أهلية رئيس الجمهورية حددها الدستور الانتقالى لسنة 2005م، حيث حددت المادة «53» من الدستور الشروط التى يجب أن تتوفر في المرشح لمنصب رئيس الجمهورية كما يلى: «أ» «أن يكون سودانياً بالميلاد «ب» أن يكون سليم العقل «ج» ألا يقل عمره عن أربعين عاماً، «د» أن يكون ملماً بالقراءة والكتابة، «ه» ألا يكون قد أُدين في جريمة تتعلق بالأمانة أو الفساد الأخلاقي، ولم يتطرق الدستور الى أية صفات اخرى يجب توافرها او انعدامها فى المرشح، كأن يكون منتمياً لحزب سياسى او مستقلاً، ولم ترد فى الدستور أية اشتراطات حول مهنته كونه مهندساً أو ضابطاً فى الجيش او محامياً، وحدد الدستور أجل الولاية طبقاً للمادة «57» كالآتي: «يكون أجل ولاية رئيس الجمهورية خمس سنوات تبدأ من يوم توليه لمنصبه ويجوز إعادة انتخابه لولاية ثانية فحسب»، وسمى الدستور أحكاماً انتقالية لأجل ولاية رئيس الجمهورية ونائبه، كما جاء فى المادة 69 «1» إذا جاءت نتيجة الاستفتاء حول تقرير المصير مؤيدة للوحدة، يكمل رئيس الجمهورية والنائب الأول أجل ولايتهما وفقاً لنص المادة «57» من هذا الدستور، «2» في حالة اختيار مواطني جنوب السودان الانفصال، يستمر رئيس الجمهورية في منصبه إن كان من الشمال، أما إذا كان من الجنوب فيعتبر مستقيلاً، ويتولى النائب الأول منصب رئيس الجمهورية ليكمل أجل الولاية لحين إجراء الانتخابات القادمة. إذن فيم الخلط ولماذا الخلط فى الحديث بين دستورية الترشيح وأهلية المرشح، فها هى قيادات الحزب النافذة تتحدث عن مشكلة حزب المؤتمر الوطنى فى انه لم ولن يجد من يخلف الرئيس البشير، وكأنما البشير بمجرد أنه رئيس حزب المؤتمر الوطنى فهو سيكون رئيس الجمهورية القادم، فبينما يميل الدكتور غازى الى انفاذ الدستور وعدم تعديله ليتسق مع حاجة المؤتمر الوطنى ولكى يتفق مع ما يراه السيد قطبى المهدى من عدم وجود بديل للبشير داخل المؤتمر الوطنى، بل وامعاناً فى التضليل يذهب السيد قطبى الى ان البديل للبشير ليس موجوداً حتى خارج المؤتمر الوطنى، ولعل فى هذا احتقار ما بعده احتقار للشعب السودانى بقواه وأحزابه المختلفة بما في ذلك حزب المؤتمر الوطنى نفسه، ولئن سلمنا جدلاً بتقييم السيد قطبى لحزبه واقراره بأن حزبه يفتقر لأية قيادات او كفاءات يمكن ان تترشح للرئاسة بخلاف البشير، فإننا لا نتفق معه فى افتقار بقية الاحزاب لقيادات تتحلى بالاهلية لهذا المنصب، كما ان هناك الكثير من الشخصيات القومية او المستقلة مؤهلة للترشح للرئاسة. ويكفى أن انتخابات الرئاسة الماضية التى فاز فيها الرئيس البشير، كان ابرز المشاركين فيها الاساتذة حاتم السر والاستاذ كامل ادريس والاستاذ عبد الله علي ابراهيم والاستاذ منير شيخ الدين والاستاذ ياسر عرمان، وآخرون لا احد يشك فى انهم والمئات غيرهم من ابناء الشعب السودانى وبناته مؤهلون لكى يكونوا رؤساء محترمين لبلادهم. انه لمن المؤسف ان يدعى حزب المؤتمر الوطنى على نفسه تسفيهاً وتهويناً، هذا الحزب الذى استمر يحكم لمدة تزيد على العشرين عاماً، يتباهى بعقد مؤتمرات عامة يحضرها عدة آلاف، فما هذا الذى يحدث؟ مم تتخوف هذه القيادات؟ لطالما ملأ حزب المؤتمر الوطنى الدنيا ضجيجاً بأنها لله، فلماذا قلوبهم شتى، ولماذا يسربون الحديث عن خلافات بين قيادات الوطنى ولماذا يروجون لها، نعم شهدناً اختلافات كبيرة واتهامات بالتدخل فى نتيجة انتخابات قيادة الحركة الاسلامية، وشهدنا تمرد «سائحون»، ومؤامرات وانقلابات، كل هذا حدث والبشير رئيساً، فما هو الأسوأ المتوقع حدوثه ان لم يكن البشير هو الرئيس؟ ما هو السيناريو الاكثر اخافة من هذا للسيد قطبى وآخرين؟ لقد جاء حديث الرئيس البشير واضحاً وقاطعاً بعدم نيته للترشح، وانه لن يخضع للضغوط الحزبية التى تدفع به نحو التراجع عن قراره، السيد الرئيس تحدث عن ظروف البلاد التى جعلته يقرر ذلك، وان البلاد فى حاجة الى تجديد الدماء، وعندما سُئل عن الخبرات قال الخبرات «موجودة والحمد لله»، هل يريد السيد قطبى وآخرون ان يقولوا انهم ادرى بشؤون الحزب اكثر من الرئيس؟ ووفقاً للمادة «57» من الدستور الانتقالى لسنة 2005م ففى يوليو 2015م يكون المواطن عمر حسن احمد البشير قد اكمل ولايتين «5 سنوات لكل ولاية» وإن ترشيحه لولاية ثالثة غير دستورى، ولا يختلف اثنان فى حقه فى رئاسة حزبه، وللمؤتمر الوطنى مطلق الحرية فى ان يختار من يشاء لترشيحه لانتخابات رئاسة الجمهورية، وله بالطبع ان يغير ويقدم ويؤخر ويبدل فى لوائحه الداخلية التى تتيح له ذلك، ولا أحد يتوقع ان يتجه حزب المؤتمر الوطنى لممارسة الضغط على السيد الرئيس للعدول عن رأيه، ففداحة الخسائر المترتبة على ذلك تتجاوز مصير حزب المؤتمر الوطنى «المهدد وفقاً لقطبى وآخرين» وتهدد بانفراط كامل للحالة الهشة التى تعيشها البلاد، كما أن اى اتجاه لتعديل الدستور فى غياب القوى السياسية يضع البلاد مباشرة فى طريق لا يمكن التكهن بنهاياته التى هى فى كل الاحوال نهايات كارثية. إننا ندعو السيد قطبى إلى اظهار الاحترام لحزبه وقياداته!! [email protected]