف تكون ضد الأسلاميين وسوف يكنسوا من على وجه ظهر الأرض، وسوف لن يعصمهم عنفهم وارهابهم وتضليلهم للشعوب. وكل فعل له ردة فعل مساوية له ومضادة فى الأتجاه. وهؤلاء الشباب الذين ارتدوا الأقنعة السوداء، هم ردة فعل فى بدايتها على عنف الأخوان المسلمين فى مصر بشباب الثوره، سوف تتسع مع توسعهم فى العنف. وأول ثوره ضد الأخوان سوف تكون فى السودان الذى (تمكنوا) فيه قبل 23 سنه من تمكن اخوان مصر اصحاب الفكر (الظلامى) الهدام الحقيقيين. تاج السر حسين – [email protected]