بعض من ولايات السودان ربما لم تكفيها الجرعة الاعلامية التي يجود بها التلفزيون القومي وبالاخص في المناسبات او الكرنفالات السياسية الموسمية ففكر ولاة هذه الولايات وحكامها كثيرا واستدعوا عبقرياتهم وطرقوا يبحثون في في عدة خيارات بحثا عن اضواء اضافية فجادت قريحة السلطان بالفكرة والحل الذهبي في بناء وتاسيس قناة فضائية ترضي جناب الوالي وتمشي في رحابه اينما حل وكيفما حل لا تتحدث الا بلسانه ولا تسبح الا بحمده فهي "فضائية الوالي" فتسوقت الفكرة وراجت داخل المنظومة الحاكمة فتم الحشد "الكورالي" والكمبارس لتاييد الفكرة ومساندتها واحالتها الي واقع مهما كلف ميزانية الولاية من اعباء مالية ودون النظر الي نتائج هذا المشروع وفائدته لجماهير الولاية ولا يهم الذات السلطانية ان كانت هذه الجماهير تتدني عندها الخدمات وتتدحرج باستمرار الي خلف حد الكفاف والفقر وتشقي في سبيل البحث عن مشافي وتنمية . فالقضية اذن هي ليست قضية اعلام غائب او منقوص وانما القضية في كلياتها تشي الي ان هناك افكار غير ناضجة تتمحور حولها السلطات الولاية قبل ان تضعها علي نار هادئة حتي تنضج وتصبح ذات جدوي تعود فائدتها وتاثيراتها الموجبة علي المجتمعات الحضرية والريفية بالولايات . لا احد يقف ضد أي مبادرة للبناء والتنمية البشرية والمادية ولكن المبادرة ذاتها حينما تفقد الفكرة الرشيدة والرضاء العام تصبح مجرد عبس "وملهاة" لهدر المال والجهد والوقت وتعكس حقيقة الخلل في ميزان الاولويات فمثلا ما الذي يدعو حكومة ولاية نهر النيل بان تمضي في عناد من اجل مشروعها الاعلامي "الفضائي" رغم اتساع قاعدة الرفض لهذا المشروع حتي من داخل الحكومة نفسها فهل من الاجدي لحكومات نهر النيل والبحر الاحمر والجزيرة وكسلا ان تمضي وبخطي مسرعة في انفاذ هذه الافكار . ويعتقد الكثيرين ان فكرة القنوات الفضائية لا تستند علي سيقان بمعني ان القاعدة الجماهيرية او المستهدفة من هذه القنوات الفضائية ستكون هي الغائب الاول في استراتيجية العمل الاعلامي لهذه القنوات والتي لن تتحدث بغير لغة الوالي وفكرته ورؤيته بل رضاءه التام والابتعاد عن موحيات غضبه دون الاعتبار الي فلسفة "نصف الحقيقة لدي الطرف الاخر" وبالتالي لن يشاهدها احد مهما تحلت بالمشهيات والمحسنات وبالتالي لايتعدي نطاق انتشارها حدود الدائرة السلطانية المغلقة . تلك هي الموضة الجديدة التي باتت فكرة كل وال او حكومة ولائية والغريب والمريب ان بعض الولايات لم تبني فكرتها علي معايير علمية او موضوعية ولم تخضع الامر الي دراسات او بحوث حتي تخرج بنتائج وقناعات تدفع في اتجاه تحقيق مشروع القناة الفضائية ربما لبعض هذه الولايات مبررات حقيقية حتي تمضي في هذه الفكرة ولكن تبقي الفكرة الاكثر حظا ان كل وال من هؤلاء يحاول ان يستقل بذاته السلطانية . وفي ظني ان أي حكومة ولاية ليست لديها فكرة او مشروع او برنامج لتحسين واقع الناس وتلبية احتياجاتهم وتخفيف احزانهم ليس جديرة با تعطي الحق في انشاء قناة فضائية خاصة بها فالمشروع هذا يصبح شكل من اشكال الترف غير المرغوب فيه . نبض المجالس هاشم عبد الفتاح [email protected]