للأسف فرص احتلال الرجل لهذا المركز لم تكن كبيرة كما هو متوقع، ولكن الحملة الشعواء والحرب الضروس التي قادها ويشنها الإعلام السوداني ضده في شتى المواقع والصحف والقنوات والإذاعات قدحا في فكره وتشويها لصورته جعلت من اسمه الاسم الأكثر تكرارا في أفواه السودانيين وفي محركات البحث وقصاصات المتداخلين في الشبكات التفاعلية، إذ أن البلية صارت مزية، وهذا العسر الذي ألم بالإمام أحيل يسرا فصار اسم الصادق المهدي مرتبط ارتباطا وثيقا بالشأن السودان وبياض وجه السودان المشرق وحيثما ذكر الرجل ذكرت عظيم شمائله، حتى الذين يريدون انتقاده من كتاب يتسولون في عواصم كثير من الدول بحثا عن شخص لانتقاده لا يجدون إلا شجرة الإمام الوريفة ويرمونها بحجارتهم ولكن قبل الرمي بالحجارة يبدأ كاتبهم في تلك العواصم بعد أن يتنفس صعداء سيجارته أو (حجر شيشته) يبدأ بسطرين يمدح فيهما الرجل وعظيم خصاله وكريم شمائله، كتوطئة للشتيمة القادمة من أعماق قلب حاقد ملء بالضغينة والحسد، وتأتي الكلمات من تلك الأقلام مغموسة في عمق الترهات والأكاذيب المضللة التي يقتاتها هؤلاء من إسفير السلطان أو مهاتفاته الجوالة التي تضمن لهم بقاء أطول وعمرا أكبر في غياهب المنفى معززين مكرمين دون الملاحقة والمضايقة من السفارات، إلا أن الصادق يظل يورد اسمه ضمن أكثر رؤساء الأحزاب السودانية حراكا في سبيل التعبئة للنظام الجديد، وأكثر مفكري السودان توثيقا لأقواله وأفعاله وأفكاره، بل أكثر رجال الدين مدافعة ومرافعة عن دينه ونبيه، لأن السودان مليء بمن يدينون بدين محمد إلا أنهم عجزوا عن تقديم مرافعة مقنعة حينما أسيء لهذا النبي الرحيم صلى الله عليه وسلم بالفلم (براءة الإسلام)، لم يكلفوا أنفسهم عناء التقصي للمسببات والمسببين والقائمين على أمر الفلم، ولكن الرجل تتبع الفيلم من كل نواحيه مبينا الثالوث اللعين الذي وقف وراء هذه الإساءة العظمى وتكبد مشاق البحث عن أقباط المهجر وأسمائهم، وتحالفهم مع قناة الطريق وقادة اللوبي الأمريكي الذي كان يريد حرق المصحف، عراهم جميعا فعلمنا بفضل الإمام سام باسيل، وموريس صادق، وعصمت زلقة، وغيرهم من قادة الفتنة بين الإسلام والمسيحية، ورد الرد الجميل الذي قابله القبطي إبراهيم زكريا بالإحسان وتبنيه لتمويل فلم للنبي محمد يؤسس على عبقرية محمد التي خطها الأديب الكبير عباس محمود العقاد، هو الذي جعل من المحنة منحة، هو الذي جعل لنا من التراب تبرا، لأنه أعظم رجال السودان محبة للسودان ولهذا النبي فهو لا يسكن في السودان وإنما السودان وطن يسكن في دواخل الإمام الصادق وكذلك النبي الكريم صلى الله عليه وسلم. الأزمات التي ألمت بالسودان توارى كثير من قادة البلاد من قول شيء فيها، بل أن جلهم ظل يتوارى من كاميرات الصحفيين والإذاعيين خوفا من الحزب الحاكم وحكومته أو إن نطقوا فسيكون ذلك طمعا في أموال تصرفها هذه القنوات بعد استضافة أحدهم، لكن الرجل يهتم بشأن البلاد دون من أو أذى، وهذه الأخيرة جعلت من الرجل أعظم رجال السودان. لكل مغالط في هذه الحقيقة الإسراع بالضغط على أشهر محرك للبحث والذي أسميه ب (العم جوجل) ويكتب السودان أو الصادق المهدي، فسيجد أن اسم الصادق المهدي مقترن بكل تفاصيل الشأن الحياتي في السودان، فهو الذي يصنع الفعل الذي يجعل من ردود أفعال الطغاة والجاهلين صدى يضاعف قيمة الرجل الذي لم ولن يزيده السباب إلا علو همة، ووفاء ذمة، ووفرة إيمان، لأن الرجل أكثر الناس صبرا على قول الحاقدين وأحلمهم عند جهل الجاهلين، ولم يقطب وجهه في وجه أحد حتى وإن كان في أحلك ظروف الخصومة، مستمسكا بنهج النبي الذي يبش في وجه قوم قلبه يلعنهم، فالذرية بعضها من بعض، والرجل بحلمه صار أعظم رجال السودان. المكتبة العربية والإفريقية والعالمية جائعة وتحتاج إلى من يرفدها بفيض من المعاني والدراسات والبحوث والكتب وفي هذا رفد هذا الرجل المكتبة العالمية بموسوعة توثيقية وأعظم شهادة على العصر عن السودان في كتاب "ميزان المصير الوطني"، ولم تكد تخبو نيران الثورات العربية المستعرة حتى وضع لها معالم الفجر العربي الجديد في كتابه "معالم الفجر الجديد"، الذي سار بهديه الركبان في بلدان هذه الثورات، باعتبار أن الرجل أعظم رجال الوسطية الإسلامية بل هو إمام الوسطية في العالم، كما لا يفوتني ذكر أن الرجل خاطب هموم الإنسانية وجيلها الصاعد في خطاب بمثابة دراسة إنسانية وأخلاقية وقيمية ودينية وفلسفية ومرجعية عظيمة مضغوطة بصورة لا تخل بالمعنى في كتاب "أيها الجيل"، ولا زال يكتب ليثبت أنه أعظم كاتب في السودان، وننتظر منه كتابين عظيمين "سيرة النبي محمد نبي الإنسانية" و"التفسير المقاصدي" للقرآن الكريم. الرجل يكتب الآن بعرقه ودموعه ودمائه مسيرة التغيير، وهذه الأخيرة صادقة حقا وفعلا عندما سالت دماؤه في الجبلين إثر إصابته في تدافعه وسط أحبابه من كثرة التدافع، والمحبة والحماسة المبصرة المستعدة لإزالة هذا النظام وإقامة نظام ديمقراطي كامل وتحقيق سلام عادل شامل، كيف لا يكون أعظم رجل في السودان وقد جاب جل بقاع السودان التي لا يستطيع حتى رئيس البلاد طوافها؟؟؟ هل سمعتم بسبعيني في كل العالم يجوب أركان دولة مترامية الأطراف وعرة المسالك والسبل كبلادنا هذه بعربة جالسا لساعات طوال دون التوقف إلا لأداء الفروض، في زمن يتقاعس فيه الشباب – حتى التغييرين- عن تكبد مشاق السفر لعقد ندوة تعبوية في مدينة من مدن السودان أو حتى عمل "ركن نقاش" في كلية من كليات الجامعات الطرفية، بالحراك المحموم الذي عقده الإمام والسير الحثيث في طريق الخلاص الوطني استحق أن يكون الرجل في المركز الأول من رجال السودان. ليستعد قادة الأحزاب والعمل المدني والنشطاء والتغييرين بالدخل والخارج لمنافسة الرجل في الموقف السياسي، والمعارضة الرشيدة، والكتابة المفيدة، والمواجهة القوية للنظام، والمشاركة القوية سيرا في طريق الخلاص، خطوة بخطوة وجمع آلاف المؤيدين لمشروعهم بالعنف أو سواه أو حتى الاستنصار بالأجنبي وامتلاك الدولارات من أرصدة البنوك الإفريقية والعالمية، التي تطل على أكبر شوارع الخرطوم التاريخية. أنا متأكد أن هنالك من يستطيع أن ينافس الإمام في الفكر والسياسة والموقف الوطني وحب الجماهير، وأنه سيأتي في يوم من الأيام أو قرن من القرون إلا أنه لن يفوق الإمام الصادق المهدي. إذا لنهنئ أنفسنا بأن لنا من أبناء السودان من بذكر اسمه يعلو اسم أرض أجدادنا ومنبت رزقنا، وبذكره تبيض صحائفنا السوداء، وتشرق صورتنا الباهتة. [email protected]