يبدو أن زحمة الأحداث السياسية التي تتجه مؤشراتها في كثير من مناطق السودان خاصة الملتهبة بالحروب نحو السالب، غشتها موجهة من التفاؤل بمبادرة الدكتور على الحاج القيادي بالحزب الشعبي، وتصريحات نائب رئيس الجمهورية علي عثمان طه، وقرارات رئيس الجمهورية باطلاق سراح المعتقلين السياسيين وإطلاق الحريات تهئية لمناخ الحوار من ثم الخروج من (عنق الزجاجة).. بمنطق الشريعة عليها بالظاهر فليهنأ المتفائلون بهذا الحراك السياسي المتجه نحو الخروج من دوامة المشكل السوداني.. ولكن فكرة إطلاق سراح المعتقلين تهيئة للمناخ السياسي ما زالت تلاحقها الشكوك والتفسيرات التي تهمس في أذن الرأي العام بأن الهدف الأساسي والمقاصد المشروعة في فقه الإنقاذ هو البحث عن توليفة (ظريفة) وفقاً لفقه السترة لمنح العفو العام للمتهمين بالعملية الانقلابية الأخيرة، وعليه كان سيناريو تهيئة المناخ السياسي الذي أتقنت الإنقاذ إخراجه بدقة، لأن تجارب الإنقاذ مع الذين اتهمتهم بالانقلابات العسكرية لم تكن رحيمة التفاصل، بل بعضها تجاوز الشرع الشيء الذي أحدث شرخاً عمقياً بين الإنقاذ وبعض البسطاء الذين كانوا مفتونين بطريقتها وشرعة منهاجها السياسي. المتفائلون يجزمون، ولا يضعون مكاناً للشك في أن قادة الإنقاذ في هذا المرة صادقين في حوار مع الآخر في ظاهره الرغبة، وفي باطنه الإرادة لا لكونهم وصلوا إلى درجة من جلد الذات دفعتهم لتغيير العقلية الأحادية، بل الظروف الحالية، والتحديات التي يمر بها السودان لم تكن في صالح الحزب الحاكم، ولابد له من أن يشرك الآخرين في مآلات الوضع الحالي كيما يتفرق دم كل الإخفاقات على الأحزاب السياسية حينما تصبح جزءاً من الكل الإنقاذي، كما يعتقدون أن تجارب اتفاقيات السلام نيفاشا، أبوجا، والشرق، والدوحة جعلت حزب المؤتمر الوطني (يعصر على قلبو ليمونة) لكي يهضم الشراكة، بمعنى أنه يمكن (ليمون توتي) يسهل عملية هضم شراكة تجمع الوطني والشعبي والأمة والشيوعي، والشعبية –قطاع الشمال، والحركات المسلحة. بيد أن السابري غور الإنقاذ، والمدركين الأبعاد النفسية للذين أخذهم بريق السلطة ولمعانها، ووهجها، يسخرون من زحم التفاؤل بأن أهل الإنقاذ يملكون القدرة على الزهد في المناصب.. (المناصب مقابل بقاء الإنقاذ)، إنها معادلة صعبة في تمرين مدرسة الديمقراطية ،وهنا ترد التساؤلات هل قادة الإنقاذ لن (يتأتأوا) في دروسها؟، وهل يدركون فك طلاسم بعد مفاهيمها، ألم يكن عالمها غريب أي الديمقراطية ودولتها عجيبة في منظور من جاء على العرش محمولاً على الدبابة.. هل يا ترى الشعب السوداني في هذه اللحظة يقف في خانة المتفائلين ليرى جمهورية الإنقاذ الثالثة وهي تمثل ألوان الطيف السياسي السوداني بتنوعه المتعدد المسميات؟، أم يردد (ونس يا وطني)!!؟.أم الضغوط الدولية لتنفيذ التسوية السياسية أكبر من اية محاولة للهروب من الحوار مع الاخر!!؟ . الجريدة [email protected]