ألهمتْ أُسطورة بيقمليون الكاتب المسرحي الأيرلندي جورد برناردشو ليكتب مسرحية بنفس الإسم تُعانق فكرة الجمال والحرية رُغم أنه لم تربطه بالأسطورة سوى مدلولات إسم المسرحية فلم يكن لبيقمليون وجوداً حقيقياً بين شخوص المسرحية وأحداثها إلا أنه إستقى الحِكمة والفكرة مِن الأُسطورة حيثُ تحكي قصة التغيير الذي أحدثه البروفيسور هينغنز في بائعة الزهور الفقيرة ليزا والتي تطمح إلى أن تصبح سيدة مجتمع تتقن البروتوكولات واللغات السائدة في المجتمع البريطاني، ورغم أن المسرحية أهملت الجانب الرومانسي تماماً و الذى كانت الأسطورة الأصليه غارقةً فيه إلا أنه عمّق لتك الأفكار التى تؤصل لمفهوم الحب والجمال و حدود العلاقة بين الرجل والمرأة والى اي مدى يجب أن تكون. لم تلهم الأسطورة برنارد شو وحده فحسب، بل ايضا الأديب العربي توفيق الحكيم الذى كتب مسرحية حملت نفس الأسم والتي عالج من خلالها الأسطورة بطريقة مبتكرة تعانق بيئتنا لتتحدث عن الفتاة غير المتحضرة ومتواضعة الجذور (فلاحة) والتي تجد نفسها فجأة منخرطة في وسط المجتمع المخملي لتتحول تدريجيا الى جلاتيا الأصلية كما في الأسطورة لتغدو بالنهاية حطاماً وأثراً بعد عين...تماما كما حدث مع صاحب الأسطورة الأغريقي الأصلي..بيجماليون النحات البائس! فقد أفلح توفيق الحكيم في مُناقشة قضايا مِفصلية في علاقة الرجل بالمرأة مِن خِلال مشاهد المسرحية وشخوصها فقد كانت جميعها مُنصبة داخل الفِكرة ولم تخرج عنها، وكان الحوار يتحرك في جلال وسمو وخفة معبرا عن أفكار الكاتب بصورة يتفوق فيها على جميع مسرحياته. حُظيت بقراءة دراسة ثرية جداً فى الأدب المقارن –عبر أحد مواقع الإنترنت- للدكتور وليد الحمداني بعنوان بيجماليون ما بين توفيق الحكيم و بيرنارد شو، يقوم بدراسة مقارنة لأسطورة بجماليون بين الكاتب الايرلندي بيرنارد شو و الكاتب العربي توفيق الحكيم، تبين مِن خلالها التشابه بين مسرحية بجماليون عند بيرنارد شو و توفيق الحكيم حيث أن بيرنارد شو تأثر بالأسطورة اليونانية القديمة ، وكذلك توفيق الحكيم الذي تأثر بالأسطورة اليونانية و بمسرحية برناردشو بالرغم من الاختلاف الظاهر بينهما الذي يعود إلى بعد كل منهما أو قربه من الأسطورة، ومن الطبيعي أن يؤثر السابق باللاحق ، خاصة أن كلا الكاتبين كتبا في جنس أدبي واحد هو الفن المسرحي ، ولا شك أن توفيق الحكيم قد استفاد من البناء المسرحي لدى بيرنارد شو وقد اعترف الحكيم بقراءته لعمل بيرنارد شو ، وهذا يتضحُ جلياً في تقابُل في الشخصيات و الأحداث اللذان أُخذا مِن لُب الأسطورة. كذلك ظهرت مسرحية My Fair Lady من إخراج جورج كوكر إنتاج العام 1964 ومن بطولة أودري هيبورن و ريكس هاريسون حيث تدور حول إستقاء الحِكمة من الأسطورة حيثُ اصلت وركزت على أن المرأة أصبحت تمتلك سر التحرر وهو العلم،وانه يمكنها من خلال علمها أن تعمل وتحقق أيضا استقلالها الاقتصادي وترتقي من مجرد تمثال جميل إلى إنسان ذات كينونة وحرية، المسرحية بتدور فى قصة البطل الذى يأتي ب"إليزا" بائعة الزهور السوقية ويُخضعها لتجربة علمية، ليؤكد أنه قادر على تحويلها من فتاة جاهلة إلى سيدة مثقفة وراقية. والأمر هنا ليس مجرد تحول مادي أو طبقي بل هو تحولٌ جذري، فكري وسلوكي يسبر فى أعماق الإنسان. اذ لم يعد من الممكن بعد أن ارتقت إليزا واتسع وعيها أن تفكر بالزواج من طبقتها. فتدخل مرحلة صراع جديدة مع أستاذها في محاولةٍ للايقاع به والزواج منه. فهو أستاذها وصانعها ومثلها الأعلى. لكن إليزا الجديدة وبعد رفضه هو لها لانه ثرى مغرور سرعان ما تدرك أنها أصبحت تمتلك سر التحرر ترفضه هى ايضا وتتركه. وكذلك صاغ الكاتب المصري بهجت قمر فى مسرحيه حملت اسم سيدتى الجميله قام ببطولتها الفنان فؤاد المهندس و شويكار ولكنه أضاع العمق الفلسفي للأسطورة حين مزجها بقالب كوميدي ضيع الكثير من الإشارات العميقة وكذلك فهي نفس القصة المقتبسة من مسرحية برنادشو فقد ظهر للمسلسل الكوري خاطفه القلب، وفي المُقابل فإن النُسخة الإنجليزية لمسرحية سيدتى الجميلة وأخيراً لابد من التطرق لنظرية علم النفس التربوي المعتمدة على أسطورة بيقمليون للعالمين التربويين Rosental و Jackobsen، تعتمد النظرية التربوية Pygmalion methodology على مبدأ الأثر الذى تُحدثه الآراء المُسبقه، وتُسمى بتأثير بيقمليون أو أثر بيقمليونPygmalion Effect على الجانب التربوي والنفسي، بتعتمد النظرية أو المثدولوجي على مبدأ (الأثر الذي تُحدثه الآراء المُسبقة يعنى بشكل أبسط أن الأحكام القَبْلية للمدرسين على تحصيل التلاميذ، وقد بيَّنت الدراسة أنَّ هناك علاقة بين مواقف المدرسين القَبْلية وما يتوقَّعون تحقيقه من نتائج فعليَّة، ومَرَدُّ ذلك إلى علاقات التواصُل والتفاعل التي رَبَطها المدرس مع التلاميذ من آرائه المسبقة، فمِن خلال هذه الأشياء يدعم المدرس بعضَ التلاميذ، ويَجعل تعليمهم إيجابيًّا، ويدفعهم إلى كَسْب الثقة في أنفسهم يعنى أنه كلما كان رأي المدرس إيجابيًّا، عَمِلَ على تعزيز موقف التلاميذ، من خلال حركاته وملامحه، وكلامه وتوقُّعاته، وأسلوبه تعامُله معهم ويحدث العكس كلما كان هذا الرأي سلبيًّ. و على ذات النسق إذا حاولنا تطبيق هذِه النظرية التربوية على علاقة المجتمع ككل (وليس الرجل فقط) مع المرأة سنجد أن هنالك مفهوم ونظرة مُسبقة للمرأة بأنها ضعيفة هزيلة لا تصلح لشئ سوى الزينة والتعامل معها من منظو جمالها وأنوثتها- وإقصاءعقلها وشخصيتها- مما أدى إلى حبس المرأة اتحبست فى تلك النظرة الضيقة جداً، مِن حق الرمرأة أن تمتلك حُريتها حتى وإن كان الرجل سبباً في منحها مفاتيح ذلك التحرر. هسمات - عبير زين [email protected]