*بينما كنت أستغل إحدى الركشات لوحدي ،وهي (تقزقز) كوسيلة مواصلات عامة في خط سيرها،عساها ولعلها تظفر براكب أو راكبين لزوم تعديلة المشوار،إذا بسائقها أو (الجوكي) كما هو متعارف لدى وسط السواقين يدوس على مكابحها،امام عائلة تتكون من (5) خمسة أفراد وهو يطرح عليهم السؤال : أها ماشين السوق ياجماعة؟ فكان ردهم بالنفي ربما لانهم لم يروا بالركشة متسع. بدوري سألته: (يأخي الناس ديل لو قالوا ليك ماشين كنت حتشيلهم وين)؟ فما كان منه إلا وان ردّ ببرود قائلاً:(لو النفوس إتطايبت ...). * هذا المثل المعروف والمكرور، الذي نُردده على الدوام كلما أردنا إفتعال التضييق على بعض ،مما جعلني اُطلق العنان لخيالي بعيداً جداً ،وأنا اُردد (لو النفوس إتطايبت)!!! حتى ترقرقت عيناي بالدمع السخين !!،مسحتُ دمعاتي ، ولا زلت ارددها عجباً!!. *لو النفوس إتطايبت لما إنفصل جنوبنا الحبيب وراح لحاله ،لم يدعنا لحالنا ،ولم ندعه لحاله،يناكفنا ونناكفه في المحافل الاقليمية والدولية؟!!. *لو النفوس إتطايبت لما كانت هناك مشكلة تسمى ابيي (كشمير السودان) التي حتماً سيتطاول عليها أمد النزاع بين الدولتين ، لا قدر الله . *لو النفوس إتطايبت لما كانت هناك مشكلة حدود قائمة ، وتعريفة خط ناقل للبترول ،وملفات أمنية عالقة، وجولات ماكوكية إلى اديس ابابا وآخرتها حصاد الهشيم!!. *لو النفوس إتطايبت لما قامت حرب ولايتي جنوب كردفان،والنيل الازرق ،ليتقتيل الآلاف وتشريد الآلاف من نازحين ولاجئين !!. *لو النفوس إتطايبت لما عاث نظام الخرطوم ومعارضيه والإنتهازيون الذين أفرزتهم حرب دارفور فساداً في الأرض ،إبادة وتقتيل وتطهير عرقي وحرق قرى وإغتصاب وتشريد ونهب مسلح،وتسليح عشوائي ،وتأليب زرقة على عرب، بل حتى الاعراب بعضهم على بعض كما حدث مؤخراً بجبل عامر بدوشكات الحكومة وسياراتها ذات الدفع الرباعي!!. *لو النفوس إتطايبت لما إنتشرت ظاهرة إختطاف وإغتصاب القصر !!ولما هاجرت أغلبية الكوادر المؤهلة وتركت البلد لحين إشعار آخر!!. *لو النفوس إتطايبت لما تم تغييب ضمير المهنة لدي الكثير من أطباء بلادي الذين صاروا يعبدون المال ويتجاهلون (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض)،والشاهد تلك المرأة قليلة الحيلة التي وضعت مولودها أمام إحدى مستشفيات بحري ،وغيرها بالتأكيد مواقف كثيرة ومثيرة تحكي الجشع!!. *لو النفوس إتطايبت لما صارت الخدمة المدنية حكراً على بعضهم دون العالمين ،ولما صارت قُدسية(القوي الأمين) ذريعة لإقصاء الآخرين!!. *لو النفوس إتطايبت لما تمايزت الكثير من صفوف اهلنا في السودا ووقعنا في فخ العنصرية ،إذ (لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى) *خلونا ندخل القصر الجمهوري ونقول: لو النفوس إتطايبت لكانت هناك حكومة قاعدة عريضة تشمل كل الإثنيات والاقليات والديانات والاقاليم وحتى الاحزاب وبإختصار شديد(كل الألوان)،ولما كانت هناك كل هذه المحن والإحن!!. *لو النفوس إتطايبت .... خالد دودة قمر الدين [email protected]