أثناء مروري بأحد شوارع أمدرمان المزدحمة كالعادة نسبة لضيق الطرق وإزدحام المارة أمامك في الطريق وأنت تقود لعدم توفر معابر للمشاة فيجبر الجميع على المرور بين العربات معرضين انفسهم وسائقي السيارات للخطر ، والسبب هو عدم التنظيم ، والأمثلة كثيرة داخل العاصمة المثلثة ، فنجد مواقف المواصلات العامة لا يتوفر بها ولا معبر للمشاة وهذا الأمر يسبب إزدحام شديد في الطريق ، وعلى السلطات الإنتباه لهذا الأمر قبل الشروع في بناء المواقف ، وليعلموا أن معابر المشاة أهم من طرق العربات ، واليوم أرى أن السلطات تصر على نفس الخطأ في موقف السكة حديد الجديد في شارع بيويوكوان فى الخرطوم ، فهي اليوم تعمل على بناء الموقف متجاهلة تماماً بناء معابر للمشاة .. ولنعود لموضوعنا اليوم ، المهم أثناء مروري بذلك الشارع لفتت نظري جملة مكتوبة بواجهة صالون حلاقة تقول ( الحلاقة للمعاقين مجاناً ) ، فجلست أفكر في هذه الجملة وتعمقت في واقع المعاقين اليوم في بلادنا فهل حقاً المعاقين يحتاجون منا للرأفة والشفقة ، فخير فعل صاحب ذلك المحل ويشكر لهذه المبادرة ، ولكن هل ياترى هذا مايحتاجه المعاق السوداني ، فحقيقة نحن في حاجة ماسة لثقافة وتوعية عامة في هذا الجانب ، فعندما يسافر أي سوداني يجد في الخارج تعامل راقي وجميل تجاه المعاق ، فنجد هناك مواقف خاصة مخصصة للمعاق ونجد صفوف مخصصة للمعاق ونجد في المواصلات العامة مقاعد مخصصة للمعاق ، ونجد نسبة مقدرة من الوظائف مخصصة للمعاق ونجد مقاعد في القبول العام في مؤسسات التعليم مخصصة للمعاق ، فأين نحن في السودان من كل هذا ، أين المنظمات التي تهتم بهذا الجانب ، أين مراكز تدريب المعاقيين أين مراكز تاهيلهم ، لا أحد يذكر هذه الفئة ، لا نشطاء ولا سياسيون ولا أحزاب الجميع يتجاهل المعاق السوداني ، وكثيراً ما نتعامل معهم بنوع من عدم المبالاه ، فنجد أن معظم المتسوليين معاقين ، ونجد أن معظمهم يحتاج لرعاية مستمرة ، نعم هناك معاق ميسور الحال ولا يحتاج لمساعدة ولكن معظمهم يحتاجنا .. وقبل فترة ليست بالقصيرة ذهبت ل ( مدينة العملاق ) في شارع المعونة ببحري بدعوة كريمة من بعض أصدقائي المعاقين ، فهم حقيقة رائعون وجميلون في تعاملهم وإستقبالهم وضيافتهم ، وجميلون في إبداعاتهم فهم كل أسبوع أو كل أربعاء يقيمون يوماً ثقافياً حقيقة تجد فيه مالذ وطاب من انواع الإبداع ، غناء ، عزف ، تصوير ، رسم ، كل أنواع وضروب الإبداع ، وعلى الرغم عدم تشرفي بالحضور نسبة لإنشغالي ولكن ما سمعته منهم كان كافياً لنقل الصورة كما هي ، وعندما أذهب للحضور قطعاً سأسطحب معي جميع قراء ( منصات ) ليتجولوا معي في ذلك العالم الجميل ، ويكفي أنني رأيت ذلك التفاؤل بداخلهم وأحسست بالطموح في أعينهم ، فهم حقاً جميلون رغم المعناة التي يمرون بها ورغم الجحود الذي يجدونه من قبل المجتمع ومن قبل الدولة ، فتالمت حقيقة عندما رأيتهم يقفون بالساعات أمام مدينة العملاق في محطة المواصلات بالساعات رغم إعاقتهم في إنتظار البص وفي إنتظار من يمد لهم يد المساعدة ، ولكن ما رأيته هو أن معظم الحافلات والبصات لا يعيرونهم أي إهتمام و الدولة لم تخصص لهم إلى يومنا هذا مقاعد للمعاقين ، وهذه دعوة صريحة لكل سوداني جميل أن يقف وقفة مع الذات من أجل هذه الفئة التي ستتفجر إبداعاً وإنتاجاً فقط إذا وجدت الإهتمام المناسب ، ولكن كل هذه القضايا في وادي ودولتنا في وادي آخر ، ولا حياة لمن تنادي ، والتحية لكل معاق سوداني رغم الظروف السيئة والمعاناة ولكنهم صامدون وسيظلون هكذا رغم الجحود الرسمي والشعبي لمطالبهم .. ولكم ودي .. منصات حرة نورالدين عثمان [email protected] جريدة الجريدة