حتي وقت قريب كان التقسيم الجغرافي للسودانيين يقتصر على شمال وجنوب , وحتي اليوم هناك من يقول أن أبيي وسكانها من الدينكا هم شماليون ! ... لقد كان كل من هو غير جنوبي فهو شمالي , بذلك فقد كان مالك عقار وياسر والحلو وعبد الواحد وغيرهم من قاده الجبهه الثوريه شماليون ! . علت أصوات كثيره هذه الايام تحاول زرع مزيد من الخوف وسط الشماليين من الجبهه الثوريه وتحذر الشماليين منهم , ومن ما ينتظرهم من دمار علي يد الجبهه الثوريه وقادتها اذا ما انتصرت عسكريا .. بل وما ينتظرهم من تصفيات عرقيه !!!. بعد أن تكشف كذب وخداع الدوله السودانيه التي استخدمت أنسان الهامش في حروبها العبثيه في جنوب السودان بدواعي اختلاف الدين ونجحت في ذلك الوقت نتيجه الجهل في حشد الهامش كله ضد الجنوب في تلك الحرب الملعونه , ونتيجه لذلك التقسيم فقد أغلبنا احساسه بما أفرزته الحرب من معاناة أهل الجنوب الذين لم يجدوا أي نوع من التعاطف من الغالبيه العظمي من السودانيين , وأدي ذلك لفقدان الجنوب و أنشاء دولته المستقله . عند تفجر الصراع في دارفور كان لابد للدوله الفاشله من تدمير أي تعاطف أنساني مع ضحايا الحرب في دارفور واستخدمت ذات الاسلوب القذر بأن قسمت السودانيين مجددا وهذه المرة لعرب وأفارقه , وبثت تلك السموم وللأسف انها نجحت مجددا في زرع أسفين نفسي بين السودانيين ولم يكن مثيرا للاستغراب أن تري مظاهرات في كل عواصم العالم ترفض الابادة الجماعيه في دارفور بأستثناء العاصمة الخرطوم , التي مر الامر علي سكانها كأن دارفور في كوكب المريخ. بل أن الدوله مستخدمه المال القذر عملت علي حشد الاقلام المأجوره في التشكيك في حقيقه ما جري في دارفور وفي عدد الضحايا وفي الاهداف والاسباب التي من اجلها حمل المقاتلون سلاحهم في وجه الدوله. عندما بلغ الأمر في دارفور ذروته بصدور أمر قبض الرئيس برزت للعلن وبصوره لا تدع مجال للشك كم هي عميقه الفجوه النفسيه بين السودانيين الشماليين من جهه و بقيه خلق الله من السودانيين الأخرين , فقد اصطف في تلك الايام جميع الشماليين تقريبا مع البشير وضد المحكمه الدوليه , أي ضد أنصاف الضحايا , وضد أحقاق الحق , ولن ينسي أهل الهامش أبدا ما صدر من البشير في تعليقه على الاغتصاب الذي مورس بصوره ممنهجه في دارفور بأن الجعلي ان اغتصب الدارفوريه فهذا شرف لها . هناك بعض قليل من الشماليين قال بالمحاكمه داخل السودان مع علمه بأستحاله ذلك بعد أن تم تدجين القضاء بالكامل. كما لن ينسى أهل الهامش ما صدر عن الصادق المهدي في ذات الايام من أن البشير جلده ولن يجر فيه الشوك , مع أن الصادق المهدي يعلم بأنه و حزبه بدون المهمشين يساوي صفر كبير ... كل ذلك يدلل بأن الفجوه النفسيه بين السودانيين كبيره , فجوه تجعل المتشدقين بالاسلام يقبلون دون أن يرف لهم جفن بهتك الاعراض وقتل الانفس دون أن يجدوا أي حرج في ذلك ... مع أن قتل النفس هي أكبر جريمه في الاسلام ... الان ماذا يخشى الشماليين ؟ أغلب كتاب الرأي من الشماليين يرون في انتصار الجبهه الثوريه عسكريا سيصحبه أنتهاكات واسعه لحقوق الانسان وتصفيات عرقيه , يتجلي ذلك في تصديقهم وترديدهم للروايه الحكوميه بأن هناك تصفيات عرقيه تمت في أبوكرشولة , وبذلك فهم يقفون مع الحكومه لأن الامر الان دخل الحوش و يا روح ما بعدك روح ... هذا الموقف هو تجسيد عميق لمدي أنانيه الانسان السوداني واستعداده لقبول كل الموبقات وكل الجرائم وكل الأكاذيب أن كانت بعيده عن طينه ! , أو كانت تخدم مصالحه والا فما الذي يجعل مثقف شمالي مثل الدكتور الأفندي وهو سيد العارفيين بأكاذيب أخوانه السابقين وانعدام أخلاقهم , يردد مزاعم الحكومه الفاشلة بالتصفيات العرقيه في أبوكرشوله ؟!, مع أن الجبهه الثوريه أنكرت ذلك وأعلنت استعدادها لقبول لجان تحقيق دوليه للتقصي حول هذا الأمر نعم يحق لكل شمالي أن يشعر بالخوف , يحق لهم أن يشعرو بالخوف والذعر بقدر ما أرتكبته الدوله السودانيه من جرائم في حق السودانيين وكان أول الضحايا هو هذا الشمالي الذي أوهمته الدوله بأنه مختلف عن الاخرين . ما لا يعرفه أغلب الشماليين هو أن كل التنميط الذي رسخ داخلهم عن انسان الهامش هو محض أفتراء واكاذيب , والا لم سلم أسري القوات المسلحه أن كان المقاتلين الجنوبيين يكرهونهم بالفطره كما تروج دعايه الكراهييه . لا أحد لا يعرف حقيقه ما أرتكبه الجيش السوداني والمليشيات التابعه له في الجنوب من فظائع يندى لها جبين البشريه , بما في ذلك القاء الناس في النار أحياء ... ومع ذلك تسامح أهل الجنوب مع الشماليين , جميع الشماليين وفقا للتقسيم القديم والجديد , والان هناك مئات الألاف من الشماليين يعيشون في جميع مدن الجنوب دون أن يتعرض لهم أحد ... أهل الهامش مع قساوه مأساتهم الا أنهم ليس لهم خيار أفضل من التسامح والتسامي فوق المرارات , ولأنهم خبروا الحرب وعرفوا مأسيها , فمن تذوق طعم الحرب وعاشها يكون أحرص من غيره على أن لا تعود ... ولأنهم خبروا الحكم وعرفوه قبل أن يعرفه الأخرين فأنهم أجدر من الاخرين على ذلك وأهل له أكثر من غيرهم وهذا ما ستثبته الأيام ... [email protected]