من فرانسيس فوكاياما الى صمويل هنتنغتون ... ومابين نهاية التاريخ والموجه الثالثه السودان فى قلب العاصفه تعمل مراكز البحوث والدراسات فى الدول المتقدمه على الإنكفاء لقراءة معطيات المستقبل إستلهاماً من الحاضر . ويمثل الماضى بالنسبه لهذه المراكز جسداً مسجى على طاولة التشريح والفحص والتدقيق لإستلهام الروح السائده فى تركيبة المجتمعات وبالتالى تسهُل قراءة حاضر ومستقبل الأفراد والأمم ومن ثم تسهُل بالتالى عملية ضبط الإحتمالات ووضع صيغ التعامل معها حال الوصول الى مرحلة الحراك الفعلى لإحداث التغيير المنشود أو بسط النفوذ والهيمنه والتى تتم هنا عبر مختلف الوسائل وعلى رأسها بالطبع الوسيله الأنجع وهى اللجوء للإستخدام المفرط للقوه بغية محو تاريخ وحاضر تلك الأمم والشعوب المستهدفه ومن ثم إعادة تشكيلها وفقاً لمناهج الغرب الأمبريالى الذى يخدم فى النهايه الأجنده الصهيونيه الساعيه لفرض إسرائيل كأمر واقع ومن ثم العمل على تمهيد الطريق لها للتمدد فى المساحه الممتده من النيل الى الفرات . والولاياتالمتحده الأميركيه الدوله العظمى والحائزه بجداره على لقب (شرطى العالم ) هى المحرك الفعلى للأحداث فى أربعات الكره الأرضيه وتخضِع بطريقه أو بأًخرى دول العالم أجمع لسطوتها وجبروتها مستفيده فى ذلك من القوه العسكريه الغاشمه والمهوله والترسانه الحربيه الهائله التى تمكنت من بناءها فى فتره قياسيه مقارنة بحداثة الدوله الأمريكيه نفسها . وعندما أقام المفكر الإستراتيجى فرانسيس فوكوياما الأمريكى من أصل يابانى الدنيا ولم يقعدها بكتابه الذائع الصيت فى تسعينيات القرن الماضى والموسوم ب نهاية التاريخ ، كان ذلك واقعاً فعلياً تطابق مع مجريات الأحداث وإنهيار الكتله الشرقيه ونعى دول حلف وارسو بل وتشتيت شمل مكونات الدوله السوفيتيه نفسها وتقطيعها لدول شغلت الكرملين طويلاً فى سبيل تفادى تداعياتها ما مكن الولاياتالمتحدهالأمريكيه الى تغيير دفة بوصلات حاملات طائراتها والتوجه بأساطيلها الحربيه المرعبه نحو البحار الدافئه فى أرض الحضارات وهى منطقة الشرق الأوسط حيث أنبتت ربيبتها إسرائيل أما العلاقه التى تجمع مابين دولة بنى إسرائيل والولاياتالمتحده الأميريكيه فهى وبغض النظر عن نفوذ اللوبى الصهيونى المتغلغل فى دهاليز وأروقة السلطه ومراكز صنع القرار فهو الفهم النورانى المغلوط والتحريف الدينى والعقائدى الذى قام به اليهود رابطين بذلك على نحو إيمانى بوحدة المصير فيما بين أميركا وتل أبيب . الخواء الروحى والشظف الإيمانى وقوة نفوذ اللوبى الصهيونى فى داخل الولاياتالمتحده الأميركيه وخارجها إستغله عباقرة بنى إسرائيل فى زراعة وهم وحدة المصير المشترك فيما يختص بمصير الأمتين فى الدنيا والأخره ! لذلك تتحرك الولايات الأميريكيه المتحده دائماً الى حيث تشير إسرائيل . الذهن اليهودى الوقاد فى منهج الضلال والفتنه يستعمل عضلات اليانكى فى سبيل البقاء على ظهر هذه البسيطه واضعين فى الإعتبار إن القرأن الذى تنزل على النبى الخاتم شيىء لا يمكن تلافيه إلا بالإختباء خلف المتادور الأمريكى . لذلك عندما عكف فوكوياما على كتابة نهاية التاريخ فإنه قد وضع النقطه الأخيره على السطر الأخير فى خاتمة الغريم الأول وقتها وهو المد الشيوعى الذى كان مهيمناً على نصف الكره الأرضيه . بإنهيار حائط برلين إنتهى عهد وبدأ عهد أخر جديد ، وبهدم الإرث الشيوعى فى معقله تكاد المسأله هنا تشبه موقف بنى إسرايل أنفسهم ونبيهم موسى عليه السلام مع فرعون ، وكما تكفل الله سبحانه وتعالى بأمر المواجهة الكليه مع فرعون وملاءه فقد تكفلت الولاياتالمتحده الإميريكيه بأمر المواجهه الكليه مع طاغوت العصر الحديث وفرعونه ونعنى بذلك الإتحاد السوفيتى سابقاً . إنهيار جدار برلين يماثل فلق البحر الذى قال فيه المولى عز وجل فى محكم تنزيله ( وأذكر يوم فرقنا بينكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا أل فرعون وأنتم تنظرون ) ! هذه الحادثه بالذات هى التى أوحت لبنى إسرائيل إنهم شعب الله المختار ! وإن الله يفضلهم على العالمين ، وإنه يفعل دائماً نحوهم الفعل الذى يودون على نحو عنصرى وتلك تهويمات رد عليها القرأن نفسه متحدياً إياهم أن يتمنوا الموت إن كانوا صادقين !! لهذا ولمعرفة العقليه اليهوديه إن الخطر الأعظم الذى يهدد بفنائها هو الإسلام والمسلمين والقرأن فقد عمدت الى توجيه أنظار اليانكى نحو مهابط الوحى وهى قلب الشرق الأوسط وشبه الجزيره العربيه مهد الحضاره والديانات والتى شهدت ظهور أكثر من خمسه وعشرين نبياً ورسولاً ... ، ... ورسلاً ( قد قصصناهم عليك ورسلاً لم نقصصهم عليك ) وسمت ذلك أي الجوهر الإسلامى ( بالخطر الأخضر!!) فوكوياما وضع حداً للعهد القديم (التاريخ) ومن ثم إنتقل عبر كتاب الموجه الثالثه لمؤلفه الإستراتيجى الراحل المفكر الإمريكى صمويل هنتنغتون عبر هذه الموجه إنتقلت الأساطيل الأميركيه من أعلى البحار وتوجهت صوب الشرق الأوسط (الجديد) ولصناعة شرق أوسط جديد إستلهمت الولاياتالمتحده الأميركيه روح صمويل هنتنغتون نفسه وإسبتدلت الأنجيل والزبور والتوارة بسفر هنتنغتون الذائع الصيت أيضاً وهو كتابه المهم والمُلهم ( صراع الحضارات !) . قضي على الشيوعيه فى مهدها حيث لقى نبيها كارل ماركس حتفه وتفتت عضد القوه التى كانت تحرس مبادءها فإنزاح الخطر الشيوعى وتقلص الى داخل حدوده التى بدأت وبالفعل الإمريكى نفسه فى التأكل من الداخل ومن ثم بدأت رحى المواجهة مع الخطر الأخضر ( القرأن !!) فى مهده ! حدثين هامين للغايه صنعا التحول فى أُطر المواجهة غير المتكافئه فى القوه الماديه ظاهرياً ، صعود نجم (طالبان) فى محيط دول القوقاز وعمق أسيا وإنهاء عصر بابراك كارمال الرئيس الأفغانى وقتها على أفغانستان ورجل الروس القوى فى تلك الأصقاع ... بصعود نجم جماعة (طالبان) وهى صنيعه أميركيه بإمتياز بدأ التدشين الفعلى والعملى لتكوين تنظيم القاعده ! سبق ذلك وأبان الحرب المقدسه فى أفغانستان ضد النفوذ الروسى ظهور حركة الجهاد الأصوليه المتطرفه فى مصر . وبمقتل الرئيس المصرى الأسبق محمد أنور السادات على أيدى العناصر المنضويه تحت لواء هذا التنظيم وبصعود الرئيس السابق مبارك لسدة السلطه قضت الصفقه الإميريكيه فى حينها على فتح الطريق لهؤلاء الأصوليين للذهاب تلبية لنفرة الجهاد ضد الإحتلال الروسى لأفغانستان وبوصول أخوان الإسلامبولى وأيمن الظواهرى وأبو حفص المصرى عصام درباله الى كابول كانت إحدى دول الخليج الغنيه بالنفط هى الممول الرئيس للعمليه فى حين إكتفى الأميركان ومن خلفهم اليهود طبعاً على النفخ فى بالونة الجهاد والقيام بالدعايه اللازمه له ليعم كل الأرضيه ولكى تبرهن الولاياتالمتحده الأميركيه لهذا العالم لاحقاً خطورة هذا التنظيم وهذه الجماعات ودمغها بالأصوليه والتطرف ووسمها بالإرهاب وتهديد الأمن والسلم الدوليين فى عالم بات أحادى القطب تتولى عملية تنظيمه وتسهيل أو تعقيد حركة مرور الدول والأفراد فيه الولاياتالمتحده الأميريكيه والتى وجدت نفسها الشرطى الوحيد للعالم . المجاهد الكبير الشهيد عبدالله عزام كان هناك ولأسباب يطول شرحها كان لابد من إنهاء حياته بأي ثمن ليحل تنظيم قاعدة الجهاد بقيادة أسامه بن لادن محله وهو ماتم بالفعل حيث لقى الشهيد عزام حتفه بواسطة سياره ملغومه فى مدينة كراتشى الباكستانيه والتى كانت بمثابة القاعده اللوجستيه للمجاهدين . الحدث الأخر والذى لا يقل أهميه عن نشوء تنظيم القاعده وصعود حركة طالبان والذى جاء فى التوقيت السيء أو الجيد فقد بات المرء لايدرى هو إستيلاء الحركه الإسلاميه للسلطه فى السودان ! ظهور هذا النظام ذى الصبغه الدينيه والتوجه الإسلامى الأصولى فى السودان خدم أهداف الولاياتالمتحده الأميركيه وربيبتها إسرائيل من حيث لم يحتسبا . بزوغ شمس الجماعه فى السودان (الهدف) ! لموقعه وإمكانياته كان فى بداية عهد كتابة التاريخ وما التاريخ الذى تود القوى الغاشمه كتابته إلا تاريخ قيام شرق أوسط جديد محتل فعلاً ومجازاً وهذا بالضبط ما يجرى اليوم من صعود لنخب الإسلام السياسى محمولين على أكتاف ثورات الربيع العربى الأمريكية الصنع واليهودية الماركه . وعلى الرغم من وصول جماعة الجبهة الإسلاميه للسلطه فى السودان كان مغامره لا يمكن لليهود الرهان عليها لإمتطاءها فقد أوعزت للشهيد الراحل صدام حسين بغزو دولة الكويت !! غضة أميركا الطرف وأوحت لصدام عبر سفيرتها فى بغداد بإن هذا الأمر إن حدث ( غزو الكويت ) فهو بمثابة شأن لا يخص الولاياتالمتحدهالأمريكيه . بلع صدام الطعم ووقع فى المصيد لتكر الأوضاع بعدها بخطى موغله فى السرعه والتى أفلتت زمام القياده من معظم إن لم يكن كل دول المنطقه وباتت الولاياتالمتحده الأميريكيه هى الممسكه بزمام الأمور ومن ثم بدأت فى تدمير خلايا المقاومه الذاتيه للعربى والمسلم من الداخل تماماً كما فعلت بغريمها الماركسى . هل إنتهت اللعبه ؟ هل باتت الولاياتالمتحده الإميركيه هى المتحكم فى مصير الدول والشعوب وبيدها مقاليد كل شيىء ؟ والسؤال الأهم هل أنتصرت فى حربها مع ما تسميه الخطر الأخضر الذى هو الإسلام أم هى منهزمه ؟ فى عالم يظن فيه الغافل إن الأشياء هى الأشياء قد تكون الأجابه نعم ربحت الولاياتالمتحده الأميركيه البيع وإشترت بذلك أمن أسرائيل بيد أن ظاهر الأشياء هو غير جوهرها وفى ذلك نفصل فى مقال قادم بإذن الله . [email protected]