يمُرُّ علينا شهر مارس الذي يعجُ بالأيام الخاصة التى سُميت إصطلاحاً بالأعياد، هي أيام أُتخِذت كمنابر للتعبير و منصات للتغيير وربما مُناسبةً لإسماع الأصوات الصامته، ولعل أكثرها تميزاً يوم 12/مارس الذي خًصص للأم، فكم تمنيتُ أن لا تنطفئ جذوة هذا اليوم فينا و ألا تذبُل أزهار الإمتنان التى نمت فى دواخلنا وسقيناها بشكرٍ و عرفانِ لا ينقطع. فى غمرةٍ يوم الأم- أو عيدها كما يحلو للجميع- تستظلُ بعضُ النفوس المكروبةٍ تحت أنين الحُزن، أولائك المبتلون من أُمة المسلمين، الذين قدّر الله لهم أن يُحرموا من بسمات أُمهاتهم ومن كلمة كل عامٍ وأنتِ بخيرٍ يا أمي ، كتب الله لهم أن يقطفو من ثِمار الصبر المُرة ويتجرعون كؤوسِه الحارقة، أصحابُ الحروب والكروب والغربة والأمراض و الإبتلاءات البعيدون عن أمهاتهم بفقدٍ أو بغربة، فالبعضُ ذرف هذا اليوم فى بُكاء وعويل إثر فُقدان أمهاتهم، وكثيرون شرقتْ عليهم شمسُ هذا اليوم فى باحات المُستشفيات فى شهيقٍ وزفير ترقباً لها وهي ترقد بين شراشف السرير الأبيض، والبعض لم يستشعر لهذا اليوم فرحةً لأن الألم يجثو على أنفاسه فلا يحسُ سواه ولا يعى إلاه، وبعضهم (وهُم كُثُر) صارعته غُربته وقاسمته ضحكات أمه فإنشطر يومها عنده الى شظايا لم يعد يحسُ لها وزناً ولا يسمع لها صدىً بداخله. يومُ الأم فرحةُ وحبور وسانحة للشكر و الإمتنان ولكنه يتحول عند بعضنا الى ليلٍ حالك حين يوقِظ تلك الكوامن من الأحزان والآلام، من يستحضرون ذكرى فقدان أُمهاتهم وأطيافهن الراحله، و يجترون أثر ما زال عنهم من نِعمةِ وجودها التي كانوا نستبشرون بها فيما سبق من أعوام. الى كُل أصحاب الإبتلاءات من أُمة مُحمد صلى الله عليه وسلم، إلى كل من فقد أمه أو صارعه فيها الفراق فقضى يوم الأُم بعيداً عنها: أمطر اللهُ على أحزانكم مطراً من السلوى و ألهمكم الله الصبر الجميل وأتاكم الأجر العظيم، أتمنى أن يُحرركم الله من الحُزن والألم والمرض والحروب والفرقة والغربة، أتمنى أن يعود يومُ الأم القادم وكُل نفسٍ تنعمُ بالسعادة والهناءة والرفاء دون رهق أو تعب أو حُزن لفراق أو ألم من مرض، وردّ الله غُربة كل بعيد ليشهد العيد القادم بين أقدام أمه. همسات- عبير زين [email protected]