رأي حرصت على تلبية دعوة الأستاذ الكاتب الصحفى والباحث البجاوى المميز أبو على أكلاب موسى لحضور تدشين كتابه (يسألونك عن البجا) الذى رعته مؤسسة أروقة بقيادة الرجل الخلوق السموءل خلف الله.. ولعل ما دفعنى لحضور التدشين غير حرص واصرار الاستاذ أبو على حضورى هو حبى الدفين الخالص لأهلى البجا الذين عشت بينهم عقودا من الزمان منذ مولدى عام 1948 بقرية الختمية تحت جبل التاكا فى عاصمة الشرق (كسلا أم دقاق) الذى تغنى بها الشعراء ( كسلا أشرقت بها شمس وجدى فهى فى الحق جنة الاشراق).. نعم كان صبحا طلق المحيا حينما ولدتنى ذلك اليوم الحاجة زينب مصطفى عبد الرحمن حفيدة الشيخ خوجلى أبو الجاز عليها رحمة الله، وبعد يومين استخرجت لى شهادة ميلاد أصلية كتب عليها الجنسية: حلنقى.. عمودية أحمد جعفر وذلك بخلاف قبيلتى الحقيقية وقبيلة أشقائى - محسى - ومنذ ذلك التاريخ لا زلت أعتز بهذه القبيلة وبقبائل البجا.. لقد أعطتنى وأكسبتنى ثقافة البجا قيما من أعظم القيم فى حياتى هى الوطنية الحقة وحب الحرية والاحساس بالكرامة وعزة النفس وقدر كبير من الشجاعة الأدبية وعدم الخوف من المجهول والجرأة والقدرة على الصبر واحتمال الشدائد والمصائب التى واجهتنى كثيرا فى مسيرة حياتى مما جعلنى أحفظ عن ظهرقلب وأردد دائما بعض أبيات شاعرنا محمد سعيد العباسى فى رائعته (عهد جيرون) يقول فيها : ألقى بصبرى جسام الحادثات ولى عزم أصد به ما قد يلاقينى... ولا اتوق لحال لاتلائمها حالى ولا منزل اللذات يلهينى... ولست أرضى من الدنيا وزينتها الا الذى بجميل الذكر يرضينى.. وكيف أقبل أسباب الهوان ولى آباء صدق من الغر الميامين.. النازلين على حكم العلا أبدا من زينوا الكون أى تزيين... نعم صدق الشاعر فهؤلاء البجا هم آباؤنا واخواننا الذين عشنا بينهم وتعلمنا منهم لا يرضون الضيم والهوان هم آبائى الذين ولدت وسطهم وتربيت وعشت بينهم عقودا وأكلت معهم الملح والملاح ولا زالت لى علاقات حميمة وصادقة أعتز بها أيما اعتزاز فذلك الذى جعلنى أحرص على حضور التدشين. يقع كتاب الاستاذ أبوعلى أكلاب فى حوالى 142 صفحة من القطع المتوسط يبدأ بالحديث عن أصل البجا وممالكهم وعلاقتهم بالأديان ثم معاركهم الشهيرة ثم يدلف الى تكويناتهم القومية التى تشمل ست نظارات وست عموديات.. النظارات هى نظارات الهدندوة وناظرها ترك والأمرأر وناظرها على محمود والبنى عامر وناظرها دقلل والبشاريين وناظرها كرار والحلنقة وناظرها شكيلاى والحباب وناظرها كنتباى. أما العموديات فتشمل عموديات الأشراف، الأرتيقة، الشياباب، العبابدة،الكميلاب والملهيتكناب. يتميز هذا الكتاب بأنه سياحة جميلة ومفيدة عن حياة البجا لغاتهم وبعض خصائصهم الجميلة مثل كتمان السر والصبر وفنهم وعن المرأة البجاوية والطرفة عند البجا فهم الذين اشتهروا بالسخرية اللاذعة بأكثر من اهلنا الرباطاب فى تقديرى. كما يتحدث المؤلف عن الخلاوى والطب عند البجا والادارة الأهلية عندهم ثم يعرج للكتابة عن بعض الشخصيات البجاوية البارزة.. انه كتاب جدير بالقراءة بل الاقتناء فشكرا للكاتب والباحث أبو على أكلاب وشكرا لمؤسسة أروقة. الجدير بالذكر كما اعترف الشيخ بابكر بدرى فى مذكراته أن البجا هم أول من ساهم فى تعليم المرأة السودانية عبر الخلاوى. المعنى القرآنى للجعليين كلما أقرأ القرآن وأمر على الآية الكريمة ( يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم) صدق الله العظيم أقول لنفسى هل ياترى اسم الجعليين هذا هو لقبيلة محدودة بعينها أم هى ثقافة للتعارف والتقوى كما جاء فى الآية فالله هو الذى ( جعلنا) وأمرنا بالتعارف والتقوى فلماذا نحصرها فى قبيلة واحدة ولماذا لا نجعل من الجعلية و الجعليين لكافة البشرية ثقافة للتعارف والتسامح والتقوى؟ الصحافة