أهمية الموضوع وحساسيته وخطورته ربما دفعت السيد رئيس الجمهورية ليختص جريدة الشرق القطرية بحديثه وقراره حول عدم نيته فى أن يترشح للرئاسة ، وقد يبدو فى ذلك تجاوزآ و أنتقاصآ من صحفنا المحلية ولكن أختيار الصحيفة القطرية ربما يعكس رغبة فى اعطاء الموضوع بعدآ و اقليميآ و دوليآ و ان كان القصد هو ذلك فهى ستكون ضربة معلم من الرئيس يودع بها الحكم بعد سنوات طويلة ، و لعله أراد أن يرسل رسالة اخرى حول منهج عدم الترشيح ، و كونه اختص به الصحفى القطرى و صحيفة الشرق فمن الممكن انه ارد ان يقول ان هذا قراره هو شخصيآ و لا دخل لاحد فيه وعلى الارجح أراد أن يكون الخبر من صحيفة قطرية تقديرا لدور قطر المساند لحكومته اقتصاديأ و سياسيآ قال البشير (كم وعشرين سنة فى الحكم كفاية ) بعضآ من صحفنا اوردت العنوان (لن أترشح ... كفاية ) ، وبعضها نشرته (كفاية ...لن أترشح للرئاسة مرة اخرى )، واخريات اوردته ( كفاية و لن اترشح للرئاسة ) وصحيفتين اوردتا الخبر من نسختين الصفحة الاولى ( كفاية ... لن اترشح للرئاسة ) و فى الصفحة الخامسة ( لن اترشح للرئاسة مجددآ .. و هذا موقف ثابت ) ،نسخة صحيفة الشرق جاءت ( لن اترشح للرئاسة .. وظروف السودان تجعلنى اقول كفاية ) ، اجتهادات صاحبت النشر تعكس من ناحية قدرآ من الاضطراب فى التعاطى مع الموضوع ، ومن الناحية الاخرى فهو تآتى دليلآ على ان البعض هكذا اراد قراءة النص ، تاتى هذه المقابلة فى اعقاب الاتفاق مع حكومة الجنوب و بداية تحسن سعر الصرف للجنيه السودانى و قبيل القمة العربية فى الدوحة ، و لهذا فأن اهميتها تتعدى مجرد الاعلان عن اخبار هامة للتمهيد لرسم ملامح مرحلة اخرى قد تكون محاولة اصلاح علاقات السودان بالاطراف الدولية حجر الزاوية فيها ، بحكم ان المقابلة ومن ضمن ثلاثة و عشرون سؤالآ كان نصيب الاطراف الخارجية منها ستة عشر سوالآ ، شملت العلاقة مع الجنوب ومصر و قطر و الدول العربية و امريكا بالاضافة الى اسرائيل ، وقد يكون انطوى على قدرمن التقديم و التأخير فى بعض العبارات ،، و لكن الامر ليس خبط عشواء او اجتهادات( يؤجر فيها من اصاب و لا تثريب على من لم يحالفه الصواب ) فكل قرأ كما يريد أن يقرأ ، والصحف اكتفت بنشر اللقاء متزامنآ من غير تعليق الا ان اللافت اننى و بعد اطلاعى على مضابط الحوار كما نشرها موقع جريدة الشرق الالكترونى و بعد التدقيق فى النص الذى نشرته معظم الصحف السودانية لم اعثر على كلمة ( مجددآ) التى وردت كخطوط فى اغلب الصحف ، كما ان الوجدان السليم و العقل و المنطق لا تفترض ان هناك نسختان ( واحدة قطرية و الاخرى سودانية ) ، الرئيس ذهب بعيدآ فى التأكيد على موقفه رافضآ حتى فرضية اصرار حزبه على ترشيحة فقال ( لا .. كفاية .. نحن امضينا اكثر من كم وعشرين سنة و هى اكثر من كافية فى ظروف السودان و الناس يريدون دماء جديدة و دفعة جديدة كى تواصل المسيرة ان شاء الله ) ، الرئيس اكد موضوع تأجيل المؤتمر العام للحزب للعام القادم ليسمى المؤتمر رئيسآ للحزب و مسمى رئيس المؤتمر الوطنى(و القول للرئيس ) قطعآ سيكون مرشحه للرئاسة ، و هكذا و بوضوح افاد الرئيس انه لن يكون رئيسآ للمؤتمر الوطنى ، الا انه لم يفصح عن استمراره عضوآ فى الحزب ام انه سيعتزل العمل السياسى ، بهذا التصريح فان السيد رئيس الجمهورية يكون قد فسر المادة (57) من الدستور الانتقالى لسنة 2005 م بما يتفق مع ما وصل اليه خبراء القانون الدستورى و ذلك ان المادة تقرأ( يكون اجل ولاية رئيس الجمهورية خمس سنوات تبدأ من يوم توليه لمنصبه ، و يجوز اعادة انتخابه لولاية ثانية فحسب ) ، وبما ان الدستور قد حدد الولاية الاولى حسب منطوق الفقرة 1 المادة (69) 1 (اذا جاءت نتيجة الاستفتاء حول تقرير المصير مؤيدة للوحدة، يكمل رئيس الجمهورية و النائب الاول اجل ولايتهما وفقآ لنص المادة (57) من الدستور، اما الفقرة 2 ( فى حالة اختيار مواطنى جنوب السودان الانفصال ، يستمر رئيس الجمهورية فى منصبه ان كان من الشمال ، ... الخ ) ، اما اذا اراد الرئيس اخلاء المنصب قبل نهاية ولايته وهو امر قد يكون واردآ ، فى ظل الظروف التى تحدث عنها الرئيس ، فيجب اعمال المادة (67) من الدستور بحيث يتكون مجلس رئاسى من نائبى الرئيس و رئيس المجلس الوطنى ، يراسه النائب الاول و يكون القائد الاعلى للقوات المسلحة السودانية ، ويتعين حينئذ اجراء الانتخابات الرئاسية خلال (60) يومآ وفقآ للمادة (52) من الدستور الانتقالى لسنة 2005م ، هذا من الناحية القانونية و الدستورية ، اما سياسيآ ووفقآ للظروف التى قال بها الرئيس فمن الممكن الذهاب الى سيناريو الحكومة الانتقالية التى تقوم بترتيب اوضاع البلاد و اعادة هيكلة الدولة و اقرار السلام ووضع دستور دائم بالتوافق ، بهذا السيناريو يتفادى المؤتمر الوطنى المشكلات القائمة فى البحث عمن يخلف الرئس البشير ،، ساخن ... بارد محمد وداعة [email protected]