ليس المرض وحده هو الذي أخر محاكمة المدير الأسبق لمخابرات المشير وإنما قصد بذلك فصل مصيره وقرار عقابه عن بقية قادة المحاولة الإنقلابية الأخيرة، وذلك لأن صلاح قوش لم تقده نية حسنة ولا ظلم واقع على الشعب سعى لرفعه أو حتى تصحيح المسيرة التي لا نراها كانت سوية يوماً، لكن فليكن كما يدعوا السائحون والمهمشون من أبناء النظام لتصحيحها وتنظيفها.. ولأن المحاولة الإنقلابية هذه هي الثانية التي يقوم بها قوش، لم يجد عناصر عصابته ورفقاء سوئه عدلا في أن يجعلوه مع الفاشلين في إمتحان دخلوه أول مرة، وهو البليد الذي فشل مرتين، وإن كان ذكاءه إنقذه من المحاكمة يوم ان استدعاه المشير إلى القصر وجاء مسرعا وهو مدير المخابرات وقتها ولما رأى عبد الريحم متجهما بجانب المشير هتف: يا ريس وين انت..أنا بفتش ليك ودايرك في موضوع ضروري ومستعجل.. فرد عليه المشير: موضوع الإنقلاب؟ فأجاب قوش:هو إنت عرفت؟ وألحق بورقة أخرجها من جيبه بها أسماء ثمانية من ضباط الجيش والأمن، وسلمها مشيرهم.. وعبدالرحيم الوزير بالنظر جالس بلا حراك وكأن قلبه توقف، كما ازداد تجهم وجهه حتى كادت السفة تذهب مع ما يخرج من فمه بين كل لحظة وأخرى.. غير أن المشير قتل حيرته حين تقدم إليه وأقتلع قلما من جيب سترته العسكرية كتب به إسما تاسعا في الورقة التي جاء بها قوش وحوت ثمانية أسماء والإسم التاسع لم يكن سوى، صلاح عبدالله (قوش) وكتبه المشير في أعلى الورقة وأعادها إليه ليقول صلاح: بس ياريس أنا ما معاهم.. لكن نظرات المشير كانت كافيه ليمسك قوش عن الكلام ويعرف أن الستار اسدل.. وهنا انتهى إنقلاب قوش الأول في أغسطس من العام 2009 في مرحلة التخطيط.. فيما انتهى قوش نفسه عندما قال الوزير بالنظر: يا ريس..أنا شاف نعيين محلو محمد عطا وننتهي من موضوعو ده.. لكن خطوة العفو عن الذين خططوا معه للمحاولة الإنقلابية الأخيرة وإطلاق سراحهم دون أن يشمله ذلك، يؤكد أن الحساب ولد، وأن الثانية ليست كما الأولى.. [email protected] محمد العمري