تحليل سياسي: هى أشبه بالصدفة .. وليست كذلك .. أن يبدو عنواننا اليوم وكأنه إمتداد للبرنامج الحوارى الناجح بفضائية النيل الأزرق .. والموسوم بذات الإسم .. حللنا ضيوفا على البرنامج ومشاهديه امس الأول .. فى معية ضيوف أعزاء بينهم العميد متقاعد ساتى محمد سوركتى القيادى بمنبر السلام العادل وأحسب أنه رئيس المنبر بالخرطوم .. وهو من يعنينى هنا .. فسبب استصحابى لإسم البرنامج عنوانا لهذه المساحة اليوم .. هو أن نقاشا قد بدأ بينى والأخ سوركتى داخل البرنامج وعلى الهواء .. ولم يكن الزمن مسعفا .. وحتى تكتمل الصورة .. مع الإعتذار للزميل الطاهر حسن التوم .. سأكمل وجهة نظرى هنا .. ولا أحسبنى سأقمطه شيئا .. فللمنبر منبر واسع الإنتشار .. سيدفع عبره إن شاء ..! لاحظت أن سعادة العميد قد اكثر من الربط بين قطاع الشمال من جهة .. وبين اسرائيل وامريكا من جهة أخرى .. بل وذهب حد الإدعاء بأن كل مصائب السودان سببها الحركة الشعبية واسرائيل .. ولاحقا قطاع الشمال واسرائيل .. ورغم اللامنطق الكثير الذى إحتشد به حديث السيد ساتى .. إلا أننى رأيت أن أحصر جهدى اليوم .. فى تفنيد العلاقة المزعومة بين قطاع الشمال واسرائيل من وجهة نظر العميد ساتى ومن ورائه منبر السلام العادل طبعا .. ليس دفاعا عن قطاع الشمال .. فهو لم يكلفنى بذلك .. ولم يطلبه .. وما أظنه بحاجة لدفاعى .. بل إن دافعى وهدفى من هذا الجهد لجد مختلف .. إنه إثبات أن ما يجمع منبر السلام العادل بإسرائيل اكثر بكثير من ذلك الذى يمكن أن يربط اسرائيل بقطاع الشمال .. وأن الأهداف التى حققتها اسرائيل فى السودان الموحد والسودان بشماله وجنوبه عبر منبر السلام العادل ما كان ليحققها عبرقطاع الشمال .. وإن أراد الأخير ذلك..! ولنبدأ جرد الحساب .. منذ منتصف عقد الستين من القرن المنصرم طفقت إسرائيل تبحث عن مدخل لجنوب السودان .. وعن موطىء قدم هناك .. حتى نجحت فى الوصول الى قيادة الأنيانيا الأولى ممثلة فى اللواء جوزيف لاقو .. الذى إعترف بتلك العلاقة وبالدعم الإسرائيلى الذى كان هدفه قيام دولة الأماتونج فى الجنوب .. غير أن السودان بشماله وجنوبه قطع الطريق على الهدف الإسرائيلى بإتفاقية اديس ابابا .. ولكن .. وبعد ما يقارب نصف القرن كانت اسرئيل تجد ضالتها فى تيار إسمه منبر السلام العادل كان مستعدا لتحقيق الحلم الإسرائيلى وتقديم إنفصال الجنوب لتل ابيب على طبق من ذهب .. وهل إنتهت بذلك مهمة منبر السلام العادل .. ؟ كلا .. ففى الإستراتيجية الإسرائيلية فإن فصل جنوب السودان وبالتالى عزل السودان عن المحيط الأفريقى هو مجرد خطوة فى الإتجاه الصحيح نحو الهدف الصحيح .. الذى هو فصل المحيط الإفريقى عن المحيط العربى .. وبالتالى قطع الطريق على أى تمدد عربى .. وبالضرورة اسلامى .. نحو افريقيا .. بإعتبار افريقيا مسرحا تاريخيا للصراع العربى الإسرائيلى .. إّذن .. المطلوب ليس فقط فصل الجنوب .. بل دق إسفين فى العلاقة بين السودان وجنوبه .. بحيث يتحول كل طرف بالنسبة للآخر الى جارٍ من نار .. وهذا للأسف ما يفعله منبر السلام العادل وقادته حتى مساء امس الأول .. موعد برنامجنا ذاك ..! منبر السلام العادل ضد المفاوضات مع جنوب السودان .. وضد إستقرار الحدود بين البلدين .. وضد تبادل المصالح الإقتصادية والتجارية بين الشمال والجنوب .. ومنبر السلام العادل ضد الحوار مع قطاع الشمال .. رغم أن العميد سوركتى فى لحظة حيرة ما .. فى ذاك البرنامج قد تراجع واكد موافقته على الحوار مع قطاع الشمال .. ولكن فى ما يبدو بعد القضاء عليه .. وليس قبل ذلك ..! ومنبر السلام العادل يستلهم سيرة ومبادىء حكماء صهيون فيؤسس منطلقاته الفكرية على أساس من العنصرية والإستعلاء الإثنى .. راجع وثيقتهم الرسمية الموسومة ب (الإنتباهة ) .. واحسب كم مرة وردت عبارة .. إنهم لا يشبهوننا .. تعزيزا لدعاوى الإنفصال ..! فأين قطاع الشمال المسكين من كل ذلك ..؟ أخيرا .. قد تكون لقطاع الشمال علاقات مع اسرائيل .. ومع الشيطان نفسه .. ولكن العبرة بالنتائج .. فأحسب يا رعاك الله .. كم ربحت اسرائيل من مواقف ودعاوى منبر السلام العادل العنصرية والجهوية .. مقارنة بما يمكن أن تكون قد كسبته من علاقتها مع قطاع الشمال ..! هل إتضحت الصورة الآن ..؟ آمل ذلك .. مع تحياتى لمشاهدى فضائية النيل الأزرق وقراء الخرطوم . محمد لطيف [email protected]