وقف عند مفترق طرق ....غربة امتدت به وتطاول عليه ليلها ... لازالت روائح الصبر ...نافذة بين احاسيسه المتأرجحة طعم السنوات التى عبرته ... احلامه العالقة ... واسوار الاغتراب الشاهقة تحول بينه وبين حلاوة اسمها العودة المرتقبة.... حيث الحنين الممزوج فى نظرات... اهله الطيبة رغم انهم يحفروا باظافرهم... على صخر المعاناة والعوز...... اخبار الوطن مطرقة على رأسه... الذى تبلدت احاسيسه من جراء الماسى.. التى تنمو مثل الطاعون المهلك... تتكدس المحن فيه .. فيقشعر جلده حين يسحقه... ذلك الاحباط المريع.. كلما تستبد به الذكرى تسحب عواطفه قسرا فى اتجاه ارض تركته حبيسا بين جدران امنياته المغتربة فيه...اه ... نزعته لقمة العيش الى هناك ولكنه للاسف لم يجد نفسه هنا وضاع منه العمر هناك فبين المكانين يحاول ان يجد لذاته مفر..ما ... اوربما مهرب...نعم طارت به المعايش الى ارض ... قاحلة ماحلة خاوية من عواطف ولكنها تركت له الشىء اليسير من تلك الامال المبعثرة... فى كيانه المستكين...... فقد استبدت به ...الغربة ولكن... استبداد الوطن كان دائما...الاكثر الما .... المكان الاول...... مسقط الرأس...... لم ينسيه جفاف الاغتراب ايام كانت الاشواق تحف اعماقه بكثير من الرضا والبشاشة لم تنسى ذاكرة اشواقه المودة التى تفتح له الابواب على قلوب الاحباب الذين تجالسهم البساطة ... الاغنياء بالقناعة بدون مال ....تذكرت اشواقه رحابة صدورهم ونقاء نفوسهم وسرائرهم وطيب سلامهم... وضيافة حنينهم .....واريحية كلامهم ... وفى ذات المكان جلده الصبر..جلد غرائب الابل..وداهمه الخوف ... ونازعه الفقر تلك الحياة الهانئة التى اصبحت فى الماضى.... جرحه الفشل... الذى... اكتنف...اعز مكان الى قلبه..واختنقت بسببه الاحلام ... استولى عليه الضيق فلم يترك له مخرج صدق الا الانعتاق ...من الاوطان... عاكس مبدأه ومقصده وغير الاتجاه لانه بالامس كان يؤكد انه سيظل صامدا كالطود ... لا تزعزعه رياح المكاره اه... كم كان يتباهى بسودانيته وقوميته ... كم كان يبغض الاغتراب جملة... ويرفضه تفصيلا.. حين يتمشدق قائلا... وطنى ولا ملى بطنى...وتدور فيه وحوله الايام بسطوتها...وتمارس الانتكاسات قوة جبروتها وقسوة قبضتها .. وعنف ...امواجها العاتية .... فتدفعه دفعا.... الى سفر المحتاج... مكلوم ....مسحوق محروم... بين شح المال... وتردى الحال..... المكان الثانى..... الضفة الاخرى..... يستدرج الاغتراب... صاحبنا ...الذى لم يكن له من مخرج... الا ..الاتجاه الواحد وتمضى عبره الغربة بما فيها... وتسترسل فيه باشواكها واشراكها ...فى وجدانه الى اقصى الاعماق يحاول ان يبلد كل احساس فيه فيترك نفسه للانحسار او الانكسار او الاحتمال ... وينحنى صاحبنا... اجبارا لرياح الغربة حتى تمر بسلام وهو بين الشد او الجذب والانتظار... يتحسس بين كيانه بصيص الامل حتى لا... يقتلع قلبه الاحباط فمن الضروريات ان يعلم اقدامه الثبات ويتماسك حتى لا تسقط الغايات بدون عودة فان يقف على امل.... خيرله الف مرة ...من ان يسقطه.... الانهزام..... مخرج..... لاتوجد وسطية للمغترب بين المكانين ...فلايوجد بين النارين مهرب فالمغترب مستوى فى الحالتين ولكن الفرق... يكون طبخه فى الغربة على نار هادئة.... بينما يشوى الى حد الاحتراق.... فى الوطن... على... لهب... مشتعل.... [email protected]