الملاحظ أن الشارع السوداني أصبح اليوم مخيفا لدرجة أنه لا يرحم بل يتحكم في تغير مفاهيم ورؤى وأفكار الأبناء وجذبهم بطرق سالبة تؤدي للضياع والهلاك وتنتزع منهم القيم والمكارم والفضائل وينحرفوا وينجرفوا لقاع الهاوية ، وهذا ما نلاحظه في بعض مجتمعات الجامعات وهي دور العلم والمعرفة والثقافة والأدب ، تنتشر فيها المخدرات والحشيش والتبغ وهي لا رقيب ولا حسيب وأصبح الطلاب في حالات نفسية كئيبة وحزينة فكيف يرجى منهم مستقبل يرتكز عليه أمل هذه الأمة ونصرتها ورفعتها وتقدمها لتضاهي العالم وهم عمادها غارقين في غيهم وضلالهم وكيديان وصراعات وصلت بهم لدرجة التصفية الجسدية والقتل داخل سورها وحرمها لأتفه الأسباب وهذا ما نسمعه ونقرأه على صفحات الجرائد والصحف اليومية والمواقع الإسفيرية وهذا دليل على ضعف إدارة الجامعات وعدم وضع القوانين الرادعة والصارمة مما أصاب المجتمعات بمرض العجز والهزال والتشرد المنتشر في العالم وهو ينتقل بسرعة البرق في زفة العولمة ويسري في جسد المجتمعات كما النار في الهشيم ، كان وقتها المجتمع السوداني فريد في كل شيء ويضرب به المثل في القيم الإنسانية والتكافل والترابط والتعاضد والخلق والأخلاق والأدب والاحترام ولكن اليوم أصبح المجتمع السوداني ليس ذاك الذي كان يضمنا ويلمنا من الظروف والأقدار بتحنان وترحاب عفوي في حضن دافئ وأمن ورحيب وقطعاً هنالك أسباب كثيرة كانت هي المدخل الرئيسي لهذا الداء والذي يصعب علاجه أو استئصاله ، أولها تفكك الأسرة وغياب الأب وهو عمادها وعمودها وركيزتها الأساسية أصبح الأب اليوم غائبا وبعيداً كل البعد عن أبناءه وهو موجود معهم في المنزل تخلى عن دوره كأب ورب أسرة وترك الحبل على القارب متعللا بظروف الحياة وقسوتها وأحوالها المعيشية ناهيك عن بعده عنهم الروحي والأبوي وهذا دليل ناتج عن بعده عن الخالق عز وجل ، وأن الأم هي التي أصبحت تؤدي الدورين وهي التي تحمل هموم الأسرة بكل تفاصيلها والأب هارباً من البيت و يبحث عن راحته ومتعته الشخصية ،،،،،،، ما هماك عذابنا لا دموعنا وشقانا ظروف الحياة وقسوتها ومتطلبات الأسرة والأبناء والدراسة كلها تقع على عاتق الأم المغلوب على أمرها مما جعلها تطرق باب العمل وتلاقي ما تلاقي من صعاب ومتاريس ومضايقات وهي تتكبد كل هذه الظروف من أجل أن تنقذ حياة ومستقبل أبنائها ولكن يصعب عليها أن تتحكم في كل هذه الأمور وهي تخرج من بزوغ الفجر وتعود في الليل حاملة جسدها المنهك لترتمي في السرير وتتقلب في جمره كما الحية وهي تفكر كيف تسد رسوم ابنتها الجامعية أو ابنها في رياض الأطفال الذي أنذر لعدم سداد الرسوم والمواصلات ،،،،،،،، والخلافات بين الزوجين كثيراً مما أدت إلي انفصالهما وقطع علاقاتهما الحميمة وخراب بيت الزوجية بل أدت لخصام طويل شمل كل الأسرة وشتتها وكان من المفترض أن يتحمل الزوجان كل هذه المشاكسات رفقاً بهؤلاء الأبناء حتى لا يسلكوا طرق الضياع والتشرد وكذلك كان يجب على الأم أن تبتعد عن غرورها والمناكفات التي قلبت حياتها لهذا الجحيم وعدم فهمها لزوجها وهي التي عاشت معه عشرة عمر وخلفت منه البنات والأولاد وهو موظف عادي أو مواطن بسيط كادح رزق اليوم باليوم وعامل وميسور الحال لا يستطع سد رمقه فكيف له أن يوفر كل هذه المتطلبات وفي هذا الزمن الأغبر ومن هنا يبدأ الخلاف ويركبا موجة الضياع والقريب في الأمر يخرج الرجل من البيت تاركهم وأمهم في عالم أصبح لا يرحم ومن هنا تبدأ رحلتهم مع المآسي والوقوع في شباك الضياع الحقيقي والودار ولكن هنالك نساء تغلبن على هذه الظروف وعشنا من أجل أن تخرج أولادها من عتمة الحياة ولم تشعرهم بفقد الأب وهو أصلاً كان وجوده كعدمه ولكن لا ننسى أن وجود الرجل في البيت مهم حتى لو كان خيال لأن الزوجة هي أحوج ما تكون إليه لتسير الحياة وهذه سنتها ،،، بقلم فتحي أبودبارة المجمعة السعودية [email protected]