تحدثنا بالأمس عن إرتياح البرلمان لتلك النسبة المئوية التي أوردها المراجع العام في تقريرة كتقدير لنسبة الإعتداء على المال العام والتي بلغت 0.01% ، وقال الإخوة البرلمانيون أنها نسبة ضئيلة وغير مؤثرة ، وقلنا لهم أن الإعتداء على المال العام لا يتم عبر الطرق الرسمية ولا تظهر الإعتداءات على الأوراق الرسمية وإنما تتم تحت الطاولة أو عبر الشركات الخاصة والتفضيلات .. واليوم سمعنا بعد ذلك الإرتياح البرلماني عن نية البرلمان في تشكيل آلية لمحاربة الإعتداء على المال العام ، وتضم هذه الآلية المراجع العام والمجالس التشريعية الولائية ولجنة العمل والمظالم لمحاربة كافة أشكال الإعتداء على المال العام ، وضبط الأداء المالي على مستوى الأجهزة الإتحادية والولائية ، كما توعد البرلمان بمحاسبة أي مسئول حكومي يثبت تورطه في معاملات خارج الأطر القانونية مع الأطراف ذوي العلاقة في الشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة ، ووجه بضرورة مراجعة الشيكات المرتدة في وحدتي الضرائب والجمارك ، كما وجه بضرورة متابعة إغلاق الشركات الخاصة وتشديد الرقابة عند إجراء المناقصات العامة ، هذا هو الخبر كما ورد فى ( الجريدة ) .. وللبرلمان نقول للمرة الثانية ، لا داعي هناك لمحاربة الإعتداء على المال العام ومطاردة ومحاكمة ومساءلة المفسدين والمتورطين فى إختلاسات المال العام ، طالما نسبة الإعتداء لم تتجاوز الواحد من عشرة في المائة ، مع ملاحظة أن هذه النسبة جاءت نسبة لعدم ضبط الأداء المالي كما قال البرلمان وليس نسبة للسرقة .. وعليه فإن اللجنة المالية والإقتصادية بالبرلمان تناقض نفسها وتناقض الواقع بتكوينها لهذه الآلية التي تضم المراجع العالم والمجالس التشريعية الولائية ، فكيف يتم تكوين آلية لمحاربة الإعتداء وليس هناك أساساً إعتداء على المال العام كما قال البرلمان ، ونحن بدورنا نوجه اللجنة المالية بالبرلمان بتحويل عمل هذه الآلية من محاربة الإعتداء على المال العام إلي محاربة الإعتداءات الجنسية المتكررة على الأطفال ، ربما حينها ستجد هذه الآلية بعض العمل الذي تقوم به وربما سيكون لها فائدة تذكر .. أما مسألة ضبط الأداء المالي ومحاربة الفساد لا يتم عبر ألآليات والمفوضيات واللجان ومفوضية أبو قناية خير شاهد على هذا الفشل ، فالإعتداء على المال العام أصبح ثقافة عامة على مستوى الأجهزة الإتحادية والولائية ، ويتم عبر طرق ووسائل رسمية بإنشاء شركات خاصة وهمية ومؤقتة وبعد أن تنجز العمل الموكل إليها لا نعرف عنها – الشركات – شيئاً وأيضاً الإعتداء يتم عبر الوساطات والمجاملات والولاءات خارج الأطر الرسمية ولكن بأموال الدولة ، وعند مراجعة معظم الشيكات المرتدة والمديونيات المليارية في البنوك والشركات الخاصة المتعاملة في عطاءات ومناقصات الحكومة سنجدها من المتنفذين وأقارب الوزراء والولاة واصحاب الولاء السياسي وأبناء المسؤوليين في الحكومة ، ومن هنا يأتي الإعتداء على المال العام ، وليس من تلك النسبة المئوية التي وردت في تقرير المراجع العام والتي كانت مبنية على أساس المعلومات التي وردت له ، والإعتداء لا يتم بسرقة وإختلاس المال بطريقة مباشرة من الخزينة وإنما بطرق ملتوية ، وعلى البرلمان مراجعة ومتابعة مايحدث في سوق العملة من بيع للدولار في السوق الأسود بعد أخذ الإعتمادات بغرض تجاري .. ولكن في الآخر نعود ونقول ، الحل لا يأتي بالتجزئة والقطاعي وإنما الحل يجب أن يكون حلاً شاملاً بتغير ثقافة دولة ونظام بأكمله وليس بمطاردة بعض الفاسدين الصغار .. ولكم ودي .. الجريدة [email protected]